Saturday, August 6. 2016
سأحاجج الفقهاء والمفسرين والعرب والناس أجمعين يوم القيامة بهذا المقال…
ينتهي أغلب الفقهاء تقريبا إلى حق الرجل في ضرب زوجته بمعنى تأديبها
وهم يتصورون بأن هذا هو التفسير الصحيح الذي لا أراه قويما أبدا ….وأرى بأن فهم الفقهاء والمفسرين لكلمة [واضربوهن ] الواردة بالقرءان على انها ضرب الزجر أو الارتطام أو الإهانة…إنما هو فهم مخالف للقرءان والسنة العملية والقولية لرسول الله، ومخالف لقواعد فهم اللغة العربية ومخالف أيضا للمروءة والرجولة وذلك على سبيل من التفنيد التالي:
فقوله تعالى [….وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }النساء34.
لا يعني أبدا ضرب الإيلام ولا الإهانة ولا كليهما، كما لا يعني التنطع والقول بأن الضرب يكون بالسواك كما يستحب بعضهم أن يذكر.
ولقد قمت بالرد على أخوين سألاني عن معنى الضرب في الآية السابقة :
ضرب الرجل للمرأة يدل على خساسة معدنه وانحدار رجولته وسقوطه من سجل الشرفاء.
ولا توجد شريعة تبيح ضرب المرأة إلا في ذهن فقهاء البادية الذين يستعذبون الدماء ونكاح الصغيرات والإماء.
ولا يوجد سبب يمكن سماعه ممن يضرب زوجته.
………….وكلمة [ضرب] بها معان متعددة منها
1ـ بمعنى المنع مثل {أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ }الزخرف5
2ـ بمعنى يتخذ مثل {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً … }البقرة26
3ـ بمعنى اللمس مثل {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ …..}البقرة60…..وقوله تعالى {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }البقرة73
4ـ بمعنى الجعل مثل [ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ ]
5ـ يمعنى السعي مثثل {لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ…وقوله سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ ..
6، بمعنى الإيلام والإهانة مثل {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ }الأنفال50.
والناظر إلى آيات معاشرة النساء يجدها جميعا تتناول كلمة المعروف……بينما الضرب بمعنى الإهانة والإيلام ليس من المعروف، وتدبر قوله تعالى في هذ الشأن
1ـ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ }البقرة228
2ـ {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ …… }البقرة232
3ـ وهذه آية ذكر الله فيها المعروف مرتين {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }البقرة233
4ـ {لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ }البقرة236
5ـ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً }النساء19
6ـفَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ…
7ـ {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة71
8ـ{الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ
وكلمة المعروف تعني ما تعارف عليه الناس… وتعني التدليل …وتعني الملاطفة لكنها إلى ما تعارف عليه الناس أقرب.
فليس من المعقول أن يكون الضرب المعني في آية [واضربوهن] أن يكون ضرب الإيلام أو الإهانة إلا إن كان ذلك من العرف العام بين الناس في جيل معين أو شريحة بذاتها……لكن الأصل في المعروف أن يكون اللين وبما اعتاد عليه الناس وتعارفوا.
وباستقراء آيات العلاقة بين الزوجين تجد بأن المعاشرة تكون بالمعروف [بند رقم 5] والإمساك يكون بالمعروف [بند رقم 8] والطلاق يكون بإحسان [بند رقم 8] وللنساء مثل ما للرجال بالمعروف [بند رقم 1] والتراضي بين الزوجين يكون بالمعروف [بند رقم 2]
والمؤمنين والمؤمنات يأمرون بالمعروف بين الناس [بند رقم 7] فهل يكون تعاملهم بين الناس بالمعروف بينما يكون تعامل الرجل مع زوجته بالذات بالإهانة والإيلام؟
فهل يضع الله شرط المعروف بين الزوجين في كل شيئ إلا حين يغضب الزوج فله أن يخرج عن المعروف ؟.
ولقد نهى الله نواه في شأن معاشرة المرأة وجهها كلها للرجال فقال تعالى:
• {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً ….. }البقرة231.
• {….. وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً }الطلاق1.
• {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ …. }الطلاق6.
فنهى الله عن إضرارهن….. ونهى عن العدوان عليهن….ونهى عن إخراجهن من بيوتهن حتى وإن تم الطلاق الرجعي….ونهى عن التضييق عليهن.
فهل من ينهانا عن كل هذا يأمرنا بوجه آخر من ضربهن!!!….لا شك بأن السادة الفقهاء لم يفهموا دلالات آيات كتاب الله حين فهموا أن كلمة [واضربوهن] تعني ضرب الزجر أو ضرب التخويف أو ضرب الإهانة….فكل ذلك مخالف لكتاب الله.
وضرب الإهانة والإيلام بمعنى التأديب ليس له محل إلا في ذهن الفقهاء والمفسرين فالمرأة البالغة ليست بحاجة للتأديب حتى اني أجد لفظ الفقهاء فيما انتهوا إليه من حق الرجل تأديب زوجته أجده لفظا منفرا ولا يستقيم مع كل آيات الزواج التي جاءت بالمعروف بين الزوجين بمهنى الملاطفة وما تعارف عليه الناس ولا يمكن أبدا أن يكون الإهانة والإيلام
وعودة لمعنى [واضربوهن] فنجد انها بمعنى وابتعدوا عنهن بالكلية كقوله تعالى {أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ }الزخرف5.
فكلمة [أفنضرب] بمعنى [أفنبعد]
فحين تكون العظة هي أول المطاف بين الزوجين……. ويكون الحل الأوسط هو الهجر في المضجع ……….ويكون الحل الأخير هو الابتعاد بالكلية عن المرأة بهجرها خارج الفراش وليس في الفراش فهذا مما يتسق مع المعاشرة بالمعروف والتسريح بإحسان.
وإلا لو كان الضرب بمعنى الإيلام والإهانة هو المعني بآية [واضربوهن] فإنه لن يكون هناك عرف ولا معروف في المعاشرة، ولن يكون هناك إحسان في التطليق وهذا ما وقع فيه أنصار مذهب الضرب بمعنى الإيلام أو الإهانة أو كليهما، وهذا يعني تناقض القرءان وهو أمر مستحيل.
فالذين قالوا [واضربوهن] بمعنى الإيلام أو الإهانة إنما أنشئوا تضاربا بالقرءان بمفهومهم عن الضرب في المعاشرة الزوجية بين [واضربوهن] وبين [المعروف] الواجب بين الزوجين…….ولم يدركوا مطلق ما تعنيه العبارة القرءانية [وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ]؛ ولا ما يؤكده الله من سكن ومودة بين الزوجين حين قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الروم21؛ وهو يكون بكل حياة الزوجين من المعاشرة بالمعروف إلى الطلاق بالإحسان….فإذا استمرت الحياة بلا طلاق فتكون المودة هي أساسها.ضرب امرأة
بل لقد رفع الله سقف الخلاف بين الزوجين فافترض أنه أصبح عداءا، لكنه أوجد العلاج بالعفو والصفح والمغفرة وليس بالضرب قائلا سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }التغابن14.
ومعنى الآية أنك إن تعفو وأنت قادر على الخصام فهذه درجة العفو، وأن تفتح صفحة جديدة مع زوجك فتلك درجة أعلى وهي درجة الصفح، وألا تعود لذكر الأمر مرة أخرى بأي وقت من حياتكما فذلك هو صاحب المرتبة الثالثة وذلكم هو المغفرة، ومن يفعل ذلك مع زوجه أو ولده يغفر الله له ذنوبه مع الله.
ضرب المرأة من التراث المخبول
عند من لا يعرفون الدين ولا الرحمة
(من الحقوق التي للزوج على زوجته أن يؤدبها إذا نشزت، ومعنى كلمة النشوز عندهم، أنه إما الخروج من البيت بغير إذنه، أو رفض طاعته في الفراش، أو نوع من أنواع سوء الأدب في خطابه أو المعاكسة فيما يحب، كل هذه صور ما يتصورونه أنه نشوز.)……( الشيخ جلال الخطيب )
علِّقُوا السوطَ حيثُ يراهُ أهلُ البيتِ فإنه أدبٌ لهم – حديث صحيح….( صحيح الجامع الصغير – مجمع الزوائد – كشف الخفاء – صحيح الجامع – السلسلة الصحيحة ).
(.. واضربوهن يفسرها البعض بأن في الآية إعجاز.. وأن أصناف ثلاثة، فمنهن من لا يمكن أن يعيش معها رجل إلا والعصا على عاتقه، لأنها فتاة رُبيت على هذا، يطلبوا أن تذهب إلى المدرسة فتمتنع فيضربوها،.. لا أريد.. يضربوها.. هكذا اعتادت على الضرب.. تربت على هذا.. فنسأل الله أن يعين زوجها عليها بعد ذلك.. ولن يستقيم معها إلا إذا كان ضرّاباً للنساء..
والمرأة الثانية امرأة متعالية مترفعة على زوجها لا تحسب له حساب.. هذه أيضاً لا تستقيم إلا بالعصا،
والمرأة الثالثة.. امرأة فيها انحراف لا تقتنع بقوة رجلها إلا إذا قهرها وإلا إذا ضربها وإلا إذا انتصر عليها عضلياً وهزمهما بصوته.)………..( خطبة جمعة على قناة قطر الرسمية )
( وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ )
وقال الرازى : يبدأ بلين القول في الوعظ، فإن لم يفد فبخشنه، ثم يترك مضاجعتها، ثم بالإعراض عنها كلية، ثم بالضرب الخفيف كاللطمة واللكزة ونحوها مما يشعر بالاحتقار وإسقاط الحرمة، ثم بالضرب بالسوط والقضيب اللين ونحوه مما يحصل به الألم والإنكاء ولا يحصل عنه هشم ولا إراقة دم، فإن لم يفد شيء من ذلك ربطها بالهجار وهو الحبل، وأكرهها على الوطء، لأن ذلك حقه………….( البحر المحيط فى التفسير )
عن أسماء بنت الصديق رضي الله عنها : كنت رابعة أربع نسوة عند الزبير، فإذا غضب على إحدانا ضربها بعود المشجب حتى يكسره عليها .
وكذلك ما رواه ابن وهب عن مالك : أن أسماء زوج الزبير كانت تخرج حتى عوتبت في ذلك وعيب عليها وعلى ضراتها ، فعقد شعر واحدة بالأخرى ، ثم ضربهما ضربا شديدا ، وكانت الضُرّة أحسن اتقاء ، وكانت أسماء لا تتقي الضرب ، فكان الضرب بها أكثر ، فشكت إلى أبيها أبي بكر رضي الله عنه فقال : يا بنية اصبري………..( البحر المحيط فى التفسير )
فهل يا ترى علمتم كيف كان الصحابة والتابعين والفقهاء يعاملون زوجاتهم….وهل علمتم كيف أنهم لم يفهموا القرءان إلا من خلال ثقافاتهم البدوية البعيدة عن كتاب الله ثم تم نقل سلوكياتهم عبر التراث واعتبرها الأغبياء أنها شريعة الله وتفسير قرءان.
لكن الضرب الوارد عن نشوز النساء هو هجرهن خارج المضجع…مثل قوله تعالى: {أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ }الزخرف5
أي أفنبعد عنكم الذكر وكلمة [صفحا ] يعني إمساكا….يعني أفنبعد الذكر عنكم ونمسكه إمساكا لأنكم قوم مسرفين….فيكون معنى [واضربوهن] أي ابتعدوا عنهن بالكلية….وهو يكون بعد الهجر في المضجع.
لكن الفهم البدوي للأمور كان له عظيم الأثر في انتشار الضرب والقتل والحرق في الإسلام بل وكذلك في الهجوم على الدول واسترقاق أهلها….فهؤلاء لم يفهموا القرءان إلا من خلال ما ألفوا عليه آباءهم..
برهان قرءاني عن عدم وجود تشريع يبيح ضرب المرأة
سؤال لمن يقولون بأن ضرب المرأة شريعة من الله لأنهم لا يفهمون قوله تعالى [واضربوهن] إلا أنه الضرب المتعارف عليه وما أرى ذلك إلا من قصر نظرهم في الأمر
فإذا كان الضرب شريعة فلماذا لم يلجأ لها رسول الله حين قامت كل زوجاته بعصيانه، بل قال الله له مهددا إياهن بالطلاق ولم يقل له أن يضربهن، حيث قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً }الأحزاب28
وقال تعالى بسورة التحريم
…….وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ{4} عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً{5}
فهل من عقل يعقل به من يتصورون بأن كلمة [واضربوهن] تعني الضرب المتعارف عليه، فلو كان علاجا ربانيا ما فات النبي القيام به.
ومن خلاصة جهد صديقي المهندس حاتم فودة الصحفي بجريدة المصري اليوم ورئيس تحرير باب السكوت ممنوع، أقدم لكم تلخيصا لخمس وثلاثون مقالا بشأن ضرب المرأة في القرءان الكريم ومعناه.
مركزا الشرح على معنى ما ورد بالقرءان من كلمة [واضربوهن] الواردة بقوله سبحانه: {… وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }النساء34.
فأبدأ أولا بسؤال: هل يتماشى ضرب المرأة مع ما أمرنا به الرسول وقوله “رفقا بالقوارير”و”أوصيكم بالنساء خيرا”؟.. وللعلم فإن معظم النساء إذا ضُربن لا ينسين هذا الفعل ابدا !!.
كما ذكرت كلمة “ضرب” وردت بمشتقاتها المختلفة في القرءان الكريم 58 مرة لفظ ( ضرب ) بمشتقاته المختلفة ( ضرب – يضرب – ضربتم – ضربنا – تضربوا – يضربن – اضرب – اضربوه – اضربوهن – ضربا – ضربت ..الخ )..
وجدت من خلال مراجعتها أن منها 27 مرة ارتبطت بكلمة “مَثل” و”الأمثال” كما في قوله في سورة التحريم (وضرب الله مَثلا للذين آمنوا، امرأة فرعون….) , وفي قوله (…. كذلك يضرب الله الأمثال) وهي هنا بمعنى يُبين ويُذكر.
ولابد أن نعلم بأن ضرب الارتطام المادي لابد فيه من تحديد المكان المضروب أو أداة الضرب…..يعني أن يقول الله [فاضرب به…فاضربوا فوق الأعناق…فاضرب بعصاك البحر…فاضربوه ببعضها]…الخ.
أما ضرب الأمثال والضرب المعنوي والضرب العام فلا تحديد فيه كما هو الحال بشأن كلمة [ضرب ] الواردة بسورة النساء عن ضرب المرأة الناشز…فهو ليس ضرب ارتطام مادي لكنه ضرب معنوي بالهجر خارج الفراش…وإليكم الأدلة والبيان من البرهان القرءاني.
فقد يأت لفظ الضرب بمعنى “الامتناع” مثل قوله في سورة الكهف (فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا) والضرب على الأذن هنا يعنى تعطيل حاسة السمع، وجعلها لا تتعامل مع المحيط الخارجي، وليس معناه اعتداء باليد أو غيرها.
وقد يأت لفظ الضرب بمعنى السير والسفر لابتغاء الرزق وخلافه , مثل في قوله في سورة النساء 101 (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة….).
ثانيا: [الضرب بـ]
يقول الله تعالى في سورة النور31 آمرا رسوله بأن يأمر النساء المؤمنات بما يرفع من مكانتهن بقوله (….وليضربن بخمورهن على جيوبهن….) والضرب هنا بمعنى وضع الشيء على الشيء..
وبقوله في نفس الآية (… ولا يضربن بأرجلهن ليُعلم ما يخفين من زينتهن..) والضرب هنا متعلق بحركة الأرجل.
في قصة سيدنا موسى عندما أمر قومه بذبح بقرة بمواصفات معينة لكشف جريمة قتل، قال سبحانه في سورة البقرة 73( فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيى الله الموتى ويريكم آياته لعلكم تعقلون) بمعنى أن يلامس جزء من تلك البقرة جسد الميت, ولم يقل اضربوه فقط بل حدد أداة الضرب وهي ببعضها أي بجزء من تلك البقرة.
أيضا في قصة سيدنا موسى عندما توجه بقومه تجاه البحر الأحمر هرباً من فرعون فقال الله تعالى في سورة الشعراء 63 (فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم) وقد حدد هنا الأداة وهي عصاتة، وأيضاً عندما استسقى لقومه قال الله في سورة البقرة 60 (وإذا استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر) بمعنى تحريك العصا لتصدم بالحجر!!
ثالثا: أنواع متفرقة من ضرب الارتطام
يقول الله تعالى في قصة سيدنا موسى في سورة القصص 15( فوكزه موسى فقضى عليه ) فلم يستعمل كلمتي “فضربه موسى” , ولم يستعمل أيضا كلمة الضرب عندما أمسك سيدنا موسى بلحية وشعر رأس أخيه سيدنا هارون , فقال في سورة طه 94( قال يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ورأسي ) .
يقول الله تعالى في سورة الأنفال 12 ( إذ يُوحى ربك إلى الملائكة أنى معكم سأُلقى في قلوب الذين كفروا الرعب فأضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ) وقال المفسرون : الضرب هنا هو التسديد ,وصدم السيف بالرقبة والأطراف , فالمضروب هنا مُحدد , وفي الحرب يقول تعالى في سورة محمد 4 ( فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشُدوا الوثاق ) أي صدم السيف بالرقاب ,
وعندما أرتبط لفظ الضرب بامرأة في قوله تعالي في سورة ص 44 ( وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب ) وفُسرت برواية لم يرد في تعيينها أثر صحيح , وأختلف المفسرون حولها , ومنها أن زوجة سيدنا أيوب قصت ضفيرتها وباعتها مقابل خبز أطعمته إياه , فغضب على زوجته ,وحلف إن شفاه الله ليجلدنها مائة جلدة .. فلما شفاه الله ما كان جزاؤها مقابل خدمتها له , وما يُعبر عنه فعلها من حب وعطف وشفقة أن تُضرب فأفتاه الله أن يجمع مائة عود من الأغصان الرقيقة (الشماغ) ويضربها بها ضربة واحدة بحيث لا يحنث في يمينه !! ..
في قصة سيدنا إبراهيم يقول الله في سورة الصافات 93 ( فراغ عليهم ضربا باليمين ) وقد حُدد الضرب هنا أنه صدم بيمين سيدنا إبراهيم , فيمينه هي أداة الضرب , والمضروب هو الأصنام .
يقول الله تعالى في سورة الأنفال 50 ( ولو ترى إذ يتوفي الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ) ولقد حدد الله هنا الأجزاء المضروبة وهى الوجوه والأدبار , ونلاحظ أنه كلما وردت كلمة الضرب بمعنى الصدم بشيء تُحدد “وسيلة الضرب” و”المكان المضروب” .
مما سبق يتضح أن لكلمة (الضرب) معان عديدة , وقد جاء في “لسان العرب”و” مختار الصحاح ” أن منها أيضا : ” ضَرب على يده ” أي كفه عن شيء أو منعه , و”أضرب الشيء” أي أعرض ,وقول ” أضرب الرجل في البيت ” أي أقام في البيت , وضربته العقرب أي لدغته , وضرب الدرهم أي طبعه , وغير ذلك , وخلاصته أن من معاني “الضرب” الإعراض والذهاب والتجاهل والتسكين والحَجر والسير والقتال .
لم يَضرِب سيدنا النبي أيا من أزواجه , ولم نقرأ عن صحابي ضرب زوجته ولو “بالمسواك” كما قال بعض المفسرين! فإذا كان لفظ “واضربوهن” ورد عند نشوز الزوجة ,فماذا لو نشز الزوج هل تضربه أو يُضرب بمعرفة أهلها ؟ انظروا قوله تعالى في سورة النساء 128 ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما والصلح خير …) حتى عند الطلاق لم يُذكر الضرب ولو مرة واحدة بل دعى لمحاولات الصلح والإمساك بمعروف أو المفارقة بمعروف .
نخلص من هذا كله أن الآية 34 من سورة النساء لم يُحدد فيها وسيلة الضرب أو مكان الضرب بل جعلها كلمة عامة , مما يعني عدم وجود الضرب المادي [ضرب الارتطام] بالإسلام .
وهو ما يعني تجاهل الرجل للمرأة تماما والإعراض عنها , وهى مقيمة في بيتها حتى تستجيب لزوجها .. فيا أحبابي ليس في الإسلام ضرب للزوجة , وكفانا فقها مخالفا لمرامي كلمات الله !!…
فهل من ينادي بذلك الخُلُق يقول بالضرب المتعارف عليه أنه الإيذاء أو الإهانة؟، ولو كان النبي فعل ذلك لقلنا بأنه سُنّة لكنه صلى الله عليه وسلم أمر بألا نضرب النساء، فهل لا يعجب الفقهاء والمفسرين فهم القرءان ولا تطبيق السنة؟.
مستشار/أحمد عبده ماهر
محام بالنقض ومحكم دولي وباحث إسلامي
|