دائما ما نهاجم اليهود لأنهم يعتبرون أنفسهم شعب الله المختار، وأن الله قد جعل باقي الشعوب خدم لهم وأنعام يركبونها لتحقيقي مصالحهم وأهدافهم. إلا أن الناظر لأحوالنا سيجد أننا معشر المسلمين نتصرف باعتبارنا شعب الله المختار ونعطي لأنفسنا الحق في ممارسات نحرمها على الآخرين.
ففي الوقت الذي تحظر مصر ليس فقط الأديان الأخرى مثل البهائية، بل المذاهب الأخرى مثل الشيعة. يخرج علينا الأزهر ليستنكر دعوة، مجرد دعوة، رئيس بلدية صغيرة في جنوب فرنسا إلى حظر الإسلام في فرنسا. فلماذا يستنكر الأزهر دعوة فرنسية للقيام بعمل مماثل لما يقوم به الأزهر في حظر الأديان والمذاهب المخالفة لأغلبية السكان؟ ببساطة لأن الأزهر يعتبر نفسه الممثل الشرعي للحق الوحيد على الأرض، وليس مجرد هيئة علمية تقوم بتدريس الإسلام مثل أي جامعة لاهوتية في العالم.
وفي الوقت الذي يتمتع فيه المسلمين بحرية الدعوة للإسلام في كل دول العالم تقريبا نمنع نحن التبشير بأي دين، لماذا؟ لأننا نرى أنفسنا الحق الوحيد المطلق وعلينا واجب أن ننشر هذا الحق، فإذا وقف أمامنا عائق حملنا السلاح لإزالة هذا العائق واستكمال الدعوة لهذا الحق.
وعندما تقوم سويسرا بحظر المآذن وليس المساجد، نقيم الدنيا ولا نقعدها ونولول ونلطم على حقوق الإنسان، ونتاجر بالمؤامرة الصليبية على الإسلام، في نفس الوقت الذي لا يستطيع البهائيين بناء معبد لهم ولا يستطيع الشيعة بناء حسينية وحتى المسيحيين لا يستطيعون بناء كنيسة إلا بموافقة رئيس الجمهورية ومن قبله الأمن الوطني (الدولة سابقا). لماذا؟ لأننا شعب الله المختار من حقنا أن نفعل ما نشاء في دول المهجر ولكن ليس من حق مواطنين دولنا بناء أماكن عبادة لهم.
ونصب جام غضبنا على الممارسات اللاانسانية للولايات المتحدة في معتقل جوانتنمو ضد إرهابيين القاعدة، وضد الشعب العراقي في أبو غريب، بينما نقوم نحن بحرق الكنائس وقتل المسيحيين وسحل وتمزيق الشيعة في شوارع مصر المحروسة، دون تحريك ساكن ودون تفعيل للقانون ولينتهى الأمر في النهاية باعتبار الجاني مختل عقلياً أو عقد جلسة عرفية غالباً ما تنتهى بمعاقبة المجني عليه لمجرد أنه غير مسلم سني. نفعل ذلك لأننا نعتقد أن المسلمين السنة هو شعب الله المختار الذي يحق له قتل وحرق وسحل وتمزيق الآخرين، بينما نعتبر دماءنا مقدسة لا يجوز إسالة قطرة منها، متناسين أن دم الإنسان كله حرام، أو لأننا لا نعتبر الأخر إنسان في الأصل..
نسمح لأنفسنا بالسخرية من الآخرين ومعتقداتهم، فالمسيحيين عباد الصليب وعضمة زرقا وأربعة ريشة والبهائيين يمارسون زنا المحارم والشيعة أولاد المتعة، بينما إذا سخر أي شخص من المسلمين أو عقائدهم كان مصيره القتل، لماذا؟ لأننا شعب الله المختار من حقنا أن نهين الآخرين فما هم إلا مجموعة من البهائم بينما نحن الكائن الأسمى على هذه الأرض فلا يحق لأحد أن يذكرنا بسوء.
نصُب اللعانات على فرنسا لأنها منعت الرموز الدينية ومنها الحجاب في المدارس وأماكن العمل، بينما تعاني المرأة المسلمة غير المحجبة الأمرين بسبب النظر لها باعتبارها عاهرة لا أخلاق لها، ويتم استباحة جسدها عقاباً لها لعدم تغطية شعرها، هذا فضلاً عن ما تعانيه المرأة غير المسلمة.
نقوم بدراسة عقائد الآخرين وننقدها بكل الطرق العلمية وغير العلمية، الفلسفية والغوغائية، ولكن ليس مسموح لأحد أن ينقد معتقداتنا بطريقة علمية فضلاً عن أن تكون غير علمية. فكل دراسة ونقد للإسلام وتاريخه وتراثه هو بالضرورة مؤامرة صهيونية إمبريالية تقتضي قتل أو سجن صاحبها، فنحن الحق الأوحد لا يوجد لدينا خلل أو نقص فإما الإيمان أو الجزية أو السيف.
أرجو أن نكف عن الإشارة لصغائر الآخرين بينما نرتكب نحن الكبائر، فلسنا شعب الله المختار.