ونحن نعيش اليوم فى عالم مضطرب ما بين عمليات ارهابية واضطرابات سياسية واقليمية واستيطان اسرائيلى لأراضى عربية يحتاج الأنسان أن يبحث عن طوق النجاة حيث ان الصدور ضاقت بالعنف والعنف المضاد ونجد الأنسان المعاصر يسأل أين طوق النجاة هل النجاة فى الدين أم النجاة فى العلمانية وهل هناك تعارض بين العلمانية والدين هل العلاج يكون بالأستكانة للدين ورجاله وفقهاؤه أم ان العلاج فى فصل الدين عن السياسة هل العلاج بالوحى أي تنفيذ أوامر الوحى المتجسدة فى الكتب الدينية أم فصل الدين عن أمور الحياة؟
فى تصوري الشخصى أوامر الوحى لا يمكن أن تكون أساسا لبناء دولة ولكن هل هذا معناه الألحاد أي ان الأنسان يترك الدين برمته لا أعتقد ان هذا تشخيص موضوعى ولكن العلاج أن تبقى علاقة الأنسان بربه هى علاقة روحانية خالصة ولكن لا يتم اسقاط هذه العلاقة على شؤون المجتمع وعلاقة أفراده ببعض أن تكون علاقة الأنسان بربه هى علاقة صداقة وليست علاقة ثواب وعقاب مما يطهر النفس ويجعلها أكثر تسامحا وليونة فى تعاملها مع الأخر ويأتى هنا سؤال هام ما الذي ينظم علاقات الأفراد ببعضهم بعض وما الذي ينظم علاقة الفرد بالمجتمع وعلاقة المجتمع بالفرد؟
والأجابة هى ان الذي ينظم هذه العلاقات هى قوانين مدنية خالصة قائمة على اعمال العقل واحترام الأنسانية فى نفس الوقت وهو ما يسمى بمعايير حقوق الأنسان.
دعنا نعمل تجربة بسيطة لهذه القوانين ونري هل ستعالج هذا العنف الذي نعيش فيه أم لا؟ هيا نجرب هذه القوانين المدنية سنجد ان القوانين المدنية تنسف مشكلة الأرهاب من جذورها كيف هذا؟ نعم عزيزي القارىء القوانين المدنية (العلمانية) تنسف مشكلة الأرهاب من جذورها صدقنى أنت لم تخطأ قى قراءة العبارة وهذا ليس خطأ مطبعى بالتأكيد أراك متعجبا ومندهشا لا داعى للعجب فقط اقرأ الأعلان العالمى لحقوق الأنسان المادة 18 والتى تقول : لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين. ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سرا أم مع الجماعة.
أكاد أسمع خطيب جامع يقول : لا اكراه فى الدين واننا لو لجأنا للدين لن يكون هناك عنف أو ترهيب وأجد نفسى متعجبا ايضا وأقول لهذا الخطيب وماذا عن حد الردة يا شيخ أليس هو أساس فقهى وتشريعى للجماعات الأرهابية المسلحة وغنى عن الذكر ان حد الردة مذكور فى كتب الفقه اذن العلمانية تنسف الأرهاب نسفا من جذوره لأنه كما سبق أن ذكرنا لا توجد سلطة دينية فى الدولة المدنية العلمانية وبالتالى لن يكون مسموح من الأساس نشر هذه الأفكار القائمة على فرض أفكار دينية معينة على الأشخاص.
لو استخدمنا هذه القوانين فى علاج الصراع العربى الأسرائيلى سنجد ان دخول الشعارات الدينية وفكرة اقامة دولة يهودية هى أساس المشكلة( مع العلم ان تعامل الدول العربية مع هذه الأزمة بشكل خاطىء أدي لتفاقمها ولهذا حديث أخر) لو كانت فكرة العلمانية والدولة المدنية قائمة لتعايش اليهود والعرب فى دولة واحدة بشكل سلمى دون الحاجة لهذه الصراعات والحروب الدموية.
لو كانت فكرة العلمانية والدولة المدنية قائمة لما حدث تقسيم لدولة الهند ولما نشأ هذا الكيان المتشدد الدموي المسمى باكستان ولما دخلت الهند وباكستان فى هذا الصراع الدموي الذي أوصلهم أنهم أصبحوا فى نادي الدول النووية. لو كانت فكرة العلمانية والدولة المدنية قائمة لما تم تأسيس كيان يدعم الأرهاب مثل باكستان التى صارت مأوي للأرهابيين والمتطرفين يهددوا أمن العالم وليس ما فعله تنظيم القاعدة عنا ببعيد لو كانت فكرة العلمانية والدولة المدنية قائمة لما سمعنا عن أحكام الأعدام التى تصدرها المحاكم فى باكستان ضد من يخرج عن الأسلام أو ينتقد الرسول وما حادث السيدة المسيحية التى صدر عليها حكم بالأعدام فى باكستان لأنها شربت من ماء المسلمين وتطور الموضوع الى مشادة بينها وبين سيدة مسلمة لأنها تعتبرها مشركة نجسة لا يجوز لها أن تشرب من ماء المسلمين ثم تطور الموضوع الى تراشق بالألفاظ وسب الأديان ثم حكمت عليها المحكمة فى باكستان بالأعدام وقد تدخل بابا الفاتيكان لوقف تنفيذ الحكم ولم يستطع الأكثر استفزازا فى هذا الأمر انه قد تم اغتيال حاكم ولاية فى باكستان لأنه تعاطف مع هذه السيدة والأكثر دموية انه تم اغتياله على يد حارسه الذي رأي ان دفاعه عن هذه المشركة يستوجب قتله فنجد أنفسنا أمام بحر متصل من الدماء بسبب بعدنا عن قيم العلمانية القائمة على التسامح والرحمة وقبول الأخر ومحاولة الدفاع عن الأله بقتل الأخر أو قمعه وهنا تحضرنى مقولة الشاعر جبران خليل جبران
“ايها المراؤون توقفوا عن الدفاع عن الله بقتل الانسان, ودافعوا عن الانسان كي يتمكن من التعرف الى الله“
وهنا يأتى سؤال اخر كيف تستطيع القوانين المدنية تنظيم العلاقات الشخصية والعاطفية بين الناس
و
لهذا الحديث بقية ان كان فى العمر بقية