الدراسة المنهجية تقتضي أن نثبت القواعد الصواب وعدم نقضها إذا لم نعرف مسألة جزئية، ونتجاوزها إلى فيما بعد ، ويبقى الحكم للقاعدة .
وقصدت بكلامي قاعدة (إذا اختلف المبنى اختلف المعنى ضرورة) وبناء عليها فدلالة كلمة( قطع) غير (بتر) هذه مسألة غير قابلة للنقاش.
فقطع يعني قطع ، وبتر يعني بتر، ولا يمكن أن يتبادلا في الدلالة أو يتطابقا.
والنص يتكلم عن الأيدي
{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }المائدة38
انظري إلى قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }المائدة6
وكلمة ( يد) الياء والدال تدل على جهد ممتد زمانياً منته بدفع شديد. وثقافيا هي الجهد والقوة الممتدة الطايلة. وتحقق ذلك بالأداة الجارحة عند الإنسان على جنبيه فسميت يد. فالمفهوم سابق في الوجود عن الجارحة وليس العكس.
وأصل الكلمة (أد) والياء في الكلمة ليست أصلاً، ودونها يكون المفهوم هو توقف وظهور خفيف منته بدفع شديد، وعندما دخلت الياء في وسط الكلمة أعطتها جهداً ممتد زمانياً، ومن هذا الوجه أطلقت على جارحة الإنسان
وعند دراستها ينبغي الانتباه إلى السياق التي أتت به ، فيمكن أن تأتي بصورة جارحة الإنسان لتحقق بها مفهوم القوة المدفوعة الطايلة، ويمكن أن تأتي بالمفهوم الفيزيائي فقط دون تمثلها بصورة مادية.
وبالتالي فكلمة (أييد) أو كلمة (أيادي) كلاهما لايخرجان عن مفهوم الجهد الممتد والقوة الدافعة، ومنه أتى فعل التأييد الذي يدل على الدعم والقوة الموجهة نحو الآخر.
فكلمة قطع تدل على توقف شديد مندفع وسطاً منته ببعد وعمق في الشيء.
انظري إلى هذه الأمثلة:حد القطع
– قطع زيد من الطريق شوطاً كبيراً. بمعنى أنه ابتعد فيه عن المركز بمسافة كبيرة، ويظهر مفهوم قطع بمعنى أنهى .
– قطع زيد في الأمر . إذا أثبته وأحكمه، ومنه قولنا خبر قطعي
– قطع زيد الطريق. إذا منع الآخرين من المرور
– قطَّعت المرأة الحلوى إذا جعلت فيها خطوطاً عميقة، وكل جزء منها اسمه قطعة.
والاستخدام الشائع بين الناس ليس حجة على القرءان.
وبالتالي صار مفهوم قطع غير بتر ضرورة، واليد هي أداة وظيفتها الجهد الممتد والقوة الشديدة، والسرقة يمكن ان تكون بغير استخدام الأداة الجارحة، ولكن لابد من استخدام الجهد الممتد والقوة سواء بالاستعانة بالآخرين أم بالعقل والتقنية أو غيرها من الصور ، فليس المقصد الأداة ، وإنما المقصد القوة الممتدة التي استخدمها، وبالتالي ينبغي قطعها بمعنى توقيفها وتعطيلها ، وهذا القطع له صور احتمالية غير محدودة حسب القوة التي استخدمها،
وكلمة (أيديهما) مثنى بدليل الضمير (هما)، ولو كانت جمعاً لأتى ضمير (هم) مثل {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ }إبراهيم9
أو ضمير ( كم) كما في قوله تعالى:. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ }المائدة6
الخلاصة
قطع غير بتر ضرورة، والقطع ما ينبغي أن يصل إلى درجة البتر، لان ذلك يقضي على دلالة قطع، ويصير تجاوز للنص وتحريف.