ضناً بدماء العرب، وسواء كانوا سعوديين ام سوريين ام عراقيين ام يمنيين، نقول لاشقائنا السعوديين( اشقاؤنا حتما) ان الساعة ازفت لوقف مطحنة الدم التي هي ايضا مطحنة الزمن. و ليكن وقف النار في سوريا، إن طبق، نقطة البداية...
لا يعني هذا اننا نحملّهم وحدهم وزر الجحيم الذي نختال فيه، هم الذين لاحظوا كيف تعصف بنا لعبة الامم، وهم الذين يعلمون ماذا يقال في الاروقة الاميركية، والاروقة الاوروبية، حول المملكة، ودورها في انتاج اسامة بن لادن،كما في انتاج ابي مصعب الزرقاوي، وابي بكر البغدادي...
السعوديون يعلمون اكثر من ذلك. لهم آذانهم في واشنطن، كما في لندن وباريس، وتتناهى اليهم تفاصيل الرهانات الفظة حول «سقوط المملكة» او حول «تفكك المملكة»، وصولا الى الحديث عن «موت المملكة»، لان هذا السبيل الوحيد لموت الارهاب، بالتالي عودة الامان، والرفاه، الى مانهاتن والبيكاديلي والكوت دازور...
اذا كانت حرب البسوس قد استغرقت ثلاثين عاما من اجل ناقة. في اليمن لا ناقة ولا جمل، بل حطام. القبائل تأكل القبائل. العذاب يأكل العذاب. هل يستحق اولئك الحفاة، المحطمون، اللاهثون، الضائعون، كل ذلك الموت؟
لاشقائنا السعوديين نقول ان وقف التسونامي الايراني ليس هكذا، وبعدما شاهدنا كيف ان الغرب يرى في ايران الالدورادو الجديدة، والحاضرة الاستراتيجية الاولى بين الشرق الاوسط والشرق الاقصى حيث الصين هي الهم الاميركي ولا همّ فوقه، خصوصا اذا ما وضعت يدها على سيبيريا ولم يعد يفصلها عن آلاسكا سوى مضيق بيرنغ..
الاميركيون لا يبالون كثيرا بالتاريخ، لكنهم في «لحظة التنين» يعودون 4656 عاما الى الوراء، ليذكروا بأن ثمة عالمين فلكيين صينيين اجتازا المضيق وتوغلا في العمق «الاميركي» عام 2640 قبل الميلاد.
لن ننتصر في اي حرب ضد ايران، وسواء كانت بالوكالة او كانت وجها لوجه. هي ايضا لن تنتصر. الفارق ان بلداننا هي التي تتحول الى مقابر. يفترض ان نعيد النظر بالبعد القبلي في بنيتنا الاستراتيجية وفي كل نواحي، ومناحي، الحياة.
الاشقاء السعوديون(الاشقاء حتما) ماذا لم يفعلوه، والشركاء من كل الانواع ومن كل الاجناس، على مدى السنوات الخمس المنصرمة في سوريا من اجل تقويض النظام. بالاحرى من اجل ازالة بشار الاسد..
الذي حدث ان النظام بقي، وتزعزعت الدولة. ومهما قيل، لو لم يكن النظام الذي ليس منطقيا ان يظل الى الابد كما الانظمة الاخرى، يمتلك النواة الصلبة لما كان تمكن من البقاء. التدخل العسكري الايراني المباشر، والتدخل العسكري الروسي المباشرحصلا في الاشهر الاخيرة.
يقال ان الذين حموا النظام هم مقاتلو «حزب الله»؟ خمسة الاف مقاتل او سبعة الاف مقاتل لا اكثر، في حال من الاحوال، يستطيعون تغيير مجرى الاحداث على امتداد مائتي الف كيلو متر مربع، وعبر مئات الجبهات، وفي مواجهة عشرات الاف المقاتلين المستوردين من اصقاع الدنيا، وعشرات الاف المقاتلين المحليين الذين دفعت من اجلهم المليارات للنزول الى الخنادق...
الم يقل وزير خارجية عربي «اشتريناهم بمليارات الدولارات فباعونا بـ«سندويتشات الفلافل»؟
لا يعني ذلك غسل يدي النظام، ولكن اين هو النموذج العربي في الديمقراطية، وفي الحرية، وفي العدالة، وايضا وايضا في الشفافية والنزاهة ليدان ويلاحق النظام في سوريا. هل المشكلة في رأس بشار الاسد؟ كما لو ان كل الايدي لم تتلطخ بالدم، وكما لو ان المسألة كلها ليست في ان رجب طيب اردوغان صوّر لهم انه سيزيل الاسد في بضعة ايام...
حقا، ماذا يمكن للاشقاء السعوديين، الاشقاء حتما، ان يفعلوه اكثر مما فعلوه؟ المسرح السوري بات اكثر تعقيدا بكثير. الرئيس التركي الذي تخيّل نفسه( في «حريم السلطان») يدخل الى دمشق على صهوة حصان، يقاتل، والنيران تقترب من شاربيه، من اجل اعزاز...
لم يبق سرا ان قيادات اطلسية حذرته من الانزلاق الى الحرب مع روسيا. هذا يعطي القيصر الضوء الاخضر لاحتلال اجزاء من تركيا. ولا ندري ما اذا كان الرجل اطلّع على الوعد الذي قدمه مارك سايكس وجورج بيكو لوزير الخارجية الروسي سيرغي مازونوف عام 1916 في صدد الحاق اراض تركية بروسيا المقدسة...
مطحنة الدم، مطحنة الزمن...تطحننا!