انتشرت صور اللاجئين السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي وشاشات التليفزيون، مركب تلو الآخر، قتلى بالمئات، أطفال وكبار وصغار ونساء، لم تحنُ عليهم الأرض وغدر بهم البحر، أُغلقت أمامهم أبواب البلدان العربية لتفتح لهم أوروبا أذرعها. والتساؤل هنا، عندما يحط السوري “المتدين” على أرض الكفر والفسق، كيف سينظر لأهلها؟
هل سيحذر من تبقى من أبنائه من الاختلاط بأبناء الكفار؟
هل سيحاول دعوتهم للإسلام؟
هل سيرى أنهم على ضلال ووجب عليه هدايتهم؟
أسيعرض عليهم المذهب السني أم الشيعي؟
عزيزي اللاجئ، اعلم جيدا أن أيادي الأوربيين امتدت إليك لأنهم تربوا على الأخلاق قبل الدين، لمسوا الإنسانية من قبل أن يبحثوا عن الله، نشأوا على كلمة سواء وهي “الرحمة”، لا يفرقوا على أراضيهم بين المسيحيّ واليهوديّ والمسلم والسيخيّ، فالجميع سواء.
لم تكن أوروبا هكذا منذ ما يقرب من مئتي عام فقط:
كم من جريمة تمت باسم الدين المسيحي؟
كم من مفكر وفيلسوف أُحرقوا أحياء؟
كم من منزل هُدم ومن قرى دُمرت؟
كانوا يقتلون باسم يسوع، كانوا يرفعون الصليب وهم يغتصبون النساء، وييتمون الأطفال.. بالمختصر كانوا همجا! نعم، همج مثلنا تماما اليوم، ولكنّهم اكتشفوا أن التدين يبني النفوس لا الأمم، فضلوا أن يتركوا الدين في الكنائس على أن يأخذوه معهم لقصور الرئاسة، تقبلوا الجميع وتصالحوا مع أنفسهم.
أخي اللاجئ، إن كنت تراهم كفارا فاعلم جيدا أنك أيضا كافر بربهم ودينهم، إن كنت تراهم منحلين فأنت من وجهة نظرهم متعصب.
لا تمنع أبناءك من الاختلاط، دعهم يعيشون التجربة الإنسانية كاملة، أنت هنا في أوروبا بفضل العلمانية فلا تُربِّ أبناءك على أن العلمانية كفر، لا تحاول نشر دينك الذي هربت ممن يرفعون رايته ويطبقون حدوده.
رحب بالاختلاف ولا تحاول تحويل البلد التي أنت فيها لنسخة مصغرة من بلدك التي دمرت عندما توقفتم عن تقبل الآخر، عندما قُسمت إلى سني وشيعي وكردي.
وأخيرًا، أخي اللاجئ، إن قررت الانخراط في النشاط المجتمعي، أرجوك “ممنوع الاقتراب أو التصوير” من الدين والسياسة حرصا على سلامة أوروبا.