مرة أخرى تقوم حفنة في مجلس ما يسمى بالنواب (العراقي) بفعل شنيع بتجريد سكان العراق الأصليين من المسيحيين والصابئة المندائيين والأزيديين والشبك من وطنهم الأم، وذلك بإلغاء المادة الانتخابية ذات الرقم خمسين من قانون ما يسمى بانتخابات مجالس المحافظات والمدن والأقضية والنواحي،
وهذا الفعل المدان يذكرنا بالكتاب الرسمي والفضيحة المخزية الذي أصدره ما يسمى بمكتب أمانة رئاسة الوزراء (اللاعراقي) عندما تم وصف سكان العراق الأصليين بأنهم مجرد جالية ليس إلا وجردهم من وطنهم الأم بجرة قلم وكأنهم قدموا إلى العراق من الدول المجاورة قبل بضعة سنين وليس قبل أكثر من خمسة ألاف سنة ويزيد.
حيث تحتوي صياغة الكتاب المشبوه ذي العدد 1238 بتاريخ 29 تموز (يوليو) 2007 والصادر من أمانة رئاسة الوزراء لحكومة ضباع الاحتلال الرابعة، وموضوعه كان بخصوص طلبات 'الجالية المسيحية' في العاصمة بغداد حيث يذكر ما يلي 'حصلت موافقة السيد رئيس الوزراء على تقديم المساعدة الممكنة بخصوص تنفيذ طلبات الجالية المسيحية في بغداد' وعند سؤالنا في حينها من بعض عملائنا العراقيين الوطنيين في داخل مكاتب أروقة المنطقة الخضراء تبين أن حقيقة صياغة هذا الكتاب وإضافة عبارة 'الجالية المسيحية' كان بتعمد مع سبق الإصرار والترصد، وهو مقترح شفهي كان تم تقديمه من قبل بعض الشراذم من المستشارين الأميين والجهلة الذين يحيطون بنوري (المالكي) وهم في معظمهم من القصابين وبائعي الخضرة وسمكرة السيارات المستعملة ــ مع شديد احترامنا وتقديرنا لأصحاب هذه المهن الشريفة، ورئيس وزرائهم بدوره لا يفرق عنهم بشيء ــ مع الموافقة الضمنية التي حصلت من قبل رئيس قائمة ائتلاف الشر الموحد الفارسية وزمرة الطالباني والبرزاني، وهي جريمة نكراء ترتكب بحق سكان العراق الأصليين وما زالت تداعياتها لحد الآن.
وأصل هذه الحكاية كان مجرد بالون اختبار لمصطلح مشبوه كان سوف يأخذ مجراه الطبيعي في جميع الكتب والمراسلات الرسمية لجميع وزارات ومؤسسات وأجهزة الدولة العراقية الرسمية وشبه الرسمية والقوانين النافذة الرسمية، وأينما يرد ذكر اسم المسيحيين في أي كتاب أو قانون رسمي نافذ، ويتم بعد ذلك تعميم المصطلح المشبوه 'الجالية المسيحية' ليشمل كذلك الصائبة المندائيين والأزيديين والشبك، وجعله واقع حال وأمر مفروغ منه، ولولا حملة الاستنكار الوطنية التي قامت بها النخب العراقية المثقفة في حينها والتي أرجعت الحق إلى أصحابه الشرعيين لكان هذا المصطلح قد أخذ طريقه إلى الوجود، وخير شاهد على ذلك ما قامت به هذه الزمر المشبوهة من الأحزاب الحاكمة اليوم أثناء الانتخابات المزورة الماضية بخصوص أهلنا من الكرد الفيلية عندما كان هناك صراع الثيران يجري في حلبة انتخاباتهم المزورة بين زمرة البرزاني والطالباني من جهة وزمرة قائمة ائتلاف الشر الموحد من جهة أخرى، حيث كل واحد من هؤلاء يدعي بان الكرد الفيلية هم في حقيقة الأمر من قوميته، وعندما انتهى عرس الضباع على جثث هؤلاء تخلوا عنهم في نفس اليوم وبمجرد انتهاء عرسهم الانتخابي المزور وهذه حقيقة كانت وما زالت على أرض الواقع يعانيها أهلنا من الكرد الفيلية إلى يومنا هذا.
أن تاريخ وحضارة العراق في حقيقته هو تاريخ الحضارة الآشورية والبابلية والسومرية والأكدية حيث تشهد على حضارتهم كافة مدن العراق من شماله إلى وسطه إلى جنوبه وكذلك المتاحف العالمية المنتشرة في جميع الدول الغربية والتي تحتوي على أهم الآثار التاريخية العراقية في الأزمنة السحيقة والتي تحكي عن حضارة أهلنا المسيحيين في عراقهم الأم. ومن الدلائل التاريخية الموثقة تكشف لنا بصورة واضحة أن جميع مدن وقرى العراق قبل دخول الإسلام إلى أراضيهم كانت كلها مسيحية وهم أحفاد حضارة نينوى وبابل وسومر حيث الكنائس والأديرة المسيحية التي تنتشر في مدن العراق من شماله إلى وسطه إلى جنوبه، وإذا تم تحويل بعضها إلى جوامع إسلامية فهذا لا يعني لنا طمس هويتها الحقيقية بهذه السهولة واليسر، وكتب التاريخ الوثائقية المعتبرة هي خير شاهد على حقيقة اصل أهلنا من المسيحيين والصابئة والازيديين وغيرهم من الأقليات الأخرى وحقهم التاريخي المشروع في عراقهم ألام، وإذا سكت القلم وبعض كتب التاريخ الشوفينية المشبوهة من قبل بعض الكرد الشوفينيين من كتابة الحقيقة التاريخية فان حجر الكنائس والأديرة التي تم تحويلها إلى مساجد سينطق ويصرخ بوجه هؤلاء في ما يسمى بمجلس النواب (العراقي) الذي ألغى حقهم في التمثيل الحقيقي والمشروع وإبراز دورهم الحقيقي الوطني في بناء العراق وتنميته بعد طرد المحتلين الغزاة ومرتزقتهم وأذنابهم من أرض بلاد الرافدين، فالخزي والعار على كل من يشارك بهذه الجريمة النكراء بحق أهلنا وعزتنا وفخرنا من سكان العراق الأصليين.
لقد فعلها كذلك الإتحاد (الوطني) (الكردستاني) وذلك في مقابلة لكبير مسؤوليه في مقابلة قد أجريت معه من قبل مندوب وكالة الملف أكسبريس، حيث رد على سؤال وجهه مندوب الوكالة بخصوص تصريح الجبهة التركمانية العراقية بإعلان الإقليم الرابع التركماني في مناطقهم التاريخية، فأجاب بإقحام أهلنا المسيحيين بتعمد واضح لا لبس فيه من دون ذكرهم في سؤال مندوب الوكالة الصحافية وذلك بقوله 'ان التركمان والكلدان والآشوريين هم مقيمين في كردستان ولهم حق المواطنة الكاملة فيه، ولكن ليس لهم أي أرض تركمانية أو كلدانية أو آشورية في كردستانهم ولا في العراق'.
وهذا هو الفكر القومي الشوفيني من بعض الكرد الذي يراد تطبيقه حرفيا من قبل هذه الزمر ويكون أمرا واقعا ومفروغا منه في المستقبل.
فمن المعروف أن هؤلاء الذي يدعون أن شمال العراق الكلداني هو 'كردستانهم' ودولتهم المزعومة لم يكن لهم في حقيقة الأمر أي تواجد يذكر قبل بضعة مئات من السنين وهذا ما تذكره لنا كتب التاريخ الوثائقية المعتبرة.
ومن المثير للضحك والسخرية نشاهد مسارعة حزب الدعوة وذلك بإرسالهم ببيان مشبوه إلى الصحف المحلية والإعلامية يعبرون فيه عن أسفهم العميق لحذف المادة المتعلقة بتحديد نسبة الأقليات في مشروع قانون انتخاباتهم الاستعمارية الحزبية الجديدة، والتي يراد له أن يتم تطبيقه في العراق المحتل اليوم، وهؤلاء في بيانهم كان مجرد ذر الرماد في العيون وهم في حقيقة الأمر وخلف الأبواب المغلقة من الموافقين على هذا القانون والمتمسكين به بقوة ومدافعين عن تطبيقه بشراسة قل نظيرها لكي يكون لهم أكثر استحواذ على مقاعد انتخابية في جميع المناطق الشمالية وهي عملية اختراق يراد لها في الحقيقة أن يكون لهم تواجد مشهود له لكي يكون لهم موطئ قدم لمجاراة غرمائهم التقليديين في الحكم من زمرة الطالباني والبرزاني.
وهذا الفعل المدان والمستنكر من قبل جميع العراقيين الوطنيين الشرفاء في حقيقته هو اجتثاث ما تبقى من أهلنا المسيحيين وغيرهم من الأقليات المضطهدة في عراق الاحتلال اليوم من وطنهم ألام وإلحاقهم قسراً أو طوعا بالقوميات المستعمرة لأرض العراق منذ قرون سابقة.
على جميع الوطنيين العراقيين الأصلاء من الكتاب والمثقفين والشعراء والفـــــنانين وبمختلف توجهاتهم السياسية أن يقفوا بقوة وحزم شديد من مثل تلك التــــوجهات الأقصائية المشبوهة لطيف مهم وحيوي من نسيج فسيفساء عراقنا الجميل، وان تكون هناك حملة مشرفة لغرض وضع حد نهائي لمثل تلك التجاوزات غير الاخلاقية.
صباح البغدادي