خيمت تفجيرات باريس على مؤتمر فيينا السوري والتأكيد على ضرورة التصدي للارهاب ومحاربته والتضامن مع فرنسا. اما بالشأن السوري فقد نصت الوثيقة الصادرة عن اللقاء «ان المجتمعين اتفقوا على ضرورة البدء بعملية الانتقال السياسي وفق اتفاق جنيف ـ1، ووقف اطلاق النار خلال 6 اشهر، دون ان يشمل الوقف «تنطيمي داعش» و«النصرة» والجماعات الارهابية الاخرى.
وشكك متابعون بأن تترجم القرارات على الارض السورية في ظل التعقيدات الكبيرة فيما تمثل النصرة وداعش القوة الاساسية من الاطراف المسلحة والقضاء عليهما يتطلب وقتاً طويلاً.
وأعلن وزير الخارجية الأميركية جون كيري عن التوصل إلى تفاهم مشترك خلال محادثات فيينا، يتضمن التأكيد على ضرورة بدء حوار بين الحكومة السورية وقوى المعارضة مطلع العام المقبل برعاية الأمم المتحدة، بالإضافة إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال 6 أشهر، لافتاً إلى أن الإنتخابات الرئاسية ستجري بعد 18 شهراً وفق دستور جديد باشراف الأمم المتحدة.
كلام كيري جاء خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والمبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أعلن فيه كيري أن الإتفاق يشمل أيضاً وقفاً لإطلاق النار يبدأ فور بدء العملية الإنتقالية، مشيراً إلى الإتفاق أيضاً على إتخاذ إجراءات لضمان التزام كافة الأطراف بوقف إطلاق النار، لافتاً إلى أن «أي بلد موجود في الإجتماع يدعم فريقا في سوريا سيكون مجبراً على تأمين وقف إطلاق النار»، موضحاً أن هذا الأمر لا يشمل «داعش» و«النصرة» ومجموعات إرهابية أخرى قد تحددها مجموعات العمل في الأيام المقبلة.
ورداً على سؤال، أكد كيري أن الأسد غير مناسب لقيادة سوريا وهو يردد الأكاذيب على شعبه، متحدثاً عن إبرام الرئيس السوري إتفاقات مع تنظيم «داعش» الإرهابي وهو يتاجر بالنفط معهم.
وكان كيري قد لفت إلى أن تنظيم «داعش» يمثل تهديداً للجميع في منطقة الشرق الأوسط وغيرها، مؤكداً أنه لا يمكن هزيمة التنظيم الإرهابي من دون حل أسباب الأزمة في سوريا، ومعتبراً أنه حان الوقت لإنهاء إراقة الدماء في سوريا والبدء في إعادة الأعمار، مشدداً على أنه لا يزال الخلاف بشأن مصير الرئيس السوري بشار الأسد قائماً.
وتعليقاً على هجمات باريس الإرهابية، أشار إلى «أننا لا نزال في مرحلة جمع المعلومات بشأن هجمات باريس الإرهابية»، مؤكداً أن بلاده «تقدم لفرنسا كل الدعم فيما يلاحقون الوحوش الذين ارتكبوا هذه الجرائم»، مؤكداً على العلاقات المتميزة التي تجمع كلاً من الولايات المتحدة وفرنسا، قائلاً: «نعتقد في صحة تبني تنظيم «داعش» الإرهابي هذه الجرائم».
وشدد على أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب فرنسا ودول العالم في إلتزامها التخلص من المجموعات الإرهابية في العالم، مؤكداً أن هذا الإلتزام زاد قوة بعد الهجمات الأخيرة.
بالمقابل، اعتبر لافروف أن «الأعمال البربرية والفظائع التي جرت في باريس تؤكد أننا لا يمكن الوقوف مكتوفي الأيدي أمام ما يحصل»، لافتاً إلى «انني عقدت لقاءات عديدة وهناك تفاهم مستمر بأن هناك اجماعاً على مكافحة الارهاب ولا توجد هناك شروط مسبقة في هذا المجال».
وقال: «أن مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري فقط» وهذا يتعلق أيضا بمصير الرئيس السوري بشار الأسد والساسة الآخرين في البلاد»، مشيراً إلى «اننا توصلنا إلى استنتاجات حول نقاط معينة وتناقشنا مع المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي ميستورا متعلقة بالمعارضة، وحكومة سوريا أبلغت دي ميستورا حول ترتيباتها ووفدها المشارك في المحادثات».
وأوضح لافروف أن «على دي مستورا مهمة تشكيل وفد المعارضة السورية التي يجب أن تمثل كل الأطياف»، مشيراً إلى أنه «قبل عام ونصف كان هناك جهود لتوحيد المعارضة واليوم هناك ممثلون آخرون ما سيساعد دي مستورا على تشكيل وفد المعارضة»، مؤكداً أنه «على المعارضة السورية الاتفاق بشأن حكومة الوحدة خلال 6 أشهر».
ورحب «بجهود المساعدة بأي شكل ممكن لجمع المعارضة مع النظام»، مؤكداً أنه «ستكون هناك عملية يقودها السوريون ليقرروا شكل البلد بعد جدول زمني محدد»، مشددا على «اننا تمكنا في فيينا من اطلاق العملية السياسية في سوريا».
وبما يخص تصنيف الجماعات الارهابية، أكد «اننا اتفقنا على تصنيف الفصائل بسوريا وإعداد لائحة بالجماعات الإرهابية»، معتبراً أن «تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» هما منظمتان ارهابيتان ويحب أن نحارب بعض التنظيمات الاخرى»، مضيفاً «سنشارك بفعالية وأسسنا مع الاردن مركزا لمكافحة الارهاب وكلنا نريد وقف اطلاق نار فورياً في سوريا».
ورفض لافروف تحميل الأسد مسؤولية خلق داعش «فالتنظيم موجود منذ 10 سنوات»، مشيراً إلى «اننا نعلم من هو المسؤول عن تجارة النفط مع داعش في المنطقة»، مؤكداً أن «التحالف الدولي الذي تقوده أميركا كان يمكن أن ينهي التجارة غير الشرعية للنفط». وأكد أن «روسيا مستعدة للتعاون في محاربة تنظيم داعش ضمن التحالف الدولي».
واكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير على رحيل الرئيس بشار الاسد وان السعودية ستستمر بدعم المعارضة حتى رحيله، فرد لافروف على كلام الجبير بالتأكيد «ان مصير الرئيس الاسد يقرره الشعب السوري».
ـ الأسد: سياسات الغرب ساعدت في تمدد الإرهاب ـ
الى ذلك، دان الرئيس السوري بشار الأسد هجمات باريس التي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عنها لكنه قال إن سياسات الغرب «الخاطئة» في سوريا لا سيما فرنسا هي التي ساهمت في تمدد «الإرهاب».
ـ هل تتغير موازين القوى العسكرية؟ ـ
الى ذلك، سيطر الجيش السوري مدعوما بمقاتلي «حزب الله» على منطقة تلتي حدية وايكاردا بعد معارك قوية مع فصائل إسلامية أبرزها «جبهة النصرة» (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا).
وبعد فك الحصار عن مطار كويرس العسكري قبل أيام، تعتبر السيطرة على تلة ايكاردا التطور الاستراتيجي الثاني لصالح الجيش السوري منذ بدء معارك حلب في السابع من تشرين الأول الماضي.
وتنبع الأهمية الاستراتيجية لتلة ايكاردا بسبب بعدها نحو 500 متر عن الأوتوستراد الدولي الرئيسي بين حلب ـ دمشق، ومن شأن ذلك أن يقطع طريق الإمداد لفصائل المعارضة بين إدلب وحلب، حيث يسيطر المسلحون على أجزاء كبيرة من أوتستراد حلب ـ دمشق منذ عام 2012.
وخلال الأيام الأخيرة بدا واضحا حجم التغيير في التوازنات العسكرية في ريف حلب الجنوبي، إذا أصبحت بلدات بانص ورسم الصهريج والعيس وتل باجر وقبلها مدينة الحاضر بأيدي الجيش الذي أصبح على الحدود الشمالية لمحافظة إدلب معقل المعارضة المسلحة في سوريا.
ومنحت السيطرة على مدينة الحاضرة، الجيش السوري القدرة على استكمال هجومه بشكل متسارع، كون بلدة الحاضر تشكل قاعدة لـ «جبهة النصرة»، وهذا ما فسر سرعة تحركات الجيش في وقت بدت الفصائل في الجنوب تشهد ارتباكا ملحوظا.
خروج هذه المنطقة من يد الفصائل المعارضة يشكل انتكاسة لهم لا يستهان بها، فالريف الجنوبي لحلب سيتحول قريبا إلى منصة انطلاق نحو ريف إدلب الشمالي الشرقي، لتصبح محافظة إدلب محاطة بجبهتين هما ريف حلب الجنوبي وريف اللاذقية الشمالي الشرقي.
ـ معركة الهول ـ
سيطرت «قوات سوريا الديموقراطية» التي تضم فصائل كردية وعربية وتتلقى دعما أميركيا على بلدة الهول الاستراتيجية في شمال شرق سوريا، التي تعد خطا دفاعيا ومعبرا رئيسيا لتنظيم «الدولة الإسلامية» مع العراق منذ سيطرة التنظيم على الحسكة والرقة مطلع 2014.
ويشكل هذا التقدم تطورا نوعيا بالنسبة لـ «قوات سوريا الديموقراطية» الوليدة التي تأسست في 12 تشرين الأول بعد إعلان التحالف العربي السوري وجيش الثوار وغرفة عمليات بركان الفرات وقوات الصناديد وتجمع الوية الجزيرة والمجلس العسكري السرياني المسيحي ووحدات حماية الشعب الكردية ووحدات حماية المرأة، توحيد جهودهم في إطار تحالف عسكري مشترك.
واجتازت «قوات سوريا الديمقراطية» نحو ثمانية كيلومترات جنوب الهول متجاوزة بحرة سموقيا لملاحقة تنظيم الدولة الذي فر إلى الشدادي.
عن الديار