هل تصبح سوريا جزيرة القرم بالنسبة لروسيا وإتفاق دفاع سري بين بوتين والأسد
جمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القيادة العسكرية العليا في «مدينة سوشي» على البحر الاسود وأعطاهم ساعة الصفر للبدء بانطلاق اكبر عملية عسكرية روسية منذ الحرب العالمية الثانية في البحر الابيض المتوسط ضد اهداف الارهابيين في ريفي حمص وادلب مع امكانية توسيع العملية باتجاه حلب.
وعلى الفور اعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغر بدء العملية العسكرية الواسعة ضد مواقع الارهابيين في ريفي حمض وادلب بمشاركة حاملة الطائرات كوزنتسوفا والفرقاطة الاميرال غريغوروفيتش، التي اطلقت صواريخ كاليبير المجنحة اضف الى ذلك، استخدمت القوات الروسية النظم الصاروخية الساحلية باستيون، حيث تم اطلاق صواريخ ضد اهداف في عمق سوريا وهو اول استخدام قتالي في التاريخ لمنظومة باستيون المزودة بصواريخ اونيكس لتدمير اهداف ارضية والى جانب ذلك، تقوم طائرات استطلاع روسية وطائرات بلا طيار بمراقبة سير العملية التي انطلقت امس، بهدف ابلاغ فوري للرئيس فلاديمير بوتين بكافة نتائج الغارات من اجل تحديد الخطوات اللاحقة لمحاربة الارهاب بسوريا.
من جهته، اعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو ان الاهداف الرئيسية التي يتم ضربها عبارة عن مخازن ذخيرة واماكن تمركز ومعسكرات تدريب للارهابيين، ومصانع لانتاج انواع مختلفة من اسلحة الدمار الشامل، مشيرا الى انه قبل الشروع في توجيه الغارات، قام العسكريون الروس بعمل استطلاعي واسع النطاق ودقيق من اجل تحديد احداثيات الاهداف. وشدد علي ان الضربات الروسية تستهدف بالدرجة الاولى «الانتاج الصناعي» للمواد السامة الذي اطلقه الارهابيون، متعهدا بمواصلة الغارات، وذكّر شويغو بان الارهابيين استخدموا هذه الاسلحة مرتين هذا الاسبوع، اذ ادى الهجوم الاول الى مقتل 3 اشخاص ونقل 27 اخرين الى المستشفى، فيما اصيب بالهجوم الثاني 30 من الجنود السوريين.
وفي المعلومات الليلية من حلب، ان اصوات الصواريخ والقذائف الرهيبة تشبه صوت الرعد كانت تتساقط على مواقع الارهابيين على جبهات غرب وجنوب غرب حلب. ودعا الجيش السوري اهالي حلب في الاحياء الشرقية الى «اطلاق اسم الجمعة القادمة وهو جمعة الخلاص من العار الوهابي بالاحياء الشرقية»، واشار بيان الجيش السوري الى اننا نتمنى منكم بعد صلاة الظهر الوقوف معاً صفاً واحداً ويداً واحدة سيتم بتصوير قدومكم الى المعابر عبر الطائرات المسيرة وسيتم بعد ذلك سحق الارهاب عن بكرة ابيه. وبالتالي فان بيان الجيش السوري اعطى اهالي حلب الشرقية فرصة حتى نهار الجمعة ظهراً للخروج من حلب الشرقية قبل سحق الارهابيين.
القرار الروسي - السوري بسحق الارهابيين بدأ، وهذا ما يؤكد وجود اتفاق سري بين الرئيسين الروسي والسوري على حماية سوريا. وربما تحولت سوريا الى جزيرة «قرم» شرق اوسطية بالنسبة لحماية المصالح الروسية، وكما حمت روسيا جزيرة «القرم» والاقلية الروسية في اوكرانيا ستحمي سوريا، وهذا يؤكد وجود الاتفاق السري بين الرئيسين الروسي والسوري، الذي سمح لروسيا بمثل هذه العملية العملاقة وبغطاء سوري كامل.
وفي المعلومات الليلية، ان عمليات القصف على مواقع الجماعات المسلحة في ارياف حمص وحماه وادلب تهدف الى قطع طرق الامداد عن المسلحين في حلب الشرقية، وعزلهم خصوصاً ان محافظة ادلب تعد «الممول» الاساسي للجماعات المسلحة بالرجال والعتاد والمفخخات. واشارت المعلومات الى ان القصف قد يستمر لمدة عشرة ايام، وبعدها سيبدأ الهجوم البري، من قبل الجيش العربي السوري وحلفائه.
وقد بدأت الغارات السورية - الروسية عند الساعة الواحدة من ظهر امس واستمرت عنيفة حتى الخامسة واستؤنفت بشكل واسع عند الساعة السابعة. واستهدفت الغارات مواقع المسلحين في الراشدين - 4- والراشدين - 5 - ومساكن هنانو والحبورية، ومنطقة البريج، كما استهدف القصف ارياف حلب من الجهات الاربع، كما طال خان طومان وتل العيس، كما شمل ريف ادلب وتحديداً معرة النعمان خان العسل، سراقب، اثريا، جبل الزاوية وبعض مناطق ريف اللاذقية.
وقد سبق الغارات قصف صواريخ «كاليبر» واستهدف اريحا وحان شيخون وجبل الزاوية وسراقب، وكل الاماكن الذي يوجد فيها المسلحون في ادلب والمعاقل الرئيسية للمسلحين في ريف حمص، كما استهدف القصف «التفتناز» اكبر معاقل المسلحين.
واشارت المعلومات الى ان ما يحصل هو عملية عسكرية استراتيجية ستستمر لاسابيع وستشارك قاعدة حميميم بصواريخ «طوبوليف» وكذلك طائرات «ميغ» والسوخوي التي تعرف اهدافها بدقة. كما ان الغارات هدفها تدمير كل البنى التحتية للمسلحين وبالتالي يصبح تقدم الجيش السوري في حلب وصولاً الى ريف ادلب وريف حمص سهلاً جداً. كما قصف الطيران الروسي كل الطرق الرئيسية والفرعية وبالتالي فان خسائر المسلحين لا يمكن تعويضها، علماً ان محافظة ادلب تسيطر عليها «جبهة النصرة». وتعتبر الخزان الاساسي لمقاتلي النصرة وكافة الفصائل على الاراضي السورية. وتقوم النصرة بفرض قوانينها، فيما «داعش» يسيطر على الرقة. وبالتالي فان الجيش الروسي سبق قوات التحالف الدولي وقوات سوريا الديموقراطية بتحرير الرقة، كما انه وجه انذاراً الى مسلحي الجيش الحر، بمنع الاقتراب من الباب، خصوصاً ان روسيا دعت مؤخرا الى اشراك تركيا في المحادثات بشأن سوريا. وفي سياق متصل من المفترض ان يلتقي رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اثناء زيارة لروسيا في الخامس والسادس من كانون الاول المقبل.
من جهة اخرى، اقترب مقاتلو المعارضة المدعومون من تركيا من مدينة الباب السورية بعد ان تمكنوا من السيطرة على 7 قرى، في المنطقة الواقعة بين مدينتي مارع والراعي «جوبان بي»، بدعم جوي وبري من الجيش التركي، إضافة إلى استمرار تطهير تلك القرى من الألغام والمتفجرات المزروعة فيها. كما ستقوم فصائل من المعارضة ببدء عملية «تطهير المنطقة من مقاتلي تنظيم داعش قريبا» وفقا لما قاله رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم في وقت تشير مصادر عسكرية الى ان هجوم المعارضة لطرد داعش من الباب قد يثير قتالا جديدا مع جماعات كردية تقاتل من أجل السيطرة أيضا على المنطقة.
وتجدر الاشارة الى ان قوات المعارضة سيطرت على 202 قرية ممتدة على مساحة ألف و620 كيلومترا منذ انطلاق عملية درع الفرات في 24 آب الماضي.
ضمان حماية القاعدتين الروسيتين في حميميم وطرطوس
على صعيد اخر، وحول تغطية القاعدتين الروسيتين في حميميم وطرطوس، اوعز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوزير الدفاع وهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة بتوفير تغطية جيدة للقوات الروسية هناك وقد اكد شويغو ضمان التغطية من البحر والجو للعسكريين الروس في حميميم وطرطوس ولمجموعة السفن الحربية الروسية قبالة سواحل سوريا وقال: «كما تعرفون تعمل هناك منذ فترة طويلة منظومة «إس-400». بالإضافة إلى ذلك، أرسلنا منظومة «إس-300» من أجل تغطية المياه الإقليمية (السورية) وصولا إلى قبرص». وتابع قائلا إن روسيا نشرت هناك أيضا منظومات «باستيون» الساحلية التي باتت تحمي الساحل السوري برمته تقريبا، وهي قادرة على ضرب أهداف بحرية وبرية على بعد 350 كيلومترا في البحر وعلى بعد 450 كيلومترا على اليابسة.
وبعد منتصف الليل، تواصلت الغارات الروسية والسورية على تجمعات المسلحين في اللطامنة، كفرزينا وشمالها، مورك، طية الامام، معركية بريف حماه، والتماتعة، الهبيط، كونيل، احسم بريف ادلب.
الازمة السورية دخلت منعطفاً حاسماً مع بدء العملية العسكرية الضخمة حيث بات الارهابيون تحت قبضة صواريخ «كاليبر» الروسية و«باستيون»، وبالتالي فان الساعات المقبلة ستوضح وجهة الجيش العربي السوري. هل هي باتجاه الاحياء الشرقية ام باتجاه مدينة الباب؟وفي ضوء التعامل التركي يمكن تحديد مسار الامور.
الديار