كتب حسن صبرا
أما الكذبة الكبرى التي توازي الكفر فهي ان يدعي صاحب عمامة سوداء اسمه علي خامنئي انه الله أو الرسول أو نائبه أو ممثله على الأرض، عندما يُتهم قائدا الثورة الخضراء مير حسين موسوي والشيخ مهدي كروبي انهما أعداء الله والرسول.. لمجرد انهما أعلنا انهما لا يوافقان خامنئي هذا على انحيازه الأعمى للتزوير الذي جاء بمعجزته المدلل أحمدي نجاد رئيساً للجمهورية الإيرانية لدورة ثانية في انتخابات 12/6/2009
وإذا كانت هذه هي الكذبة الكبرى فهل يبقى مهماً إيراد الأكاذيب الأخرى، التي تهون في تقبلها أمام هذا الادعاء الكافر؟.. فلنقرأ بعض هذه الأكاذيب:
يقول حكام طهران، ان مير حسين موسوي ومهدي كروبي هربا من منـزليهما في طهران إلى المناطق الشمالية (موسوي من تبريز) ثم بعد ساعات قليلة يتبين بوضوح ان الاثنين محاصران في منـزليهما، وان سلطات الأمن الحاكمة سحبت عناصر الحراسة من أمام هذين المنـزلين، بما ذكّر اللبنانيين بمسألة سحب العناصر المسلحة أو تخفيفها قبل أيام عدة من اغتيال الرئيس المظلوم رفيق الحريري.. من أمام داره الخاصة في قريطم في بيروت.
فهل تبدو الاشارتان: أي الادعاء بمغادرة موسوي وكروبي طهران، و((لجوئهما)) إلى الشمال، وسحب الحراسة من أمام المنازل مقدمة لاغتيال قائدي الثورة الخضراء؟
يقول حكام طهران ان المتظاهرين الذين قتلتهم أجهزة الحرس الثوري والباسيج (التعبئة)، قتلوا برصاص مجهولين، وقد تكون هناك قوى إرهابية من الخارج: أميركية أو بريطانية أو إسرائيلية جاءت خصيصاً إلى إيران لتقتل المتظاهرين ضد خامنئي ونجاد، وهم يهتفون: الموت للديكتاتور.. فهل هذا اعتراف من حكام طهران بأن أميركا وإسرائيل وبريطانيا باتوا كلهم في خدمة علي خامنئي وأحمدي نجاد؟ أم انهم قادرون على اختراق السور الحديدي الإيراني لارتكاب مثل هذه الجرائم؟
تذكر اللبنانيون بالأضحوكة التي أطلقها حسن نصرالله في لبنان منذ مدة، بأن إسرائيل كانت وراء اغتيال رفيق الحريري وعدد من قادة قوى 14 آذار/مارس، وان سوريا استخدمت إسرائيل لقتل خصومها من اللبنانيين.. وهل كان هذا اتهاماً لإسرائيل أم لسوريا نفسها؟
ومتابعة لحبل الكذب القصير، تقول أجهزة أمن حكام طهران ان بعض القتلى سقطوا في حوادث سير.
عندما اندلعت الثورة الخضراء عقب تزوير انتخابات الرئاسة سارع علي خامنئي إلى تبني التزوير والدفاع عنه، واعتبره يوماً مجيداً من أيام الجمهورية الإسلامية! (ألا يذكركم هذا بيوم مجيد آخر من أيام المقاومة عندما اجتاح حزب الله بيروت والجبل والبقاع والشمال في 7 أيار/مايو 2008).
ثم أمر خامنئي نفسه بتشكيل لجنة تقصي حقائق للتأكد من ان تزويراً لم يحصل أبداً.. ثم اكتشفت هذه اللجنة بقدرة قادر ان التزوير ((بسيط)) ولا يتجاوز الـ10% أي ان هناك فقط 2.4 مليون صوت مزور أعطوا بغير وجه حق لمرشحه أحمدي نجاد، حيث حصل هذا حسب اعلام حكام طهران على 24 مليون صوت.. 2.4 مليون صوت مزوّر بسيطة!.. أكثر من نصف عدد سكان لبنان.. بسيطة!
الكذبة الكبيرة الأخرى هي ادعاء حكام طهران ان أحداً لم يقتل في سجونهم رغم اعتقالهم الملايين ثم يسارع كبيرهم للتحقيق في ((مزاعم)) التكذيب، ثم يقفل سجناً للتعذيب.. ثم يعترفون بعد عدة أشهر بأن ثلاثة من المعتقلين ماتوا في السجن المقفل تحت التعذيب.
وبعد ان ينكروا مقتل أي متظاهر يقولون ان بعضهم قتل رمياً عن الجسر، وبعضهم قتل برصاص مجهولين مندسين في صفوف المتظاهرين، وان هؤلاء المجهولين يعودون بنظر اعلام طهران الرسمي إلى الاضواء فإذا هم معلومون منافقون، وهي التسمية التي يطلقها حكام طهران على منظمة مجاهدي خلق المعارضة.
يقول حكام طهران ان قادة الثورة الخضراء ضدهم، يسهلون مهمة الاستكبار العالمي حين يضعفون البلاد التي تخوض معركة الشرف الوطنية في الملف النووي الإيراني، والدنيا كلها تعرف ان مير حسين موسوي هو العامل الأول لبدء تجميع أوراق الملف النووي، وان محمد خاتمي هو الذي بدأ في عهده (1997 – 2005) وضع حجر الأساس لهذا الملف، وان أبطال الثورة الخضراء، هم الذين يقفون عقبة أساسية أمام أي تنازل يعلنه أحمدي نجاد بطرق مختلفة، لمسألة تخصيب اليورانيوم خارج طهران، وانه لولا موسوي وكروبي وخاتمي لكان اليورانيوم الإيراني اليوم يخصب بين روسيا وتركيا..
المرة الأولى
انها المرة الأولى في تاريخ إيران ومنذ بداية إلى نهاية عهد شاه إيران محمد بهلوي وعهد والده رضا بهلوي التي تفتح فيها سلطات إيرانية النار على محتفلين في ذكرى عاشوراء.
لقد احتفلت الجماهير الإيرانية بقيادة الإمام الخميني بذكرى عاشوراء من العام 1978، وخرجت في تظاهرات هاتفة بسقوط الشاه وصدى عبارات مرك برشاه مرك بر إسرائيل، ومرك بر أميركا، وتحدت أجهزة الشاه القمعية.. ولم يجرؤ الشاه على إطلاق رصاصة واحدة ضد المتظاهرين، لكن حكام طهران تحت قيادة خامنئي – نجاد اطلقت النيران على المتظاهرين في عاشوراء لأول مرة في تاريخ إيران.
ولم يجرؤ حكام طهران في عهد الملكية الشاهنشاهية على قتل أو سجن مرجع ديني أو إهانته، وحتى حين قام الإمام الخميني بثورته الأولى في 15 خرداد/حزيران/يونيو 1963، واعتقله الشاه، وصدر حكم بإعدامه، فإن الحوزة العلمية في قم بقيادة آية الله السيد محمود شريعتمداري وآخرين استندوا إلى الدستور الإيراني لحماية الخميني فاكتفى شاه إيران بنفيه إلى تركيا قبل أن يستقر لـ14 سنة في العراق.. حتى بدأ ثورته الثانية المظفرة عام 1978 وانتصر عام 1979.
وحكام طهران تجرأوا على خليفة الامام الخميني الشيخ الصالح نائب الأئمة الشيخ حسين علي منتظري، وضربوه واعتقلوه وابناءه وحطموا مكتبته ومزقوا كتبه وداسوها بالأقدام وكسروا حوزته وشردوا تلامذته..
ومثلما لم يجرؤ نظام الشاه على مجابهة محتفلين بعاشوراء وفعلها حكام طهران، كذلك لم يجرؤ الشاه على خلع مرجع ديني من موقعه.. وفعلها حكام طهران بخلع آية الله الشيخ يوسف صانعي وهي سابقة مضحكة لا قيمة لها لأن أحداً لا يعين المرجع إلا الناس والمقلدون.. وهؤلاء ما زالوا على قناعتهم بأحكام الشيخ صانعي.
والمرة الثانية،
على ان الاخطر بعد كل هذا ان آية الله شريعتمداري نقل جثة هامدة من مستشفى اذربيجان الحكومي ودفنوها في مكان مجهول حتى الآن كي لا يزور ضريحه انصاره.. تماماً مثلما خطفوا جثة المظلوم علي حبيبي موسوي ابن شقيق مير حسين موسوي لدفنها في مكان مجهول لمنع قادة الثورة الخضراء وأهله ومحبيه من الصلاة على الجثمان، ودفنه وتقبل العزاء وهو مسجى وسط داره.
العظمة التي توصل اليها آباء المتظاهرين حين خرجوا ضد قمع جنود الشاه وسافاكه انهم كانوا يحملون الورود الحمراء يقدمونها للجنود، مقابل حقن دمائهم الحمراء.. فيخجل جنود الشاه وجلاوزته، والبعض نقلت وكالات الانباء العالمية صوراً له يبكي وهو يحمل البندقية الاميركية وفي فوهتها وردة من متظاهر.
جنود حكام طهران.. عفواً حرسهم وتعبئتهم الآن امام هذا المشهد من جديد، ورود حمراء ورايات خضراء وقبضات فتيات وشبان وصدور مشرعة امامهم وهم يملكون الاسلحة مدججين بها وبدراجاتهم البخارية وبسياراتهم المصفحة يدوسون بها الأجساد الطرية، ويرمون الفتيات احياء من اعلى الجسور ويقنصون رؤوس الفتية والاطفال.
الى اين؟
غداً سيستفيق كل عنصر في الحرس الثوري، والتعبئة الى ان هذا الذي يقتله، ربما يكون أخاً له او اختاً او صديقاً او أماً او معرفة او ساكناً في حيه، او تلميذاً كان في مدرسته، او جاراً.. فيتوقفون عن قتلهم.
احفظوا هذه العبرة،
توقف عمال نفط ايران عن العمل ايام الشاه عندما اندلعت ثورة الإمام الخميني عام 1978 حتى لا يوفروا المال للشاه كي يشتري السلاح ليقتل به المواطنين.. وظلوا على اضرابهم الى ان سقط الشاه وانتصرت الثورة عام 1979.
توقف عمال المصانع التي تنتج الدراجات البخارية في ايران ليوم واحد احتجاجاً على استخدام هذه الدراجات من قبل التعبئة لقتل المتظاهرين في الثورة الخضراء.. واليوم سيصبح اياماً وربما أسابيع وربما اشهراً.. فالثورة الخضراء ستنتصر وسيلحق حكام طهران الحاليون بالسابقين.. انها سنّة الحياة يا أولي الألباب.