تظاهرات معادية للأجانب.. وأخرى مؤيدة لهم تعم "القارة العجوز"
حذرت النمسا والمجر، السبت، خلال اجتماع أوروبي في مدينة امستردام، من انه اذا لم تتمكن اليونان من ضبط تدفق اللاجئين الوافدين من تركيا، فسيكون على الاتحاد الاوروبي أن يدرس اقامة "خط دفاعي" في دول البلقان وتعزيز الإجراءات على حدودها. وتزامن اجتماع دول الاتحاد الأوروبي مع تجمع الاف من أنصار حركة "بيغيدا" المناهضة للمهاجرين المسلمين في المدينة الهولندية وفي مدن أوروبية عديدة بينها وارسو وبراغ ودبلن وكاليه ودريسدن.
واحتشد نحو خمسة الاف شخص في مسيرة نظمتها جماعتان يمينيتان في براغ، بينما طاردت شرطة الخيالة جماعات مؤيدة واخرى معارضة لـ"بيغيدا"، في امستردام، واعتقلت عشرة اشخاص على الاقل.
ففي امستردام تجمع مئات من الموالين والمناهضين لبيغيدا ورفعوا لافتات من بينها "اهلا باللاجئين" و"لا اهلا بالاسلاميين".
وقالت ايفيت (51 عاماً) من اوتريخت وهي تحمل لافتة كتب عليها "بيغيدا هي الحب" باللغة الهولندية: "نحن نتظاهر لاننا قلقون جدا على بلدنا ومن الاسلام".
واضافت "عليكم ان تفهموا ان الناس خائفون".
وانتشر عشرات من رجال الشرطة الخيالة وشرطة مكافحة الشغب للفصل بين الجماعتين، فيما حلقت مروحيات عسكرية فوق المكان.
وقال مراسل "فرانس برس" انه شاهد اعتقال نحو عشرة اشخاص، فيما طاردت الشرطة الخيالة الحشود للفصل بين الجماعتين.
وفي مدينة كاليه شمال فرنسا، والتي تضم مخيما للاجئين الساعين الى عبور القنال للوصول الى بريطانيا، فرقت الشرطة مسيرة مماثلة واعتقلت نحو 20 شخصاً، بحسب السلطات المحلية.
واطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين بعد اشتباكات بين الجانبين.
ودعت حركة "بيغيدا" المتطرفة أو "القوميون الأوروبيون ضد اسلمة الغرب" التي ظهرت في المانيا في خريف العام 2014، الى تنظيم مسيرات، السبت، ودعت أنصارها في 14 بلدا أوروبياً الى المشاركة في مسيرة مناهضة للمهاجرين تحت شعار "أوروبا القلعة الحصينة".
لا مكان للنازيين
وفي دريسدن الالمانية، تجمع أنصار "بيغيدا" اعتباراً من الظهر على ضفة نهر ايلبي الذي يعبر عاصمة مقاطعة ساكسونيا، احتجاجاً على "الهجرة الكثيفة والأسلمة".
ولم يشارك لوتز باخمان الذي أسس الحركة، في التجمع بسبب وعكة صحية، بحسب ما اعلن المنظمون.
ونشرت الشرطة اكثر من الف من عناصرها في المدينة مزودين خراطيم مياه لضمان الامن، في حين أعلنت، الخميس أنها تتوقع مشاركة نحو 15 الف شخص في التحرك.
وافادت مراسلة لـ"فرانس برس"، بأن المتظاهرين كانوا بضعة آلاف تجمعوا بهدوء ملوحين بأعلام ورافعين لافتات مناهضة للمستشارة الالمانية انغيلا ميركل، على وقع انتقادات لسياستها المنفتحة في ملف الهجرة.
في المقابل، سار مئات الأشخاص عصراً، في تظاهرة مضادة داعين الى التسامح. وكتبت الصحافة الألمانية أن عدد هؤلاء تجاوز الفين بقليل، اي اقل بكثير من عشرة الاف كانت توقعتهم الشرطة.
وأطلق هؤلاء شعارات: "لا مكان للنازيين"، و"لا نحتاج الى كراهية الاجانب او الغوغائية او بيغيدا".
واستقبلت المانيا العام الفائت 1,1 مليون من طالبي اللجوء.
وفي براغ قدر مراسل "فرانس برس"، عدد المشاركين في المسيرة بنحو خمسة الاف شخص، الا ان الشرطة لم تكشف عدداً رسمياً للمشاركين في المسيرة او المسيرة المضادة. واعتقلت الشرطة أربعة اشخاص.
وفي دبلن، اندلع عراك بين اشخاص تجمعوا للاحتجاج على انطلاق بيغيدا في ايرلندا واخرين شاركوا في انطلاق تلك الحركة.
"خط دفاعي"
تزامن ذلك مع اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في امستردام دعيت اليه ايضاً تركيا ودول البلقان، فيما دعا المستشار النمساوي فيرنر فايمان، من جهته وكالة "فرونتكس" الأوروبية لأمن الحدود، الى اعادة المهاجرين الذين توقفهم أثناء محاولتهم الوصول الى اليونان، مباشرة الى تركيا.
وقال وزير الخارجية النمساوي سيباستيان كورز: "نحتاج فعلاً الى حل بالنسبة الى الحدود الخارجية"، مضيفاً "واقولها بكل وضوح. اذا لم نقم بادارة الحدود بين تركيا واليونان، فان الاحتمال الوحيد سيكون التعاون مع سلوفينيا وكرواتيا وصربيا ومقدونيا لحماية فضاء شنغن على افضل وجه"، معدداً البلدان التي يعبرها المهاجرون انطلاقاً من اليونان أملاً بالوصول الى شمال أوروبا. وبين البلدان التي ذكرها الوزير النمساوي، وحدها مقدونيا لها حدود مشتركة مع اليونان.
من جهته، اعتبر وزير خارجية المجر بيتر سيارتو أن الاتحاد الأوروبي "يفتقر الى دفاع في الجنوب"، منتقداً آثينا. وأضاف: "نحتاج الى خط دفاعي آخر يشمل بالتأكيد مقدونيا وبلغاريا".
وتتقاطع هذه التصريحات مع تلك التي أدلى بها رئيس الوزراء المجري فيكتور اوربان الذي دعا في 22 كانون الثاني في حضور نظيره السلوفيني ميرو كيراس، الى عزل اليونان عبر سياج يشكل "خط دفاع ثانياً" على طول الحدود الشمالية لهذا البلد مع مقدونيا وبلغاريا. وبات المهاجرون غير قادرين على عبور المجر، بعدما أقام اوربان سياجا شائكاً على طول الحدود بين بلاده وصربيا وكرواتيا.
ونفت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني، السبت، أن يكون الاتحاد يعد لإرسال بعثة عسكرية أو للشرطة الى مقدونيا يطالب بها العديد من بلدان وسط أوروبا. وقالت: "لا اعتقد بأن (اغلاق الحدود) سيكون حلاً".
من جهته، أعلن المفوض الاوروبي للتوسيع يوهانس هان: "علينا ان نتجنب وضعاً تصبح فيه بلدان.. غرب البلقان بمثابة محطة للاجئين".
ورد وزير خارجية مقدونيا نيكولا بوبوسكي: "لا اعتقد أنه ينبغي تحويلنا، خط دفاع، ولكن يمكننا أن نكون حدوداً حيث عمليات المراقبة فاعلة.. نحن نقوم بذلك على حدودنا".
وذكر بأن مقدونيا التي عبرها 700 الف مهاجر في العام 2015 ، تتلقى تعزيزات في عناصر الشرطة والمعدات من دول اوروبية عدة بينها المجر والنمسا.
ويطالب الاتحاد الاوروبي منذ أشهر، بأن تقيم اليونان مراكز تسجيل وتأكد من الهويات في جزر بحر ايجه للسماح بالتمييز بين اللاجئين والمهاجرين لأسباب اقتصادية منذ وصولهم، إذ يأمل الأوروبيون بطرد المهاجرين الاقتصاديين في أسرع وقت. ورغم خلاف تاريخي بين سكوبيا واثينا، دافع بوبوسكي عن جيرانه اليونانيين.
وقال: "علينا الا نقلل من اهمية الجهود التي هي ضرورية هناك. من الصعوبة بمكان الدفاع عن حدود بحرية والأمر بالغ التعقيد في ظل ضغط يشكله أكثر من مليوني مهاجر موجودين في تركيا".
وأعلن المستشار النمساوي فيرنر فايمان، لصحيفة "أوستيريش"، أنه "يجب على فرونتكس وقف تدفق الأشخاص الفارين إلى اليونان. يجب إنقاذ الجميع، لكن بعد ذلك يجب إعادة هؤلاء الأشخاص إلى تركيا. وبالتالي لن تصبح فرونتكس مجرد برنامج إنقاذ، بل جهازاً لحماية الحدود فعلياً". وأضاف أنه قدم هذا "الحل الأفضل" لرئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، الخميس، خلال مؤتمر المانحين حول سوريا في لندن. وفي صحيفة "كرونين"، أكد فايمان أن هذا الاجراء سيكون "الوحيد الفعال تماماً للقضاء على شبكات المهربين".
ونقلت وكالة "أي بي اي" عن دوائر المستشارية النمساوية قولها إن تركيا ستحصل في المقابل على تسريع لعملية الحصول على ثلاثة مليارات يورو كمساعدات وافق عليها الاتحاد الأوروبي لوقف تدفق المهاجرين.
من جهة أخرى، أعلنت الحكومة النمساوية أنها قررت "إبطاء" عملية وصول المهاجرين على حدودها، وعززت في هذا الشأن القيود على الحدود ووضعت سياجاً على نقطة عبور سبيلفيلد في الجنوب على الحدود مع سلوفينيا. وهذا السياج عبارة عن أسلاك شائكة ممتدة على نحو أربعة كيلومترات على جهتي الحدود.
والنمسا هي إحدى الدول الأوروبية التي استضافت العدد الأكبر من طالبي اللجوء في العام 2015، مقارنة مع عدد سكانها. اذ بلغ عدد الواصلين اليها 90 الف شخص في 2015 اي ثلاثة اضعاف عددهم في 2014 والذي بلغ 28 الفا.
وتزور المستشارة الالمانية انغيلا ميركل تركيا، الخميس المقبل، لمناقشة مسألة الهجرة مع داود اوغلو الذي سيزور، الأربعاء، هولندا الرئيسة الحالية للاتحاد الاوروبي.
وتقول فيينا انها تريد الحد من عدد طلبات اللجوء الى البلاد هذا العام الى 37500 شخص، رغم انها يمكن ان تصل الى هذا الرقم بحلول الصيف.
(أ ف ب السفير