أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الإثنين ٢١ مارس/آذار ٢٠١٦، التعبئة العامة ضد "الإرهاب" بعد سلسلة غير مسبوقة من الاعتداءات الدامية التي تعرضت لها البلاد التي يسودها القلق إثر ملاحقة الشرطة 3 جهاديين يشتبه بأنهم يعدّون لاعتداءات أخرى.
وبعد يومين على عملية انتحارية جديدة استهدفت حياً سياحياً في إسطنبول، استذكر أردوغان "عظمة السلطنة العثمانية" وأشاد بروح النصر في معركة جاليبولي خلال الحرب العالمية الأولى التي انتصرت فيها الدولة العثمانية على الحلفاء وتعهد بالتصدي "لإحدى أكبر موجات الإرهاب في تاريخ تركيا".
وقال أردوغان في خطاب ألقاه في نفس الحي بإسطنبول: "سنضرب هذه التنظيمات الإرهابية بأشد ما يمكن"، داعياً الأتراك إلى "رصّ الصفوف" في مواجهة هذا التهديد.
وقال الرئيس الإسلامي المحافظ: "إزاء استراتيجيات الإرهابيين الجديدة، سنطور أنماط قتال جديدة وسنحقق انتصاراً سريعاً".
وتابع رداً على المنتقدين الذين يتهمونه بالجنوح إلى التسلُّط: "نحن لا نقاتل الديمقراطية بل الإرهاب، لا نقاتل حقوق الإنسان بل الإرهابيين".
وتشهد تركيا منذ عدة أشهر حالة ترقب مشددة نتيجة سلسلة غير مسبوقة من الاعتداءات التي نُسبت إلى الجهاديين أو مرتبطة باستئناف النزاع مع حزب العمال الكردستاني.
وكان آخر هذه الاعتداءات عملية انتحارية استهدفت، السبت الماضي، شارع الاستقلال السياحي والتجاري في قلب إسطنبول ونسبتها السلطات التركية الى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وقد أدت إلى مقتل 4 سياح أجانب وإصابة 30 شخصاً بجروح.
"داعش" المتهم الأول
ولم تتبن أية جهة الهجوم، لكن وزير الداخلية التركي افكان ألا قال إن شخصاً تركياً يبلغ من العمر 33 عاماً، واسمه محمد اوزتوروك، هو منفذه، وإنه كان على "صلة" بتنظيم "داعش".
من جهتها، ذكرت وكالة أنباء دوغان، اليوم الإثنين ٢١ مارس/آذار ٢٠١٦، أن الشرطة التركية تطارد 3 أشخاص ينتمون إلى تنظيم الدولة الإسلامية يشتبه بأنهم يعدون لارتكاب اعتداءات انتحارية كالاعتداء الذي وقع السبت الماضي في إسطنبول وأسفر عن مقتل 4 سياح أجانب.
ونقلت الوكالة عن مصادر في الشرطة قولها إن السلطات حصلت على معلومات استخباراتية مفادها أن هؤلاء الأتراك الثلاثة تلقوا أوامر بتنفيذ هجمات في أماكن عامة مكتظة.
ونشرت وسائل الإعلام التركية صوراً للرجال الثلاثة وهم: حجي علي دوماز، وسافاش يلديز، ويونس دورماز، ونشرت كذلك أسماءهم المستعارة.
ومساء الأحد ٢٠ مارس/آذار ٢٠١٦، ألغت السلطات التركية مباراة بين فريقي كرة القدم في إسطنبول، غلطة سراي وفنربغشة، قبل ساعتين فقط من انطلاقها بسبب تهديد "جدي" بوقوع اعتداء.
ونقلت صحيفة "حرييت" التركية، اليوم الإثنين ٢١ مارس/آذار ٢٠١٦، عن مصادر قريبة من أجهزة المخابرات أن عدداً من الأشخاص كانوا سيفجرون أنفسهم وسط حشود المشاهدين في عملية قريبة من تلك التي استهدفت في 13 نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠١٥ استاد دو فرانس في باريس.
حالة استنفار
وتعيش تركيا منذ نهاية يونيو/حزيران الماضي حالة استنفار قصوى بسبب سلسلة غير مسبوقة من الاعتداءات نسبت الى جهاديين مثل الاعتداء الذي أودى بحياة 12 سائحاً ألمانياً في يناير/كانون الثاني ٢٠١٦ في إسطنبول أو الاعتداء المرتبط باستئناف النزاع الكردي.
وقد دان أردوغان بشدة الاعتداء الذي وقع في شارع الاستقلال السياحي الشهير بقلب إسطنبول، لكنه صبّ اليوم الإثنين جام غضبه على متمردي حزب العمال الكردستاني واتهم حلفاءه الأوروبيين بممالأتهم.
وشكك الرئيس التركي مرة جديدة في "صدق" نوايا الاتحاد الأوروبي في مكافحة حزب العمال الكردستاني.
واستدعت تركيا، أمس الأحد، سفير بلجيكا في أنقرة للاحتجاج على خيمة أقامها أنصار حزب العمال الكردستاني قرب مقر المفوضية الأوروبية.
وقال: "مباشرة خلف المبنى الذي تم فيه توقيع الاتفاق ينصب التنظيم الإرهابي (حزب العمال الكردستاني) خيمة ويرفع لافتاته"، في إشارة إلى الاتفاق الموقع بين تركيا والاتحاد الأوروبي في 19 مارس/آذار في بروكسل بهدف ضبط تدفق المهاجرين.
وأضاف: "كيف يمكن للاتحاد الأوروبي الذي يصنف هذا التنظيم على أنه إرهابي أن يقبل بمثل هذا الوضع؟ أين الصدق والنزاهة؟ هذا نفاق"، حسب تعبيره.
وتبنى فصيل منشق عن حزب العمال الكردستاني يطلق على نفسه اسم "صقور الحرية في كردستان" عمليتين انتحاريتين بالسيارة المفخخة في 17 فبراير/شباط و13 مارس/آذار في أنقرة أوقعتا 65 قتيلاً وحوالي 200 جريح.
وشن أردوغان حرباً على من سمّاهم "متواطئين مع الإرهابيين" وأمر بتوقيف عدد من النواب والمفكرين وأساتذة الجامعات والمحامين المقربين من القضية التركية.
وفي هذه الأجواء المتوترة، احتفل حوالي 50 ألف شخص، الاثنين، بالسنة الكردية الجديدة (عيد النوروز) في ديار بكر جنوب شرق تركيا في ظل حراسة مشددة، حسب ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.
وسقط العديد من الضحايا في المواجهات بين قوات الأمن التركية ومقاتلي حزب العمال الكردستاني التي استؤنفت الصيف الماضي بعد أكثر من عامين من وقف إطلاق النار.
الديار