الكل له علاقة بالشأن السياسي.. والكل له علاقة بشؤون المعتقدات والديانات، وان كان ذلك بطرق ووسائل مختلفة.. الفاتيكان.. والحاخامات وغيرهم يتدخلون بالسياسة.. والحكومات بما فيها "العلمانية" تتدخل بالدين وشؤونه..
فالكل له مواقف سياسية ودينية.. ومرجعيتنا ليست استثناءً.. عندما تمارس واجبها، وعندما توجه وتفتي وتخطب وترسل المذكرات وتستقبل الوفود، وعندما تقاطع.. وان اقتضى الامر تقود الثورات.. فلا احد ينكر دورها في ثورة العشرين وتأسيس الدولة.. وتحريم مقاتلة الاكراد، والانتفاضة الشعبانية والتصدي لخطط صدام وسياساته.. ليصل الامر لقتل واعتقال وتخوين المراجع وابنائهم نساءاً ورجالاً، كباراً وصغارا.. فالمرجعية حصن الامة.. ومنار طريقها ووحدتها وعامل لتعبئتها ودرء الفتن عنها. فيحصل التغيير، ويرتكب الحاكم الجديد الاخطاء والانحرافات.. وتمارس المرجعية دورها في التنبيه والتحذير وتوعية الامة، بمعايير الحق وليس المذهب والدين والقومية.. فيبرز من يقول.. كفى، فالحكم والامة والشعب حكر علينا وملك لنا، فعودوا الى عباداتكم، فانتم تتجاوزن حدودكم.
بعد 2003 مباشرة اصدر الامام السيستاني فتواه الشهيرة حول الانتخابات والدستور.. وعندما وُضع العراق تحت الاحتلال، طرح السفير بريمر "المجمعات الانتخابية"، وهي تشبه مضابط "الانتداب" البريطاني.. وكان يكرر "لن يثني السيستاني ذراعي".. وأيده للاسف الشديد بعض "العلمانيين" و"الاسلاميين" ايضاً. فبعضهم لم ولا يدرك دور المرجعية، بينما يدركه الصحفي البارز "توماس فريدمان" في "النيويورك تايمز" مرشحاً السيستاني لجائزة نوبل (2010) قائلاً.
"اذا تشكلت جذور لنوع من الديمقراطية في العراق، فيعود بالدرجة الاولى لتوجيهات الزعيم الشيعي اية الله السيستاني. برفضه الاقتراح الاميركي الاحمق باجراء انتخابات لمجمعات محلية.. واصراره على اجراء الانتخابات رافضاً اي تأجيل لها امام تهديدات التمرد. وهو الذي امر الشيعة بعدم الانتقام لمساعي البعثيين والاصوليين المتطرفين بدفع البلد الى حرب اهلية.. كيف يمكن لرجل بهذا الحس والحكمة ان يظهر من وسط الحطام الذي سببه صدام. انا لن اعرف ذلك.. انني آمل ان يعيش حتى سن (120) عاماً وآمل ان يحصل على جائزة نوبل"
فالمشكلة ليست مداخلات ومواقف المرجعية، بل مضامينها. فان كانت لصالحنا، رحبنا بها.. وان كانت مخالفة لاهوائنا وسياساتنا، استنكرناها. واننا كسياسيين واحزاب نأتي ونرحل، اما المرجعية فثابتة.. تستلهم مواقفها من شريعة سماوية.. ومن عقلائية لواقع الامة والشعب والبلاد. وان موقفها من الحكومات ورجالاتها هو بقدر خدمتهم لمصالح المواطنين والبلاد من عدمه.
عادل عبد المهدي