أقول : لقد آن الأوان للعراقيين لكي ينتفضوا على الواقع السياسي والإجتماعي المر الذي يعيشونه ، والذي صنعته حيل وأكاذيب سياسي هذا الزمن الرديء ، كما حان الوقت للعراقيين ان يكتشفوا بأنفسهم حجم الدمار وحجم المعانات التي أصابت كيانهم ووجودهم وكرامتهم ، هذا بعدما كشف موقع ويلتكس ما كان مخفياً بعضه عن الناس ، كما إنه قد آن الأوان لعموم الشعب ان يتعرفوا على طبيعة المسوفين المغالين والمخادعين الذين أغروهم بالوعود والأحلام المزيفة منذ مايقارب السبعة أعوام
أقول : لقد نجح الوافد الغريب في فرض رؤيته على العراقيين من خلال شل إرادتهم وتحجيم حركتهم ودورهم على الصعيد المحلي والأقليمي ، كما كان لدول الجوار دوراً بارزاً في فرض رؤاهم وتصوراتهم لما يكون عليه حال العراق وشعبه ، وبناءاً على ذلك تم إستبدال الديمقراطية والإنتخابات بموافقات دول الجوار ما تريد وما ترغب ، ولعل جيل المخادعين الضاربين على وتر الطائفية أستطاعوا تضليل قوى الشعب تحت عباءات الدين وعباءات المذهب مما شتت في شمل ذلك الجسد الواحد المفترض ، ونضيف إلى هذا وذاك الطبيعة النرجسية لدى البعض ولدى الحالمين عن وعي أو بدونه تجسيد دور القائد الأوحد ، متمسكين بالمناصب الرجراجة الزائفة وبالشعارات الفارغة عن الديمقراطية وعن الدولة المدنية وعن حقوق الإنسان ، تلك الحقوق التي كشف تقرير موقع ويلتكس مدى بشاعتها وعنفها وسوداويتها ، كل هذا ومضافاً إليه إعلام فضائي من هنا وهناك سهل ودعم بعض قوى الظلام لتحصد أرواح الناس تحت بند تطبيق حكم الله والقضاء على الفرقة الظالمة ، وكأن العراق لم يكفه مامات منه أو قتل في العهد الماضي ، ومما يثير الأشمئزاز مانشاهده لمحاكمات بعض كراكيب العهد البائد التي أظن ويظن مثلي الكثير ، إنها مجرد خدعة وتسويف طالما إن ذلك العهد بكل عقده وبلواه وتراكماته قد ولى وأندثر ، والشعب هذا الشعب ينظر إلى المستقبل إلى الأمام وحلمه ان يعيش الحياة من غير خوف أو قتل أو معانات أو فقر .
أقول : أنا لا أرى فيما نشر في موقع ويلتكس جديد فيما يخصنا نحن العراقيون ، فكرامتنا مهدورة وعيشنا نكد وغَدُنا أسوء من يومنا ، لكن المهم في هذا التقرير هو الكشف العلني الذي ماتعودناه نحن أبناء الشرق الأوسط ، فنحن نقتل ونغتصب وننهب ولكن بالخفاء ولا نريد من أحد ان يقول أننا فعلنا كذا وكذا ، المهم في هذا التقرير إنه إتهام لقوى السلطة وكيف تعامل رعاياها ، وهو إتهام خطير سيكون له تداعيات دولية وأقليمية ومحلية كثيرة وكبيرة ، ولا يقول أحد إن هذا إبتزاز لبعض قوى السلطة إنما هو كشف حساب وشفافية كما يقولون ، فمن يريد التصدي للحكم عليه مراعاة شعبه وأخذهم بالعفو والحلم وتوفير مستلزمات الحياة الطيبة وتوفير لقمة العيش بكرامة ومن غير منة من أحد ، كما إنه ليس من قبيل الضغط لترشيد عمل السلطة في المستقبل بل هو محاكمة حقبة من تاريخ العراق وما مر به وماحدث ، وليس المقصود به قولهم : بإننا سنكشف الجرائم إن لم تسيروا على ما نريد ، فهذا ليس مقصوداً إنما المقصود هو تعريف العالم بحجم الفساد وبالقوى التي تصنع الفساد وتقف معه ، ولهذا من الواجب ان نوجه أنظار من ورد ذكرهم في التقرير أو من أشار إليهم في الخفاء ، ان يخرجوا أنفسهم من دائرة الخطر ويكفروا عن ذنبوبهم قبل ان يكون مصيرهم كمصير من يحاكمون اليوم في بغداد من بقايا حقبة البعث المظلمة ، ولا يظن أحد إنه خارج عن هذا الإتهام فالكل فيه واحد ، ولهذا ولكي لا يطول بالعراقيين الموت والدمار يلزم بل يجب على من يهمه أمر هذا التقرير ان يحسب خياراته ويحاسب نفسه ويخرج من دائرة السلطة بكل أشكالها ، ويترك ذلك لمن هم أفضل ومن بإستطاعتهم فعل الشيء الصحيح ...
أمريكا ستبرء نفسها وستقول للعالم ، إنني فعلت ما فعلت دفاعاً عن العراق وشعبه ، وهي لها في ذلك حجة ودليل كونها جاءت لتحرير العراق من سلطته الظالمة ، لكن من يبرء أصحاب الدار الذين ألتفتوا إلى شعبهم قتلاً وسحلاً وتعذيباً ، وكأنهم في ذلك يعيدون مافعله صدام ، وكأن العراق مافتئ يخرج من ظلم ليدخل في مثله .
ولقد قلت منذ زمن حتى قبل ان يدخل الأمريكان بلادنا ، إن العراق لن يكون في مأمن من الخطر والدمار مالم يؤوسس ويُبنى على قواعد جديدة قواعد من العدل والحرية والسلام ، وكنا قد أقترحنا على من يهمه الأمر في حينه ان يقود العراق في المرحلة الإنتقالية - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - وذلك يقيناً منا بان مشكلات العراق الطائفية والقومية لن يستطيع حزب أو فئة سياسية تحمل شعارات دينية أو قومية أن تحمي العراق وشعبه من التصدع والخراب والقتل ، فكل فريق ديني أو قومي يظن بنفسه إنه خير من غيره ولهذا يعمل لتكون الحياة له دون غيره ، وهذا ما حدث بالفعل فالسُنة حين ذهب حكم صدام أحست وكأن القادم سيكون عليها فتمسكت بالقاعدة وبكل الأحزاب الضالة وهي في ذلك تدافع عن هويتها وعن وجودها ، فراحت تقتل وتستحل المحرمات وتروع الناس وأستعانت بكل ماهو قبيح ، مما مهد للمخالف أن يستخدم بحقها كل ما من شأنه التقليل من خطرها وماتقوم به ، ولعل ماكشف عنه تقرير ويلتكس يقع في هذا الإتجاه ، وهي منافحة طبيعية تاريخية وسلوكية بين طوائف المسلمين ، هي قديمة منذ ذلك الحين الذي تمت به بيعة السقيفة وقتل الحسين ، لهذا قلنا لمن يهمه الأمر : إن العراق لا يصلحه بعد طول معاناته غير الليبرالية وثقافتها وفكرها وروحها البعيدة عن كل ذلك التلوث التاريخي والتراثي والنفسي ، ولكن القائمين أستسهلوا في حينه ماهو سائد من زوبعة وردات الفعل الطبيعية ليكون المظهر السياسي للعراق على أساس الطوائف وا لملل والنحل ، فكان ما كان مما جر على العراق وشعبه الدواهي والرزايا الكبيرة ، ولا أظن إن العراق سيخرج من هذه الدوامة إن لم يؤوسس مجتمعه على نحو جديد تراعى فيه حاجاته وضروراته ، ولا أبالغ إن قلت لن يكون ذلك ممكناً من غير الليبرالية وثقافتها ومنهجها في الحكم وفي الديمقراطية ....