بوتين يرفض كليا تقسيم سوريا وموسكو ستقاتل ضده
حصل في الـ 24 ساعة الأخيرة تطورات هامة في سوريا عشية الحديث عن وقف اطلاق النار، وبعد ان سيطر الجيش السوري على 31 قرية في محافظة حلب في ريفها، بفعل القصف الجوي الروسي فان الهدنة المقترحة بين واشنطن وموسكو في وقف اطلاق النار باتت معرضة للفشل نتيجة شروط المعارضة ونتيجة إصرار موسكو على قصف داعش وجبهة النصرة حتى لو تم وقف اطلاق النار، على أساس ان مجلس الامن اوكل دول العالم ضرب الإرهاب وموسكو تعتبر داعش وجبهة النصرة هما تنظيمان ارهابيان يجب الاكمال على ضربهما.
لا تبدو الهدنة سهلة، بل هي صعبة جدا، ويبدو انها لن تتنفذ، على أساس ان الطائرات الروسية ستكمل قصفها لمراكز المعارضة كما ان المعارضة لها شروط بالنسبة للجيش السوري وانسحابه من مناطق معينة.
اما اكبر خطر على سوريا فهو قول وزير خارجية اميركا الوزير جون كيري ان سوريا ذاهبة الى التقسيم اذا بقي الرئيس بشار الأسد في الحكم ولم يتم وقف اطلاق النار. ولماذا كيري يقول هذا الكلام في هذا الوقت، ان سوريا ذاهبة الى التقسيم، واذا لا سمح الله حصل التقسيم في سوريا فسينعكس على لبنان تقسيما خطيراً وفوضى في سوريا عارمة مثل العراق وليبيا، وحمام دم، بين مناطق ومناطق وبين مذاهب ومذاهب.
لكن الوزير جون كيري وزير خارجية اميركا لم يشرح قوله في شأن تقسيم سوريا، بل اطلق هذا التصريح الخطير وتوقف هنا ليوجه رسالة الى موسكو بأن واشنطن ليست ضد تقسيم سوريا ضمن المخطط الصهيوني الذي قام بتقسيم العراق وتقسيم اليمن، وتقسيم ليبيا وتقسيم فلسطين بين الضفة الغربية وغزة، وصولا الى ما سيجري في لبنان لا سمح الله، من تقسيم اذا وقع التقسيم في المنطقة كلها.
اما في المجال الروسي، فقد نقلت وكالة انترفاكس الروسية عن ان الرئيس بوتين يرفض كليا تقسيم سوريا وهو مستعد للقتال عبر الجيش الروسي حتى النهاية لمنع تقسيم سوريا، وان الحل السياسي في سوريا يرتكز على تخفيف صلاحيات رئيس الجمهورية الذي هو الرئيس بشار الأسد وإعطاء صلاحيات لحكومة وحدة وطنية تضم معارضة، لكن خارج التنظيمات الإرهابية، أي المعارضة المؤمنة بالجمهورية السورية، وليست المؤمنة بالافكار التكفيرية الإرهابية والتفجيرات.
ويبدو ان روسيا تستعد جديا للقتال على المدى الطويل في سوريا لمنع تقسيمها، وهنالك 80 طائرة روسية في مطار اللاذقية تقوم يوميا بحوالي 120 غارة تقصف فيها المراكز المعارضة الإرهابية وتدمرها، ولذلك شعرت المعارضة بضرورة وقف اطلاق النار لمنع الجيش السوري وحزب الله من الانتصار، لكنها وضعت شرطا ان يتوقف الطيران الروسي عن قصف مراكز داعش وجبهة النصرة وجيش الإسلام، لكن بوتين ابلغ أوباما هاتفيا ان الطيران الروسي سيكمل قصفه لمراكز داعش وجبهة النصرة وجيش الإسلام معتبرا إياهم تنظيمات إرهابية ومن هنا قام الرئيس الأميركي أوباما بتصريح ان وقف اطلاق النار في سوريا صعب للغاية ولا يبدو في الأفق القريب، مع انه تم تحديد وقف اطلاق النار عند منتصف الليل يوم الجمعة – السبت أي غدا وبعد غد.
لكن وقف اطلاق النار كله ليس له فاعلية ما لم يكن هنالك قوات اجنبية تفصل بين المعارضة والجيش السوري وحزب الله وتقوم لجنة مراقبين لمراقبة وقف اطلاق النار والاتصال بالجيش السوري وبالمعارضة لمنع حصول خرق لوقف اطلاق النار عند حصوله والتدخل جديا من اجل ذلك لكن لا يوجد جيش أميركي في سوريا ليقوم بذلك وواشنطن غير مستعدة لارسال جيش اميركي الى سوريا كذلك روسيا ليست مستعدة لارسال جيش روسي على البر السوري بل تكتفي بالغارات الجوية، إضافة الى ان سوريا ترفض قوات اجنبية ان تتمركز على أراضيها من كل دول العالم، باستثناء الطائرات الروسية التي تقصف مراكز المعارضة الإرهابية السلفية الإسلامية.
وصدر عن مركز دراسات في واشنطن تقرير يقول بتقسيم سوريا على أساس إعطاء الرئيس بشار الأسد دمشق ومحافظة حمص وحماة والساحل السوري، مقابل إعطاء السنّة مناطق ادلب وجسر الشغور والحسكة ودير الزور والرقة، ودرعا، الا ان هذا التقرير الذي تم تقديمه الى الرئيس باراك أوباما والى وزير خارجية اميركا كيري يبقى تقريرا اكاديميا لا يأخذ في عين الاعتبار تشابك المناطق واهمية سهل الغاب وكيف يتم الربط بين محافظة حماة وحلب حيث ان الجيش السوري يطوق حلب حاليا ويريد السيطرة عليها، كذلك يستعد الجيش السوري بالاشتراك مع قصف روسي عنيف على ضرب قيادة حركة داعش في الرقة وتوجه الجيش السوري للسيطرة على الرقة وإزالة داعش نهائيا منها، ويبدو واضحا ان هنالك خلاف أميركي روسي في شأن سوريا، فمن جهة اميركا لا تقدم الا التصريحات في شأن سوريا، اما روسيا فقد قام الرئيس بوتين بالاتصال بالامير تميم امير قطر واتصل بالملك سلمان ملك السعودية للتنسيق في شأن سوريا، وارسل رسالة عبر الفرنسيين الى تركيا بوقف تسليح وارسال الإرهابيين الى سوريا، خلال وقف اطلاق النار. لكن هل ستوقف تركيا ارسال الأسلحة والامدادات البشرية السلفية الإرهابية الى سوريا فان ذلك امر صعب ويبدو ان السعودية لن تتجاوب مع موسكو الا اذا سحبت ايران من المنطقة وعندها تقبل السعودية ببقاء الرئيس بشار الأسد وتقبل بالاستقرار في لبنان وتريد ان تخرج ايران من العراق وان يعود العراق عربيا كاملا لا تأثير إيراني عليه.
وقد كان هذا الموضوع مدار بحث بين وزير الدفاع الروسي الذي زار طهران والقيادات الإيرانية، وايران تقول انها لا تعتدي على الخليج في شيء بل لها نفوذ في العراق وسوريا ولبنان لا يمكن الغاءهم بناء على طلب السعودية، فالسعودية لها نفوذ في العراق مع السنّة ومع 9 ملايين سني في العراق، كذلك لها نفوذ في سوريا بين الطائفة السنية وهو نفوذ كبير وسلحتهم وقامت بتمويلهم بما فيه الكفاية. كما ان في لبنان تدخلت السعودية في انتخابات 2009 وأمّنت الأكثرية، وشجعت شبان سنّة من طرابلس وصيدا وبيروت وعكار والضنية والأراضي اللبنانية على الذهاب الى سوريا للاقتتال هناك. ولذلك ايران لن تخفف من نفوذها، لذلك الازمة مستمرة بين السعودية وايران والى ان تتفق موسكو وواشنطن على حل للإقليم كله من ايران الى تركيا الى سوريا الى لبنان الى العراق فلا حل في الأفق ولن تثبت هدنة في سوريا ولن تصمد هذا ان حصل، ويبدو ان الرئيس بوتين هو اقوى شخصية عالمية حتى الان اذ يتخذ قرارات قوية ولا يتراجع عنها، وهو ينتظر ملك السعودية في 15 اذار في موسكو ليتحادث معه عن موضوع الخليج وعن موضوع ايران وعن موضوع سوريا، الذي اخذ بوتين على عاتقه تنظيم الوضع في سوريا وفق اجاندا تؤكد على الحل السياسي وانها غير متمسكة بالرئيس بشار الأسد قويا في السلطة بل له صلاحيات محدودة بل تؤكد على صلاحيات الحكومة وعلى مجلس الشعب السوري منتخب من المعارضة والموالاة، والشعب السوري يقرر قراره النهائي في شأن النظام في سوريا.
عن الديار