أقول : من حيث المبدأ نحن مع تشكيل التحالف الذي يبني الوطن ويتقدم به ، ونحن معه في فكرة تجميع القوى الوطنية في تحالف واحد وتكتل واحد ، وهذا المبدأ الذي نعتمده في السياسة هو أمر محمود ومدعوا له في ذاته ، ويكون كذلك حين يؤدي إلى صناعة فعل سياسي نافع ، ينتج عنه فكر وبرنامج عمل وطني موحد ، ينهض بالبلاد ويخرجها من دوامة الفوضى والعنف والطائفية والمذهبية والقومية اللعينة .
وسأشرح لكم هنا نظريتي إلى ذلك ودافعي إلى الدعوة إلى إنتاج تكتل وطني خالص من جميع المكونات وعلى إمتداد الوطن وسعته ، وذلك من أجل تشكل تكتل يطلق عليه - الأغلبية السياسية - ، والأغلبية : هي عبارة أو توصيف حال للعمل وللبرامج ، تكون وظيفته حسم كل الملفات الدائرة ، والتي تضعف هيبة الوطن وتجعله ذليلاً خانعاً في كثير من المواقف الداخلية والخارجية ، ومن يعرفني يعلم مُرادي ومقصودي جيداً ، وكما كنت في السابق مع المشاركة الجمعية لكل المكونات والطوائف في بداية تشكيل الدولة الجديدة ، كذلك أكون اليوم ولكن بنفس جديد وروح جديدة ، لقد كنت في السابق قلق من المصير المحتمل فيما لو فصلنا الشركاء ولم ندخلهم في قضايا الوطن والدولة ، حيث كانت الأحداث والتنافر والحروب والمعارك تزيدني قناعةً بصحة مشاركة الجميع في الحكم ، مع علمي أن لبعض الشركاء دور سلبي وحيادٌ مريب عن الطريق وعن الديمقراطية ، لهذا كان من اللازم القبول بذلك الحل التسالمي ، وذلك من اجل الخروج من دائرة القلق والتحالف السلبي ، والخروج بحد ذاته كان مطلوبا خاصةً في ضل إنفكاكات عميقة في جسد الوطن ، عمل عليها البعض للحصول على مغانم ومكاسب مضاعفة وضغوط أستثنائية ، لهذا لم يكن من الحكمة ولا من العقل المضي بالدولة على قارب أو في قارب مخروم أغرق ويغرق الكثير من مفاصلها وأجزائها ، ولا زال ذلك البعض يتندر ويتوعد بالمزيد ، وكما قلنا و نقول إن الرجوع عن الخطأ فضيلة ، لأن التماهي في الخطأ يؤدي إلى كوارث لا يمكن السيطرة عليها ، وليعلم الجميع إنني حينما أؤيد رئيس الوزراء في دعوته لحكومة - أغلبية سياسية - لم أكن في ذلك طامع بمنصب سياسي أو وظيفة معينة ، أو أنني راغب بذلك ، لكن دافعي و حرصي هو مشاهدتي ومسؤوليتي الأخلاقية والوطنية ، وذلك للخروج بالعراق من أزماته التي تصنعها حكومة الطوائف وحكومة التنافر ، كما أن شعبنا يعرف نوايانا جيداً وقد أكتشف ذلك بنفسه عبر هذه السنيين ، وعبر دعواتنا المتكررة إلى إتخاذ الخطوات الشجاعة فهي الكفيلة بردم هوة التزييف المصطنع والأزمات المفتعلة ، ولقد سمعت وشاهدت أفرادا في الحكومة كيف كانوا في حملاتهم الدعائية ، كانوا شرانيين بامتياز لأنهم أتخذوا من بعض الأخطاء حججاً وذرائع للتهويش وأخافت الناس لنوايا مبيته مسبقاً مع إنهم كانوا شركاء ومنتفعين ، وأصارحكم القول أني لا أخاف على السيد رئيس الوزراء لأني أعرفه كيف يمسك بعصا القيادة ، وأعرفه جيداً أعرف وطنيته وابتعاده عن الطائفية وما يؤدي إليها ، أعرفه من أيام النضال ضد الدكتاتورية المقبورة ، لذلك أعرف من ينفع العراق في برنامجه في هذه المرحلة من غيره ، وأعرف متى يلزمنا التغيير الوطني بعيداً عن المصالح الشخصية .
ان اشياء كثيرة قد تغيرت في فكر الإنسان العراقي وتبين معها أن الخطة التي وضعت لإقصاء نوري المالكي باءت بالفشل بدليل تصدر دولة القانون كل القوائم ، ومعها تبرز هشاشة المواقف الغير مشروعة وتهافت الدعوات دون النظر إلى إرادة الناخب العراقي ، ولهذا أدعوا الكتل السياسية أن لا تعيش الفوضى وزحمة الشعارات وتترك جانباً المعارك الفاشلة ، وتنفتح على الواقع فترى دورها وإسهاماتها دون اللهاث والبحث وراء المراكز والمناصب والقيادات ، ودون إلهاء للناس بهذه المتاهة والتذكر بان العراق محاط باعداء يتربصون به وبتجربته ، حتى لو أرتكز الأعداء على بعض النواقص والأشياء المفتعلة من جهة الإرهابين .
و لا ندري كيف سمح البعض لنفسه ان يبحث عن تكتلات خارج إطار الواقع و المنطق ، خاصةً و القضية ليست قضية شخصية ، ولا هي قضية مزاجية أو تنافر بين صبيان بل هي قضية وطن ، ولا زمها نفي صفة الماضي في السلوك السياسي والعملي وإنتهاج سلوك يؤدي إلى الخروج من لعبة الدوائر الضيقة والزوايا والأقبية التي شلت حركة الفاعل السياسي وجعلته مضطرب غير محدد وفاقد للعزيمة في الصراع الفعلي مع الإرهاب ، ولا ننسى ما يفعله هؤلاء بالفلوجة تلك البلدة العراقية العزيزة التي يساوم عليها البعض من تجار الدم ، ولا يعلمون ان في قضايا الوطن لا مساومات ولا انصاف حلول ، ولهذا نحن فخورون بما يقوم به الجيش هناك في غرب العراق ، وندعوه للإسراع في الحسم لكي يتفرغ الشعب للبناء والأعمار والعيش الحر الكريم ، إن نكسة العراق الحقيقية هو في تشجيع البعض لهذا الإرهاب والتطبيل له ببعض المحطات المشبوهه والحاقدة ، ونكسته الحقيقية في سعي البعض للتنصل من اللحمة والإنتماء والهوية ، ويظل الخروج منها رهين الشعور بالمسؤولية الوطنية ونفي التزاحم والتضاد والإيمان بمفهوم الوطن الواحد من منظور الأغلبية السياسية في شرعة الديمقراطية الممكنة ..