دعوني أُقدم التهنئة الخالصة لكم شعبي العزيز ، وأخص بالذكر مسيحيي العراق ذلك العمود الفقري فيه وفي الأقليم والعالم ، دعونا في يوم مولد البشارة روح الله إيقونة السماء ، أن نرفع الأيادي مبتهلين للعلي القدير ، أن يمن على شعبنا بالأمن والأمان والخير والسعادة ، ودعونا نقرع الأجراس أيذانا بمولد النور والمحبة والسلام في ربوع بلادنا ، بلادنا التي غطى عليها الفساد من كل جانب ، وعبث بها مرتزقة السوء وبياعين الضمير والشرف ، حتى غدت مرتعاً لكل مأجور و مجرم وإرهابي زحف إليها من دهاليز وحفر التاريخ المُعتم والمُظلم ، دعونا نبتهل للمولى القدير ان يحمل هذا الميلاد المجيد الخير كله لبلدنا بلد الرسالات والنبوات ، بلد الائمة العظام والقدسيين والرهبان الكرام .
وفي هذه المناسبة يدعوني خاطري أن أذكر أخوتي وأهلي وأحبتي ومن يصله خطابي ، أن يكونوا دعاة خير ومحبة وسلام ، وأن يتأسوا بتلك الرحلة المباركة للمسيح وهو يجوب البلدان ويكرز فيها من أجل المحبة والسلام ، ويدعوا الناس للتسامح والعيش المشترك والبعد عن الأنا الضيق ، ويدعوهم لنكران الذات والتفاني في سبيل الأخرين وخدمتهم ، وانا على يقين بأن رهطاً من الصالحين والشرفاء والمحبين سيكون لهم مع الأيام دوراً في بناء المستقبل على نحو جديد متقدم ، يخلو منه العنف والكراهية والعدوان والتحامل والإنغماس في الشهوات والملذات .
ونحن أهل العراق أكثر الناس طواعية لكلمة الحق ، وهكذا كنا في سالف العصر والزمان ، حين كانت أيدينا ممدودة بيضاء في مساعدة أهل الحاجة والفقراء والمساكين ، بل وكنا تلك الرآية التي وقفت بوجه الظلم في كل أشكاله وألوانه ، مهما أمتلك من دعاية وقوة وسلطان ، وسنظل هكذا فتلك سجايا ورثناها أباً عن جد في رحلة الحياة ، وأن عصفت بنا نائبات الدهر لكنها أبداً لن تثنيننا عن مواصلة السير والجهد النبيل إحقاقاً للحق والعدل والحرية والسلام .
وكما تطهرت أرضنا بنور التوحيد في عصر التكلس والهيمنة البغيضة للساسانية القديمة ، سيكون نصيبها اليوم حمل هذه الرآية لتحرير إنساننا من الخوف والكراهية والعنصرية والطائفية ، تلك الأشياء التي جاءت ووفدت عبر الحدود بعدما ساد الجهل وتحكم .
مناسبة العيد ذكرى يجب أن تعم أفراحها كل أبناء الشعب ، وهو يسعى لكي يمسك السماء بأطراف أنامله ، مناسبة العيد المجيد مناسبة لبث الروح في الحياة لتشرق من جديد نور الشمس ، في شرقنا وأرضنا منتظرة عودة الغائب ليسود في الأرض العدل ، وتمحو من وجه البسيطة الجور والظلم والفساد
( المجد لله في الأعالي ، وعلى الأرض السلام ، وبالناس المسرة ) ، هكذا قال لوقا في أنجيله الإصحاح الثاني ..
آية الله الشيخ إياد الركابي
24 – 12 - 2022