التقدم ظاهرة اجتماعية:
تؤكد الدراسات العلمية أن الجماعات الإنسانية متماثلة بيولوجياً وأنهم يتمتعون بصفة عامة بنفس القدرات الذهنية والبدنية وأنه لا تميز لجنس على آخر. وليس معنى ذلك أن جميع الأفراد متماثلون، فهناك الذكي والأقل ذكاء كما أن هناك القوي والضعيف. فالأفراد ليسوا متساوين في القدرات والمهارات، وإن كانت الجماعات تتقارب وتتشابه في نسب الذكاء والإبداع كما في الكسل والخمول.
كذلك ليس صحيحاً أن التقدم والتأخر هو وليد الوفرة أو الندرة في الموارد الطبيعية. فأكثر الدول تقدماً اقتصادياً حالياً هي الولايات المتحدة واليابان، وهما على طرفي نقيض من حيث الندرة أو الوفرة في الموارد الطبيعية. فتتمتع الولايات المتحدة الأمريكية بالوفرة في كل مصادر الموارد الطبيعية تقريباً في حين لا تكاد تتمتع اليابان بأي منها. كذلك علمنا التاريخ أن حظوظ الدول من الرقي والانحطاط كانت متغيرة، فكم من دولة عرفت ازدهاراً في فترة لكي تقع بعد ذلك في تدهور وانحطاط، رغم أن مواردها الطبيعية لم تتغير بين المرحلتين.
وهكذا فإن الرقي والانحطاط لا يرجع إلى خصائص بيولوجية في البشر ولا إلى وفرة أو ندرة في الموارد وإنما إلى ظروف مجتمعية تدعو إلى التقدم والرقي في حالة أو إلى التدهور والانحطاط في حالة أخرى. وتعتبر تجربة أوربا ـ والغرب بصفة عامة ـ مثيرة في هذا الصدد.
أوربا تتسيد العالم مع الثورة الصناعية:
تسيطر أوربا، والغرب بصفة عامة، على معظم الانجازات الاقتصادية والتكنولوجية وهي تقود التقدم منذ أقل من ثلاثة قرون، وإن كانت بوادر الوهن قد بدأت تظهر عليها. فحتى القرن السابع عشر كانت حضارة الصين هي الأكثر رقياً وتقدماً، وكانت أوربا ممزقة تجاهد للتخلص من تبعات ظلام العصور الوسطى والتي سادت منذ سقوط الدولة الرومانية في نهاية القرن الخامس الميلادي. وبعد ذلك بقليل قامت الحضارة الإسلامية وازدهرت بدءاً من القرن الثامن وحتى نهاية القرن الثاني عشر ثم عرفت انتفاضة جديدة مع ظهور الدولة العثمانية وتوسعها حتى منتصف القرن السابع عشر. وفي كل هذا كانت أوربا نائمة حتى نهضت مع الثورة الصناعية منذ النصف الثاني للقرن الثامن عشر، وأخضعت معظم مناطق العالم لنفوذها.
الثورة الصناعية ورخاء الشعوب:
يذهب الاتجاه الغالب، وخاصة بين الاقتصاديين، إلى أن الصحوة الأوربية التي أخرجتها من سباتها إنما ترجع إلى “الثورة الصناعية” والتي بدأت في إنجلترا في منتصف القرن الثامن عشر ومنها انتقلت إلى معظم الدول الأوربية الغربية، وإلى الولايات المتحدة الأمريكية في نهاية القرن التاسع عشر.
وليس هناك من شك في أن “الثورة الصناعية” تمثل أهم وأخطر تطور في حياة البشرية. ولايرجع ذلك لأن هذه الثورة أفرزت أنماطاً هائلة من التقدم التكنولوجي الذي أدى إلى زيادة إنتاجية البشر. فالحقيقة أن البشرية عرفت في معظم تاريخها أشكالاً متنوعة من التقدم التكنولوجي. فالإنتاجية كانت تتزايد باستمرار قبل وبعد الثورة الصناعية. ولكن الفارق بين الثورة الصناعية وما قبلها هو أن نتائج التقدم التكنولوجي مع هذه الثورة لم تنحصر في تحسين أحوال الأقليات الحاكمة، وإنما انتشرت بدرجات متزايدة للارتفاع بمستوى المعيشة للغالبية.
عرفت البشرية تقدماً تكنولوجياً كبيراً مع اكتشاف الزراعة قبل حوالي عشرة آلاف سنة مما أدى إلى ظهور حضارات عريقة في مصر الفرعونية أو في بلاد ما بين النهرين أو في الصين والهند، ومع ذلك ظل التحسن في الأوضاع المعيشية بعيداً عن العامة ومحصوراً في الأقليات الحاكمة، يستوي في ذلك فرعون مصر وحاشيته من أمراء ونبلاء وكهنة، أو ملوك الفرس وبلاط كسري وبطانته من رجال دين، بل أن ديمقراطية أثينا والمدن الإغريقية كانت محصورة في أقلية من الأحرار في وسط جموع غفيرة من العبيد والأجانب. فالعالم لما قبل الصناعة كان عالم الأقليات المحظوظة والغالبية المطحونة والتي تعيش عند مستوى الكفاف. فالتقدم التكنولوجي لما قبل الثورة الصناعية اقتصر على توفير مظاهر الترف، إن لم يكن الإسراف، للأقلية المحظوظة من الحكام والكهنة في حين ظلت الغالبية العظمى من أفراد الشعوب تعيش في فقر مدقع وجهل تام وغالباً أمراض متوطنة. فالجديد هو أنه مع الثورة الصناعية أدت الزيادة في الإنتاجية إلى مزيد من الرفاهية لأعداد متزايدة من الشعوب. فتوسعت الطبقة المتوسطة في دول أوربا الغربية وخاصةً منذ القرن التاسع عشر كما تحسنت أحوال الجماهير الواسعة في معظم شعوب الدول الصناعية في القرن العشرين. ولذلك فإن أهمية الصناعة ترجع إلى اتجاهها إلى توسيع قاعدة المستفيدين من زيادة الإنتاجية مما أدى إلى تحسن مستوى معيشة الغالبية من السكان.
علم الاقتصاد ولد مع الثورة الصناعية:
لعله من دواعي السخرية أن الاقتصادي الإنجليزي مالتس والذي كتب في بداية القرن التاسع عشر مبشراً ـ أو بالأحرى منذراً ـ بأنه لا مجال للارتفاع بمستويات المعيشة للفقراء، لأن كل زيادة في الأجور للطبقة العاملة لن تلبث أن تؤدي إلى زيادة في عدد السكان تلتهم أية زيادة في الإنتاجية. ووجه الغرابة في نظرية مالتس هو أنها ظهرت مع بداية الثورة الصناعية في إنجلترا ـ بلد هذه الثورة ـ والتي أدت إلى فصم العلاقة بين زيادة الإنتاجية ـ وبالتالي الأجور ـ وبين الزيادة السكانية. فلأول مرة في التاريخ تؤدي الزيادة في الإنتاجية الناجمة عن “الثورة الصناعية” إلى الارتفاع بمستوى المعيشة لدى العامة. فمالتس كان يصف في الواقع ـ دون أن يدري ـ المجتمعات ما قبل الصناعية، وحيث تؤدي كل زيادة في الموارد الغذائية إلى زيادة مقابلة في السكان. فنظرية مالتس تتحدث عن الكائنات الحية بصفة عامة دون تمييز خاص للبشر. “فالاقتصاد المالتسي” هو على هذا النحو “اقتصاد حيواني” يفسر أوضاع المجتمعات البشرية على نحو لا يختلف كثيراً عما يحدث في عالم الحيوانات من أرانب أو فئران أو غيرها، وحيث تتحدد أعدادها بحجم الموارد الغذائية المتاحة. وهو أمر لم يعد صحيحاً بعد “الثورة الصناعية” والتي أدت إلى تحسين أحوال الغالبية. وإذا كان مالتس هو بذلك، صوت الماضي، فقد كان آدم سميث وهو يتحدث عن “ثروة الأمم”، هو الاقتصادي الذي أدرك طبيعة الاقتصاد الصناعي وقدرته على زيادة الإنتاجية وتوسيع قاعدة الإفادة منها ورفع مستويات المعيشة لأعداد متزايدة من السكان. فالاقتصاد يبحث في زيادة الإنتاجية وتحسين الأحوال المعيشية للبشر.
ومع هذه القدرة الهائلة “للثورة الصناعية” على زيادة الإنتاجية لتوسيع قاعدة الانتفاع بها للجماهير العريضة، ذهب معظم الاقتصادبين إلى أن ما ينقذ دول العالم الفقير النامي هو “ثورة صناعية” مماثلة لما حدث في أوربا قبل حوالي قرنين من الزمان. ولكن الذي فات على معظم هؤلاء المفكرين هو تناسي أن “الثورة الصناعية” في أوربا لم تكن وليدة تقدم تكنولوجي نزل من السماء دون تغيير في الوسط الثقافي السائد. الثورة الصناعية هي وليدة “حركة التنوير” الأوربية التي بدأت منذ منتصف القرن السابع عشر .فهذه الحركة التنويرية مهدت الأرض للاكتشافات العلمية والتكنولوجية بعد أن تم تغيير العقول والمؤسسات الحاكمة. فبدون حركة ثقافية للتنوير فإنه يصعب أن تقوم “ثورة صناعية” حقيقية.
الثورة الصناعية وليدة حركة التنوير:
لم تبدأ الثورة الصناعية فجأةً لأن عدداً من الأفراد قرروا تجريب وسائل جديدة للإنتاج، أو قبول بعض المغامرة في مجالات مختلفة لنشاطهم، وإنما لأن هناك جواً فكرياً تخلص إلى حد بعيد من سطوة القديم والتقاليد مع قبول الجديد والمبتكر، وبوجه خاص الثقة في العلم والتجريب. وكلها أمور غريبة عن المجتمعات التقليدية الراكدة.
بدأت في أوربا، وخصوصاً منذ القرن السادس عشر، حركة فكرية تعارض الأوضاع القائمة وتطرح أسئلة وتساؤلات عن التقاليد السائدة. ولعل أبرز هذه الحركات ما بدأ مع دعوات الإصلاح الديني مع مارتن لوثر وكالفن في القرن السادس عشر. وكان المجتمع الأوربي يعيش في بيئة منغلقة خاضعة تماماً للتقاليد تحت رعاية وإشراف الكنيسة، بحيث كان رجل الدين هو المرجع في كل شيء، وكانت حياة المرء محكومة كلياً بالكنيسة منذ المهد إلى اللحد. وكان من أوائل من حاولوا الخروج على هذا الخط الحديدي إرازموس الهولندي، وكان كاثوليكياً ورعاً، وقد راعه ما رأى من تسلط الكنيسة على حياة الأفراد فكتب ضد انحرافاتها مما كلفه الطرد من الكنيسة (بعد وفاته)، على يد البابا بولس الرابع. على أن بداية الهجوم على الأسس الفكرية لهذا المجتمع التقليدي بدأت مع الفيلسوف الفرنسي ديكارت والذي عاش في أغلب أوقاته طريداً في هولندة حيث بين أن العلم يبدأ “بالشك” فيما يصادفه العالم من مقولات، وعليه محاولة إقامة البرهان بالتجربة والتحليل الرياضي على صحة هذه المقولات. وقد ظل ديكارت مع ذلك على عقيدته المسيحية مؤكداً أنها لا تتنافى مع العقل السليم. ثم جاء الهولندي سبينوزا ووجه أخطر هجوم على النسق الفكري السائد وذلك بإنكار الكتب المقدسة والوحي والمعجزات، والتأكيد على وحدة الوجود وأبديته. ورغم هذا، أنكر سبينوزا إلحاده وأكد إيمانه بالخالق. ومع ذلك ظلت تهمة الإلحاد لاصقة به. وإذا كان سبينوزاً يمثل الجناح الأكثر ريكالية وتطرفاً، فقد عرفت الحركة التنويرية رموزاً أقل تطرفاً، ومع تأكيدها على أهمية العقل والعلم والتجربة فإنها لم تذهب إلى إنكار الأديان. وكان من أهم هؤلاء ليبنز الفيلسوف والرياضي الألماني والذي اكتشف مع نيوتن التحليل الرياضي. وقد رفض ليبنز إلحاد سبينوزا. ويمكن القول بأن المجتمع الأوربي انقسم لفترة طويلة بين مؤيد لنيوتن ومناصر لليبنز. وإن كان يمكن القول بأن المفكرين الإنجليز والذين جاءوا متأخرين إلى الساحة التنويرية ربما يكونوا قد كسبوا الجولة الأخيرة خاصة مع نيوتن وجون لوك. فمع نيوتن بلغ “العلم”، وخاصة في الفيزياء، أعلى درجات الاحترام، ولكن نيوتن لم يصل إلى إنكار الأديان مبيناً أن هناك مجالاً للعناية الإلهية. فالعلم ـ وفقاً له ـ يفسر الظواهر ولكنه لا يصل إلى أسبابها وجوهرها. فنحن نتعامل مع قوانين الجاذبية مثلاً، ولكننا لا نفهم ولا نعرف أسباب هذه الظاهرة أو غايتها. وهكذا جاء نيوتن رافعاً لشأن العلم دون أن ينكر الأديان. وبالمثل أرسى لوك أهم مبادئ حقوق الإنسان وحريته دون تشكيك في الأديان، وكان فرانسيس بيكون قد أرسى من قبل أهمية التجربة في تقدم العلوم.
وهكذا يتضح أن “الثورة الصناعية” لم تبدأ من فراغ ولاهي قامت مباشرة على أنقاض المجتمعات التقليدية للعصور الوسطى، بل تطلب الأمر مرحلة تنويرية وسطى من تغيير المفاهيم والقضاء على التراث الثقافي التقليدي واستعادة اعتبار العلم والعقل والاعتراف بحقوق وحريات الإفراد الأساسية ومهاجمة نظم الحكم القديمة ومؤسساتها في الحكم المطلق وتسلط الكنيسة فيما عرف “بحركة التنوير”. وجاءت آخر حلقات هذه الحركة التنويرية مع الفلاسفة الفرنسيين من فولتير ومونتسكيو وروسو وأصحاب الموسوعات من أمثال ديدرو ودالمبير، وتوج كل ذلك بقيام الثورة الفرنسية. وهكذا يتضح أن “الثورة الصناعية” لم تولد من فراغ وكان لابد لها من أرضية فكرية تنويرية سليمة.
بين حركة التنوير الأوربية والمجتمع العربي المعاصر:
هناك ملاحظتان تستوقفان الباحث عند النظر في “حركة التنوير” الأوربية. الملاحظة الأولى، هي أن هذه الحركة كانت حركة فكرية “أوربية”، بمعنى أنها لم تنحصر في دولة أو دول محددة بل شارك فيها معظم الدول الأوربية، وساهم كل منها بشكل أو بآخر. ويرتبط بهذا أنه وبصرف النظر عن جنسية المفكر، الذي قد يكون هولندياً أو فرنسياً أو ألمانياً أو غير ذلك، فإن أفكاره لن تلبث أن تنتشر على اتساع القارة الأوربية. فما أن يظهر كتاب جديد حتى يترجم وينتشر ويناقش في مختلف الدول الأخرى. فالحركة في جوهرها أوربية رغم انقسام أوربا حينذاك إلى ممالك وإمارات متناحرة في حروب مستمرة وتحالفات متغيرة. فرغم هذا الانقسام السياسي وأحياناً الديني ـ بين كاثوليك وبروتستانت وأحياناً أرذودوكس ـ فقد جاءت “حركة التنوير” حركة شاملة لمعظم القارة الأوربية. ولعل هذا التراث الفكري المشترك هو الذي يبرر ما نراه اليوم من تقارب وتوحد في أوربا وبعد أكثر من ثلاثة قرون من الصراع والحروب. هناك أرضية ثقافية مشتركة.
أما الملاحظة الثانية فهي أن حركة التنوير الأوربية كانت موجهة بالدرجة الأولى ضد الكنيسة. فالكنيسة ـ وكذا الملكية المطلقة ـ كانت متسلطة على الأفكار والقيم وقواعد السلوك، وكانت سيطرتها على العقول شبه كاملة. فالكتاب المقدس لم يكن متاحاً إلا باليونانية أو اللاتينية، ولم توجد ترجمات باللغات المحلية إلا في أوقات متأخرة، بحيث كان الفرد يتقيد بتعاليم دينية تفرضها الكنيسة وبلغة لا يستطيع أن يفهمها. ولم يكن غريباً والحال كذلك أن تأتي حركة التنوير مناهضة في بعض توجهاتها ليس للكنسية فقط بل وأحياناً للأديان أيضاً.
وفي ضوء هاتين الملاحظتين يتضح لنا أن الوضع العربي الحالي يتفق في جانب مع هذا التاريخ الأوربي ويختلف في جانب آخر.
فإذا نظرنا إلى المجتمع العربي المعاصر نجذ أنه مشتت بين عدد من الدول المتناحرة والمتنازعة أحياناً على المستوى السياسي، ولكن هناك بالمقابل ، وحدة ثقافية إلى حد بعيد، تتجاوز الحدود السياسية. فشوقي وطه حسين ورفاعة الطهطاوي ومحمد عبده وخليل جبران ونقولا زيادة وجورج زيدان ونجيب محفوظ ونزار قباني والجواهري ومالك بن نبي وساطع العصري وقاسم أمين وغيرهم هم رواد الفكر العربي المعاصر، كما أن أم كلثوم وسيد درويش وعبد الوهاب وفريد الأطرش وفيروز وأسمهان والريحاني وجورج أبيض هم رواد الغناء والمسرح، والقائمة طويلة. وقد جاءت السينما والراديو وأخيراً التلفزيون لتوثيق هذه الروابط الثقافية بشكل أكبر. ولعل الميزة الكبرى للثقافة العربية هي أنها تستند إلى لغة عربية واحدة. ومن هذه الناحية يمكن القول أن المجتمع العربي المعاصر لا يختلف كثيراً على المجتمع الأوربي إبان حركة التنوير. حقاً، هناك انقسام وتشتت سياسي، ولكن هناك وحدة ثقافية إلى حد بعيد، تدعمها وحدة اللغة العربية.
وأما الملاحظة الثانية فهي أنه نظراً لأن الدين الإسلامي لا يعرف كنسية ولا كهانة تتدخل في الحياة اليومية للبشر، لذلك لم يأخذ الفكر العربي التنويري باتجاهات معادية للإسلام كما كان الحال مع حركة التنوير الأوربية، بل عدداً من رواد التنوير العربي كانوا من رجال الدين. ومع ذلك ورغم عدم وجود كنيسة في الإسلام فإن ذلك لم يمنع من ظهور اتجاهات فكرية سلفية تعارض الجديد باسم الدين والتقاليد.
وقد بدأت حركة التنوير العربية على حياء منذ منتصف القرن التاسع عشر وتعمقت في النصف الأول من القرن العشرين، لتتراجع في النصف الثاني من ذلك القرن نتيجة لغلبة النظم السياسية القمعية مما ساعد أيضاً على غلبة العقلية الشمولية وبالتالي بروز التيارات المناوئة للحرية.
بدون حركة تنوير حقيقية توفر حرية الرأي والاعتقاد وترسِّخ النظرة العلمية وتقوم على التسامح واحترام حقوق الآخر، فإنه يصعب تحقيق أية نهضة حقيقية، ويظل الحديث عن “ثورة صناعية” عربية مجرد ثرثرة. والله أعلم.