في سياق حادثة رمي الأحذية تناقلت رسائل الأصدقاء حكاية من حكايات نوري السعيد التي حصلت في إحدى ليالي شتاء 1957، حيث توقف الباشا وسائقه عند مقهى لتناول الشاي، وحين تعرف أحد الرواد، وكان ثملا،
على شخصية الباشا فشتمه ثم بصق، فما كان من نوري السعيد إلا أن وضع يده في جيبه وأعطى الثمل ثلاثة دنانير ثم خرج على مهل رغما عن إعتراضات سائقه وصاحب المقهى الذين أرادا أن يعاقب المخمور على إعتدائه المشين. لكن السياسي المخضرم شرح للسائق الغض أن معاقبة المخمور لن تؤدي إلا الى زيادة مقاديره وإعتبار فعلته نضالا، في حين أنه لو أخبر أقرانه بأنه شتم رئيس الوزراء فكافأه هذا بالنقود فسوف تنقلب الآيه بالتهكم على الثمل والإعجاب بكرم السياسي. ويختتم كاتب المقال بعبارة والعاقل يفهم بإشارة واضحة نحو واقعة رمي الأحذية على الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش. وعلى عكس ذكاء نوري السعيد وخبرته السياسية ومما يصعب تصديقه فتشير آخر الأخبار بأن المدعي العام يحاول لصق التهمة الأخطر وهي الإعتداء بقصد الأذى على الصحفي المبتلي.
إننا لو وضعنا الحادثة في سياق الإتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة فإن الإعتداء على رئيس الولايات المتحدة وهو في مهمة رسمية قابلة للتفسير من ناحية عسكرية هوالآن من إختصاص القانون الأمريكي، لكن الأمريكان إختاروا أن يمرروا هذه الحادثة كالبطاطا الساخنة للسلطات العراقية والتي قامت بدورها بأخذ الملامة والتخبط في سبيل ايجاد العلاج المناسب. و ما أجده من المفارقات لو كان الذي أهين جنديا بسيطا بدل رئيس أمريكا لقامت الدنيا ولم تقعد لو أصرت الحكومة على تطبيق القانون العراقي. أن الحل الأمثل للواقعة هو في تحويل القضية الى الأمريكان وتطبيق القانون الأمريكي، فإن لم يمكن ذلك ففي الإبتعاد عن المحاكمات والقصاص وتجاوز التداعيات، أما ما يحصل الآن فهو ليس أكثر من مضيعة للوقت والجهد وجذب الإنتباه بعيدا عن المشاكل الحقيقية التي تواجه بلادنا.