يقول لنا مسؤول عراقي بارز «لو كان سرب من الدجاج ينفذ تلك الغارات لكان مفعولها على الارض اكثر تأثيرا بكثير من الغارات التي تشنها قاذفات التحالف التي يفترض ان تكون الاكثر تطورا، وفاعلية، في العالم».
يذكرّنا بأن التحالف يتألف من اكثر من 40 دولة. يضيف ضاحكا «لعل طائراتهم تلقي بالمنّ والسلوى على مقاتلي «داعش» الذين يقبعون في امكنتهم عندما تظهر هذه الطائرات، لا بل ان بعضهم يلوح لها بالبنادق على انها طائرات صديقة».
ضاحكا ايضا «ثمة ضباط عراقيون اخبروني انهم عثروا في بعض مخابىء تنظيم الدولة الاسلامية على عدد هائل من صناديق الكوكا كولا. لن ابالغ واقول ان الطائرات هي التي القت بهذه الصناديق بدل القنابل، ولكن هناك معطيات كثيرة تثير شكوكنا. ولقد سألنا الاميركيين «قولوا لنا ماذا تريدون من العراق؟». اجابوا «نريد ان يكون دولة ديمقراطية ومستقرة».
يقول المسؤول العراقي البارز «نحن مقتنعون بأن الذي اخترع اسامة بن لادن هو نفسه الذي اخترع ابا مصعب الزرقاوي». يكشف انه التقى بأكثر من مبعوث من البنتاغون وايضا من وكالة الاستخبارات المركزية، و«حين كنا نتساءل عن سبب ترددهم في توجيه ضربات صاعقة الى قوافل التنظيم وهي تتنقل في الصحارى، كانوا يجيبون انهم يتعرضون لضغوط هائلة من احدى الدول العربية التي تعتبر ان القضاء على «داعش» في العراق يعني افساح المجال امام ايران لوضع اليد، كل اليد، على كل العراق، وهو البلد الذي يتمتع بحساسية جيوستراتيجية لا نظير لها في سائر انحاء الشرق الاوسط».
لا يصدق ان واشنطن ترضخ لاي ضغوط من اي عاصمة عربية اذا كان ذلك يمس بمصالحها الاستراتيجية. يستدرك «وجود داعش مصلحة اميركية سوبر استراتيجية. قد تستغرب ذلك، ولكن ماذا باستطاعتنا ان نفعل اذا كان بلدنا يعاني ما يعانيه. اقول لك بصراحة لا نستطيع ان نواجه اميركا لا بالحقيقة ولا بالموقف».
المسؤول العراقي يتابع الشاشات والصحف اللبنانية «شخصيا كنت اقول ان برج بابل انتقل من عندنا الى ساحة البرج في بيروت. الآن، ازددنا اقتناعا بأن برج بابل لا يزال عندنا. اذا اردت ان تتأكد، فأنا ادعوك الى حضور جلسة للبرلمان العراقي، ولسوف تجد كيف ان الطبقة السياسية عندنا في واد والبلد في واد آخر».
يعرف ان هذا وضع لبنان ايضا، ويعرف انه مثلما يوجد قادة سياسيون في لبنان تأتيهم المخصصات الشهرية بالسامسونايت يوجد كذلك في العراق. في هذه الحال كيف لا نكون عبيد اميركا. العرب كلهم عبيد اميركا...
يردد جزءا من موال عراقي حزين قبل ان يستطرد «لكننا نتمنى لو عاملنا الاميركيون مثلما يعاملون الهنود الحمر. لا يثقون بالعرب ابدا، ولا يحبونهم.مشكلتهم مع رجب طيب اردوغان الذي عرض ان يكون رجلهم في الشرق الاوسط انه يكره الاكراد اكثر مما يكره العرب».
وعندما ابدى حيدر العبادي الرغبة في ان تتولى السوخوي ضرب «داعش» في العراق، تلقى اشارات من بعض الجهات العربية بأن خطوة من هذا القبيل ستكون لها تداعياتها التي لا قبل لعبادي بتحملها او باحتوائها. ثمة خطوط حمراء ويلعب داخلها عطوفة رئيس الوزراء...
لا بل انه تلقى اشارة من قبيل «مثلما يحدث للحوثيين يحدث لكم». وصلت الرسالة. ولكن هل حقا ان العراق مثل اليمن؟ يعترف بأن نقاط القوة في بلاده في الوقت الحاضر هي اقل بكثير من نقاط الضعف..
لكن المسؤول العراقي متفائل جدا بالتدخل الروسي في سوريا. عادة يتأثر السوريون بما يحدث في العراق نحن صدّرنا اليهم تنظيم الدولة الاسلامية، ونحن نعلم ضباط صدام حسين الذين شاركوا في تأسيسه، بغض طرف اميركي، واحدا واحدا. الآن، وبعد سنوات بطبيعة الحال، قد يأتي الحل من سوريا. ثمة قيصر من طراز آخر. بعث بصواريخه من بحر قزوين. لا احد إلا ويتقن قراءة مثل هذه الرسائل..
السوخوي احدثت تعديلات دراماتيكية في المشهد. الاميركيون لا يستطيعون ان يلعبوا او يتلاعبوا بالروس مثلما يلعبون ويتلاعبون بالعراقيين والسوريين، القيصر ايضا يراقص الخليفة،ولكن بطريقة مختلفة. جنرالاته احتسبوا الخطوات بدقة. يدركون ان الحرب في سوريا اشبه ما تكون بالدوران داخل الحلقة المفرغة، بل والحلقة الجهنمية،مادامت هناك عشرات بل مئات الجبهات.
لكنهم يؤكدون ان الارض لن تبقى كما هي. أليست نظرية اميركية ان تشق الدبابات او القاذفات الطريق الى التسوية.
التسوية بشروط القيصر، وان حاول الاخرون انهاكه مثلما انهكوا النظام. الكل انهكوا وضلوا الطريق. الخروج من الحلقة الجهنمية لن يكون بين ليلة وضحاها.
اللاعبون، القتلة، المهرجون، المرتزقة، لن يغادروا المسرح بسهولة!