حقق الجيش العربي السوري وحلفاؤه تقدماً لافتاً في ريف حلب الجنوبي وفي مناطق ريف دمشق وتحديداً في المناطق الواقعة بين دوما وحرستا وسيطر على مطار مرج السلطان القريب من مطار دمشق الدولي وتأتي هذه الانجازات قبل يوم من مؤتمر فيينا.
وفي ريف حلب الجنوبي اعلن مصدر عسكري سوري انه بعد السيطرة على مطار كويرس فرض الجيش السوري سيطرته على عدة قرى ومزارع بريف حلب الجنوبي الغربي.
وقال المصدر إن وحدات من الجيش بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية «أحكمت سيطرتها على قرى ومزارع.. تلة الاربعين وخربة المزارع وخربة نزهة وخربة المشوح بالريف الجنوبي الغربي».
وفي وقت لاحق أفاد المصدر العسكري بأن وحدات من الجيش بالتعاون مع مجموعات الدفاع الشعبية «فرضت سيطرتها الكاملة على مدينة الحاضر ومحيطها» على بعد 34 كم جنوب مدينة حلب. كما فرض الجيش السوري سيطرته على بلدة العيس غرب مدينة الحاضر وكما سيطر على تلال العيس.
وفي هذه الأثناء أقرت التنظيمات الإرهابية التكفيرية على صفحاتها في مواقع التواصل الاجتماعي بمقتل عدد من أفرادها من بينهم «هاني الشيخ».
ـ أهمية مدينة الحاضر الإستراتيجية ـ
أهمية كبيرة أخذتها عمليات الجيش السوري في الريف الجنوبي لحلب، والعين كانت على مدينة حاضر الإستراتيجية، التي تُعتبر أهمّ معقل لجـبهة «النصــرة» في جنوب حلب، فما هي أهمية حاضر الإستراتيجية.
تتحدث مصادر ميدانية عن الأهمية الإستراتيجية لمدينة الحاضر، وتقول: «إن السيطرة على الحاضر تعني إقتراب الجيش السوري على جزء طريق دمشق حلب، في الريف الجنوبي».
وتشير المصادر إلى أن «الجيش السوري إستطاع قطع طرق إمداد المسلحين بين محافظتي حلب وإدلب، إضافة إلى قطع كل خطوط التواصل بين ريف حلب الشرقي والريف الغربي».
وتلفت المصادر إلى أن «المعركة الآن أصبحت على أبواب محافظة إدلب، إذ من المتوقع أن يستمرّ تقدم الجيش السوري إلى الجهة الغربية للسيطرة على تلّ العيس، وتالياً الوصول إلى الطريق الدولي».
وبالسيطرة على الحاضر يكون الجيش السوري قد سيطر على آخر المعاقل المهمة لجبهة «النصرة» في الريف الجنوبي لتبقى بعض القرى الصغيرة، التي من المتوقع أن يتم الإنسحاب منها لإنعدام أهميتها في المعركة، إضافة إلى مدينة العيس.
كما حقق الجيش السوري تقدماً في منطقة المقالع في ريف حمص الشرقي، كما تمكن الجيش السوري من السيطرة على بلدة مرج السلطان وذكرت معلومات انه سيطر على المطار العسكري في اطراف مرج السلطان في الغوطة الشرقية وحقق تقدماً في دوما وحرستا وابعد المسلحين عن طريق دمشق حمص الرئيسية.
واشارت مواقع المسلحين عن مقتل المسؤول الميداني في جيش العزة التابع للجيش الحر عبد العزيز غزال خلال الاشتباكات مع الجيش السوري في ريف حماه الشمالي. كما صدّ الجيش هجوماً لتنظيم «داعش» على احياء الرصافة، العمال والصناعة.
ـ خلافات حادة تسبق اجتماع «فيينا» ـ
على صعيد الاتصالات السياسية تُسارع الدول الإقليمية والدولية لتكثيف جهودها الدبلوماسية قبيل عقد اجتماع فيينا المقبل حول سوريا غداً. وبدأت امس لجنة تحضيرية تضم مسؤولين من تسع دول في إعداد لوائح بأسماء المعارضين ولوائح أخرى تحدد المنظمات الإرهابية بحسب ما أعلنت وكالة الصحافة الفرنسية (ا ف ب) نقلا عن دبلوماسي أوروبي.
ومن المقرر أن تتوزع الأسماء التي سيتم التوافق عليها ضمن لجنتين ستناط بهما مفاوضة الحكومة السورية: الأولى للإصلاح السياسي والثانية للأمن، على أن تعمل اللجنتان تحت إشراف موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا.
ومن شأن هاتين اللجنتين أن تحلا محل لجان المبعوث الدولي الأربع (السلامة والحماية، مكافحة الإرهاب، القضايا السياسية والقانونية، إعادة الإعمار) بحيث يتحول عمل هذه اللجان إلى مجرد لجان استشارية مهمتها مساعدة الطرفين، ولن يكون لها أي دور غير ذلك، وكان هذا الأمر متوقعا في ظل رفض الحكومة السورية والائتلاف المعارض على السواء لعمل هذه اللجان.
لكن ثمة عقبتان تواجهان فرقاء «فيينا 2» لا بد من تذليلهما:
1ـ بالنسبة إلى لوائح أسماء المعارضين السياسيين، على كل بلد أن يقدم لائحة أسماء ويتم بعدها خفض عديدهم إلى عشرين أو 25 اسما، وقدمت السعودية لائحة من عشرين اسما معظمهم من الائتلاف، فيما قدمت مصر عشرة أسماء معظمهم من هيئة التنسيق وتيار قمح، أما روسيا فقد اقترحت لائحة تضم 38 معارضا تشمل كافة مكونات الشعب السوري، بينهم ثلاثة رؤساء سابقين للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية (أحمد الجربا، هادي البحرة، معاذ الخطيب)، إضافة إلى ممثلين عن معارضة الداخل ممن هم مقبولون لدى دمشق، الأمر الذي أثار استياء أعضاء في الائتلاف.
تحاول موسكو تقديم مجموعة واسعة من الأسماء أما تركيا والسعودية وقطر فتحاول أن يكون العدد الأكبر من أعضاء اللجنة تابعين للائتلاف، في حين تبدو واشنطن في موقف وسط من الطرفين.
2ـ العقبة الثانية تتمثل في تصنيف الفصائل العسكرية التي تنضوي تحت قائمة المنظمات الإرهابية، وهذه المسألة تشكل خلافا كبيرا بين الفرقاء، ويبدو من الصعب التوصل إلى اتفاق حولها في الاجتماع المقبل.
دمشق وداعموها يعتبرون كل من يحارب الجيش السوري يجب وضعه في قائمة المنظمات الإرهابية، لا سيما الفصائل الإسلامية القوية (أحرار الشام، جيش الإسلام، جبهة النصرة)، أما «الجيش الحر» فيبقى محل تباين بين دمشق وطهران من جهة وموسكو من جهة ثانية على الأقل في المرحلة الراهنة .
أما السعودية الداعمة الرئيسية لـ «جيش الإسلام»، وتركيا وقطر الداعمتان الرئيسيتان لـ «أحرار الشام»، فترفض وضع هذين الفصيلين ضمن لائحة الإرهاب، في وقت تدعو السعودية إلى وضع قوات «حزب الله» والقوات الأخرى التي جلبتها إيران إلى سوريا ضمن قائمة الإرهاب، لكن يبدو أن الجهد السعودي في تعويم «جيش الإسلام» لن يلقى نجاحا بسبب قصفه المدنيين في دمشق وما قام به مؤخر من استخدام مدنيين كدروع بشرية، كما لن تلقى جهودها في وضع القوى غير السورية التي تقاتل مع دمشق في قائمة الإرهاب بسبب الرفض الروسي الصارم والأميركي اللين.
أما «أحرار الشام» فوضعها يختلف وإن لم يحسم بعد بسبب المخاوف الأميركية من ارتباطاتها السابقة مع القاعدة، على الرغم من التحولات الأيديولوجية التي أصابت التنظيم مؤخرا والانفتاح على الغرب.
ويأتي الموقف التركي ليزيد صعوبة عمليات الفرز، حيث تصر أنقرة على وضع «وحدات حماية الشعب الكردي» ضمن قائمة الإرهاب بسبب ارتباطه بحزب العمال الكردستانيPKK، وهو ما ترفضه واشنطن وموسكو معا.
وأمام هذه الصعوبات بدأت واشنطن وموسكو مؤخرا عملية تدوير الزوايا، فعمدت واشنطن إلى إنشاء تشكيلات عسكرية خارج معادلة ثنائية النظام، معارضة (قوات سوريا الديمقراطية، جيش سوريا الجديد)، في حين عمدت موسكو في الآونة الأخيرة إلى الانفتاح على «وحدات حماية الشعب الكردي» ومن الواضح أن الولايات المتحدة وروسيا، تهدفان من هذه الخطوة إلى إعادة تشكيل ائتلافات عسكرية خارج المنظومة التركية والسعودية والقطرية.
وعلى الرغم من الخلاف الحاد بين الأطراف حول تعريف موحد للإرهاب في سوريا، يبدو أن ثمة قراراً دولياً في المضي قدما بوضع قائمة موحدة للمنظمات الإرهابية في سوريا، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند «بعض الدول قد تضطر إلى التخلي عن دعم حلفائها على الأرض»، لكن هذه الخطوات ما تزال تصطدم بتصلب الدول الإقليمية الداعمة للمعارضة خشية أن تؤدي قائمة الإرهاب الجديدة إلى تغيير التوازن العسكري على الأرض.
عن الديار