حين يقول الخليفة، وفي اعتقاده انه خليفة الله لا خليفة النبي،» انا مثل اميركا موجود في كل مكان». فعلاً...من غيره، منذ ان قضى كارل ماركس نحبه، له اتباع في اصقاع الدنيا؟ اذا تابعتم ادبيات ابي محمد العدناني لاحظتم ان للخليفة اتباعا بين الملائكة..
ابو بكر البغدادي ظهر مرة واحدة. قال» انا مولاكم». لم ندرِ به في الماضي، ولا احد من معارفه يقول انه شخصية خارقة، ولكن من اين اتى بكل تلك القوة، وبكل ذلك التأثير لكي يتواجد في باريس وفي كوبنهاغن وفي طرابلس وفي لاغوس ولاهور. من قال انه لا يتواجد في نيويورك او عند اسوار البيت الابيض؟
لا بأس ان يكتب جون الترمان عنه انه خرج من كل الشقوق التي في العلاقات الدولية، ومن كل الشقوق التي في الحضارات، والى حد التساؤل ما اذا كان ابو بكر البغدادي قد ظهر داخل نظرية صامويل هانتنغتون حول صدام الحضارات. ولا يستطيع فرنسيس فوكوياما الا ان يغادر المسرح لان التاريخ لم ينته، بل لا يزال هناك. الايديولوجيا لا تزال تلعب داخل الروح البشرية...
الباحث الاميركي يتساءل ما اذا كانت الداعشية »اكثر منهجية»، على المستوى الفلسفي كما على المستوى العملاني، من الشيوعية. ثمة من يغسل الادمغة باليوتوبيا وثمة من يغسلها بالدم. لم تعد الولايات المتحدة هي القطب الوحيد، او هي الامبراطورية الوحيدة، في هذا العالم. واذا كان الاميركيون يتباهون بناطحات السحاب التي دمرها اسامة بن لادن ذات يوم، الداعشيون يتباهون بما هو ابعد من ذلك بكثير. الاقامة بين الارض والسماء...
هذه المسألة تحتاج الى تكنولوجيا الروح فقط. الكلفة محدودة ولا تحتاج الى دماغ البرت اينشتاين. فائض الغباء وفائض الغيب. معادلة سريالية، ولكن من يستطيع قراءتها ومن يستطيع تفكيكها؟
الخليفة في كل مكان، بالذؤابات التي على الكتفين، وبالجلباب الاسود، وباللحية المنسقة. لا يشبه ذلك الطراز من رجال الدين الذين يقلدون مصاصي الدماء، وهم يعتقدون انهم يقلدون السلف الصالح. السلف الصالح لزمن سالف...
حيثما حل المسلمون حلت افكار التنظيم ببدائيتها القاتلة، لا بل ان البغدادي استقطب الآلاف من ذوي العيون الزرقاء الذين ارهقتهم ثقافة السوق، وتحوّل الكائنات البشرية الى جدران بشرية، كما كان يحذر تيار دو شاردان. اذاً، انه الرجل الاكثر شعبية في العالم. لا ندري ما اذا كانت الليدي غاغا هي المرأة الاكثر شعبية في العالم..
كيف لا يجتذب الاجيال، الاجيال المكسورة، حين يظهر رجاله بالقامات الفولاذية، وبالملابس المرقطة، وبالسواطير الجاهزة لقطع الرؤوس. قبل رحيله، لاحظ المفكر التونسي عبد الوهاب المؤدب ان رجال الخليفة صناعة هوليوودية. من عقود والشاشات الاميركية تقدم تلك الشخصيات الخرافية، بالقامات الراعبة وبالاسلحة الاشعاعية التي تحارب في المدن وفي الغابات وفي الاودية وفي الكهوف وبين ناطحات السحاب كما بين الكواكب...
استنساخ بدائي للنموذج الهوليوودي؟ لا، لا، النموذج الداعشي واقعي. يقتل بالفعل. يذبح. يجتاح، يسبي النساء، وكل طائرات الدنيا تطارده بالقنابل وبالصواريخ، وهو يتقدم.
كثيرون سخروا من قول واشنطن ان بغداد تعدّ ما بين 20 و25 الف جندي لاستعادة الموصل. هل الذين يلعبون مذهبيا في العراق يرتضون بتشكيل قوة ضاربة في هذا البلد الذي كان يمكن ان يكون يابان الشرق الاوسط فإذا هناك من يخشى عليه ان يصبح صومال الشرق الاوسط...
تابعنا بانوراميا ما حدث في الانبار وفي مناطق اخرى من بلاد الرافدين. الداعشيون، وكما في اي بلد اخر يتسللون من الشقوق، وهي كثيرة، لا تدري اهي التركيبة العشائرية، ام التركيبة المذهبية، ام التركيبة الاتنية؟ ثمة تصدع ولا نهاية له...
استطرادا لا تزال الموصل كما حلب في مخيلة السلطان العثماني الذي يشعر الآن بالهلع لان كردستان التركية عند الابواب. اذاً، لا بد من دفع الفوضى الى ذروتها، ولو كانت فوضى المائة عام..
الاستخبارات الاطلسية تحذر الاستخبارات التركية من التداعيات الكارثية على السلطنة نفسها. ذات يوم كتب الالماني غانتر غراس عن الرأس التركي. لا نريده ان يتدحرج. على الاقل من اجل اولئك الاصدقاء الاتراك الذين يعرفون ان العصر في مكان واردوغان في مكان اخر...
عن الديار