في البداية أُبارك للأمة العربية والإسلامية حلول هذا الشهر الفضيل ، شهر الله وشهر العبادة والإيمان والتقوى ، شهر أيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي ، وأتمنى من الله القدير أن يوفق الجميع فيه لصيامه وقيامه ..
أيها المؤمنون الكرام : إن أمتنا تمر اليوم بأخطر مرحلة من تاريخها وحياتها ، وذلك بعدما تبدلت قيم الحياة في مجتمعنا ، وتقاتل القوم فيه على أسماء سموها - ما أنزل الله بها من سلطان - ، أسماء من الطائفية والمذهبية أسماء وصفات لم تكن خيارنا ولا الخيار الذي أراده الله لنا ، بل كانت إرادة الله واضحة في أن نعمل صالحاً ونجاهد من أجل إعمار الحياة وبناء الإنسان ، ولقد كانت رسالته لنا في تعزيز القيم الأخلاقية والإنسانية ، لنكون في ذلك خير أمة أخرجت للناس نأمر بالمعروف وننه عن المنكر ، لا أن يذبح بعضنا بعضاً ولا ان نتنادى إلى قيم الجاهلية والتنابز بالألقاب ، ولا إلى دعاوى باطلة في إننا الفرقة الناجية وغيرنا إلى سعير ، وكان شعار نبينا - أدبني ربي فأحسن تأديبي - كان هذا في المعاملة مع النفس ومع الغير في البيت وفي السوق وفي الشارع ، وكان شعار الله - إن أكرمكم عند الله أتقاكم - لا أكثركم قتلاً وسفحاً للدماء وإغتصابا للحقوق وللأعراض .
أيها الناس : إن مأساة التقاتل بين ابناء الشعب الواحد عمل شيطاني بأمتياز ، ولقد ركبناه كلنا ومشينا فيه حتى أضلنا السبيل ، وها نحن نُفاخر أينا يحقق غلبة على أخيه أو يتحين له الفرص ليكيد به وينتقم منه ، إن ثقافة تسود اليوم في مجتمعنا ويُعمل على تروجيها تخلط على العقول وعلى الضمائر ، ولهذا فعلى المرجعيات الدينية والشعبية العمل الكبير لرئد الفتنة ودعوة المتخاصمين إلى كلمة السواء ، خاصة وبلادنا يُعمل على تفتيتها وتقسميها وخلق بؤر للفتن بها تلازمها وتحد من نشاطها وتقدمها وإعمارها ، ولقد كنت أقول وأقول إن أخوف ما أخافه على شعوبنا هذا المرض الزاحف إلينا من خارج الحدود ، مرض الطائفية اللعين ومن يتمترس بظلاله ، لعله يحقق بعض مكاسب حتى وإن جاءت على حساب الشرف والناموس .
وسأعيد لكم ما لا يخفى عليكم بأن تقسيم العراق وتقطيع أوصاله سيجرنا إلى حرب تطول وتطول ، حتى تحرق وتدمر كل ما كان وما يمكنه ان يكون ، ولهذا فدعوتي للجميع من أي الفئات والمكونات والأطياف ، هي فرصة واحدة باقية أن أضعناها فلنقل على العراق السلام ، ولا يندبن بعد ذلك الحظ من يعمل من غير هدى وليستعد للأسوء في ظل هذه الظروف القاهرة المجنونة التي حُملنا إياها .
إن شهر رمضان فرصة لمراجعة الذات ومراجعة المواقف ، وهي فرصة ننشد فيها رضا الله عن عملنا وسلوكنا ، فالشقي من حُرم غفران الله له في هذا الشهر ، والشقي من يحمل سيفاً ويقتل ويذبح تحت بند تخويف الناس لكي يؤمنوا به وبطريقته ، إن أسلامنا الذي نعرفه لا يعرف التطرف ولا التكفير إنما يعرف الحق ويدلنا عليه ويقول – أعرف الحق تعرف أهله - ، وأهله هم الدعاة إلى الخير وإلى التسامح وإلى التعايش وعدم إعطاء الفرصة لضعاف النفوس وشذاذ الأفاق يتحمكوا به ويملو عليه شروطاً إرهابية ضالة ومُضلة .
إن الجيش العراقي يبقى حصن الوطن وسياجه مهما ترخى البعض أو تملص من أداء المسؤولية ، وعليه واجب وطني مقدس في تحرير البلاد من شر الإرهاب وعصابات الحقد ، وعليه مسؤولية وشرف إنتماء لا بد ان تتجسد في الأيام المقبلة ، وعلى الجميع مساندته ودعمه لكي يعيد الأمن للمناطق التي سلبها العدوان والحقد والكراهية المدفونة .
وليحمي الله العراق وشعبه من كل سوء