انعكس الاتفاق الاميركي- الروسي حول الصراع السوري والتنسيق والتعاون فيما بينهم التوصل الى هدنة مؤقتة بين الاطراف السورية المتصارعة باستثناء تنظيم داعش والهدنة اعتباراً من تاريخ 27 شباط والذي يصادف السبت المقبل.
الهدنة صعبة ولا يمكن نجاحها في ظل تعدد المعارضات كما ان داعش والنصرة تسيطران على معظم مناطق المسلحين والاشتباكات ستتواصل مع هؤلاء في ظل معلومات عن فتح الجيش السوري لمعركة الرقة قريباً.
وتضمنت مسودة الاتفاق دعوة الجماعات الموافقة على الهدنة لبدء تنفيذ وقف النار ابتداء من ظهر الجمعة 26 شباط والتي لقيت تأييداً من فصائل المعارضة السورية وفقا لما اعلنه رئيس الهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، أن المعارضة أبدت موافقة أولية على التوصل إلى هدنة مؤقتة، بشرط أن يتم ذلك وفق وساطة دولية اهمها توفير ضمانات أممية بحمل روسيا وإيران على وقف القتال وفك الحصار عن مختلف المناطق، وتأمين وصول المساعدات للمحاصرين، وإطلاق سراح المعتقلين.
وكانت الهيئة العليا للمفاوضات السورية قد عقدت اجتماعا طارئا امس في الرياض، لبحث الهدنة المحتملة وتوفّر الضمانات اللازمة لنجاحها كما جرت اجتماعات ثنائية بين الهيئة وممثلين عن دولٍ غربية.
بدوره، جدد رئيس الائتلاف الوطني السوري السابق هادي البحرة التأكيد على أن الهدنة في سوريا مرهونة بالتزام النظام وروسيا بوقف القصف في حين اوضح ممثل فصيل جيش الإسلام في جنيف 3 محمد علوش أن الهدنة هي إجراء مؤقت ولم يكن مخطط لها.
وقد يكون التوصل الى اقرار هدنة بين الأطراف السورية المتنازعة فيما بينها امر سهل انما الصعوبة ستكون في تنفيذ الهدنة وإمكانية التوصل إلى وقف فعال لإطلاق النار وسط القتال الدائر حاليا كما تخوف الرئيس السوري بشار الأسد من ان يستغل من وصفهم بأنهم «إرهابيون» وقف القتال اضافة الى اخفاق القوى الدولية التي اجتمعت يوم 12 شباط في مدينة ميونيخ الألمانية لتطبيق هدنة في غضون أسبوع في تحديد يوم لتنفيذ ذلك.
اما ايران، فقد اعلنت على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف انه لم يتم التوافق بعد على التفاصيل المرتبطة بكيفية تنفيذ وقف اطلاق النار في سوريا اذ صرح ظريف انه يتعين منع اعداد الارضية لارسال المساعدات الى الجماعات الارهابية وباقي التنظيمات المسلحة خلال مرحلة وقف اطلاق النار وكذلك منع ارسال وتجنيد عناصر جديدة بمعنى الاشراف الكامل على الحدود.
وعلى هامش الاتفاق، اعلن الكرملين أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني خلال مكالمة هاتفية امس الوضع في سوريا واتفقا على تكثيف الاتصالات الثنائية على مختلف المستويات من أجل المساهمة في تسوية الأزمة السورية.
كما اعلن وزير الخارجية التركي، تشاوش أوغلو ان العمل البري في سوريا غير مطروح حالياً في مؤتمر صحفي مشترك في أنقرة مع نظيره الإيطالي باولو جنتيلوني قائلا: «قلنا إنه بدلاً من دعم منظمات إرهابية أخرى لمحاربة داعش يمكننا محاربة هذه المنظمات الإرهابية بأنفسنا، نحن الدول الخمس والستين (أعضاء التحالف ضد داعش)، بخلاف ذلك فإن أي عملية برية في سوريا من قبل تركيا والسعودية لم تكن أبدا مطروحة على جدول الأعمال. إنها ليست على جدول الأعمال. نحن واضحون في هذا الشأن».
اما اسرائيل، فقد استبعدت التوصل الى وقف شامل دائم لاطلاق النار في المستقبل المنظور.
ـ الوضع الميداني ـ
على الصعيد العسكر، نفذ الطيران الروسي اكثر من عشر غارات على بلدة الشيخ عيسى بريف حلب الشمالي تزامنا مع محاولة قوات سوريا الديمقراطية التقدم نحو البلدة رغم تصريحات رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي صالح مسلم عن عدم عزم وحدات حماية الشعب الكردية التي تشكل العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية التقدم إلى مناطق جديدة بريف حلب الشمالي. وكانت تجددت المواجهات بين المسلحين و«قوات سوريا الديمقراطية» على المدخل الغربي لمدينة تل رفعت في حين دارت معارك بين فصائل المعارضة ووحدات حماية الشعب الكردية عند دوار الكاستيلو.
بموزاة ذلك، وفي ريف حلب الجنوبي الشرقي حصلت معارك عنيفة بين الجيش السوري وفصائل مسلحة بينها جند الأقصى والحزب الإسلامي التركستاني قرب بلدة خناصر وعند قرية رسم النفل. وأشار المرصد السوري إلى أن المعارك محتدمة في المنطقة بالتزامن مع قصف جوي على مناطق الاشتباكات ادت الى قطع الطريق وسط تنفيذ طائرات حربية روسية غارات مكثفة على منطقة جبل الحص ومناطق الاشتباك، كما حصلت اشتباكات بمحاور أخرى على طريق خناصر-أثريا بين الجيش السوري وتنظيم الدولة الإسلامية.
وفي هذا السياق، شن عناصر من تنظيم داعش هجوما عنيفا على عدة نقاط تفتيشية أمنية للجيش السوري على طريق حلب خناصر من محورين: الأول عند الحمامات جنوبي خناصر بـ 15 كم والثاني قرب قرية رسم النفل شمالي خناصر. وعليه، سيطر «داعش» على ثلاث نقاط، إلا أن الجيش السوري، قطع الطريق الدولية واستقدم التعزيزات العسكرية لاستعادة النقاط التي خسرها. ويذكر طريق خناصر هي مسلك موقت يعبر ريف حلب وصولا إلى السلمية في حماة، ويصل شمال البلاد بالداخل والساحل، وقد أحكمت القوات السورية سيطرتها عليه بعد معركة شرسة الصيف الماضي.
وفي ريف حلب الشمالي، تعرضت مناطق في بلدتي عندان وحيان لقصف قوات النظام السوري ليلا، بينما أغارت طائرات حربية مناطق في مدينة الباب وبلدتي تادف وبزعة وقرى الحامدية والمغري بريف حلب الشرقي، الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.
اما في ريف حلب الغربي، فقد حصلت اشتباكات بين حزب الله والجيش السوري من جهة وفصائل مسلحة من جهة أخرى، في محيط بلدتي خان طومان والزربة ما اسفر عن سقوط قتلى في صفوف الطرفين.
وفي سياق متصل، بدأ الجيش السوري يتحضر لخوض المعركة الكبرى في محافظة الرقة - معقل تنظيم «داعش» بعد قيامه بالمعارك في ريف حماه الشرقي وريف حلب الشرقي.
وتتمتع محافظة حماة بأهمية كبيرة بالنسبة لدمشق بسبب ملاصقتها لثلاث محافظات استراتيجية: اللاذقية غربا، إدلب شمالا، الرقة في الشمال الشرقي، فضلا عن توزع ثلاث قوى رئيسة فيها: الجيش في الوسط، فصائل المعارضة في الشمال والجنوب والغرب إلى حد ما، و«داعش» في الشرق...
ـ ادانة دولية لتفجيرات السيدة زينب وحمص ـ
وصلت حصيلة التفجيرات التي هزت حي السيدة زينب في ريف دمشق إلى 120 قتيلا وفي حمص ارتفع عدد قتلى التفجير الإرهابي المزدوج في شارع الستين وسط المدينة إلى أكثر من 50 قتيلا وعشرات الجرحى.
قالت وزراة الخارجية الاميركية في بيان ان الولايات المتحدة تدين هجمات شنها تنظيم داعش في سوريا يوم الاحد الماضي.
وبدورها، دانت وزارة الخارجية الروسية بشدة التفجيرات الإرهابية الأخيرة في منطقة السيدة زينب بريف دمشق وفي مدينة حمص، معتبرة تلك الهجمات البشعة محاولة لنسف التسوية السياسية.
وقالت الوزارة في بيانها: «إننا واثقون من أن مثل هذه الهجمات البشعة تتطلب من المجتمع الدولي تقديم رد فعل مبدئي طويل الأمد. ومن المهم وضع حاجز متين أمام مساعي «داعش» و«جبهة النصرة» والتنظيمات الإرهابية الأخرى لإثارة مزيد من التصعيد في سوريا وحولها، مع المراهنة على مواصلة تأجيج الخلافات الطائفية».
عن الديار