تفاعلت قضية اغتيال أحد الزعماء العشائريين في بغداد، خلال اليومين الأخيرين، حيث علقت قوى سياسية عدة مشاركتها في الحكومة والبرلمان نتيجة الحادث، الذي تبقى الاتهامات حول الجهة المسؤولة عنه قيد التكهنات، في ظل عدم صدور نتائج التحقيقات من الجهات الرسمية العراقية.
وتأتي هذه الحادثة التي أعادت إلى الواجهة تراشق الاتهامات على خلفيات مذهبية، ذهبت حد المطالبة بحل «الحشد الشعبي» وتدخل بري أميركي على أبواب معركة الموصل، خصوصاً بعد تحقيق هذا الجهاز عدداً من الإنجازات الميدانية، كان آخرها في محافظة كركوك، التي أعلن منها رئيس منظمة «بدر» عن مواصلة «الحشد» دعم الجيش العراقي حتى أبواب مدينة نينوى، في وقت باتت الولايات المتحدة في سباق مع الوقت، بهذا الشأن خوفاً من خسارة ورقة «تحرير الموصل»، وهي العملية التي يبدو أن القوات الأميركية تسعى لاستخدامها مطيّة لإعادة تركيز قواعدها في العراق.
وفي هذا السياق، يتوجه أربعة آلاف جندي أميركي إلى الكويت ليشكلوا بذلك أكبر قوة برية أميركية تتوجه إلى المنطقة بعد طلب الرئيس الأميركي باراك أوباما تفويضاً جديدا من الكونغرس لـ «مواجهة» تنظيم «داعش»، كما حط قائد العمليات الخاصة الأميركية في أربيل، أمس، في مسعى لتنسيق العملية العسكرية على الموصل مع قوات «البشمركة» بعد ترداد عدد من المسؤولين الأميركيين «ضرورة» مشاركة قوات خاصة أميركية في هذه العملية.
وكان مسلحون مجهولون يرتدون زياً عسكرياً، أوقفوا موكب الشيخ قاسم سويدان الجنابي وبرفقته ابن شقيقه النائب عن «تحالف القوى الوطنية» زيد الجنابي، لدى مروره جنوب بغداد، وعُثر في وقت لاحق على جثث الشيخ ونجله وسبعة من أفراد حمايته، مصابة بطلقات نارية في إحدى مناطق شمال العاصمة، بينما أطلق سراح النائب بعد ضربه.
وبعدما تمكنت الحكومة من تلافي أزمة سياسية نتيجة الخلافات حول قوانين «الحرس الوطني» و «المساءلة والعدالة»، أعادت حادثة مقتل الشيخ الجنابي الأزمة إلى الواجهة على شكل مطالب بحل «الحشد الشعبي» الذي يقاتل تنظيم «داعش»، بعدما علقت الكتل السياسية المحسوبة على السنة مشاركتها في أعمال البرلمان والحكومة عقب الحادثة، لتتحول الحركة الاحتجاجية إلى مطالبة بقوات برية أميركية أيضاً.
وكان بيان نشر على الصفحة الرسمية لرئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري في موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» قد أشار إلى أن «قيادات تحالف القوى والقائمة الوطنية عقدت اجتماعاً طارئاً في منزل رئيس مجلس النواب... واتفقوا على تعليق عمل الكتلة وتخويل القيادات السياسية للتحالف اتخاذ القرار النهائي بهذا الصدد»، وشدد المجتمعون، بحسب البيان، على «ضرورة تقديم قانون حظر المليشيات وتجريم الطائفية وإقراره داخل مجلس الوزراء.. بالإضافة الى دعوة عاجلة للرئاسات الثلاث للاجتماع ومناقشة تلك التداعيات».
وأكدت النائبة عن «تحالف القوى الوطنية» ناهدة الدايني أنه تم تكليف القيادات السياسية «السنية»، مثل نائبي رئيس الجمهورية أسامة النجيفي وأياد علاوي ونائب رئيس مجلس الوزراء صالح المطلك بالتفاوض مع الكتل السياسية الأخرى خلال الأيام الأربعة المقبلة، مشيرة إلى أن «هناك تعليقاً مفتوحاً»، وأنه «تم تشكيل لجنة للعمل على مدى أربعة أيام للتفاوض» مع باقي الكتل، لا سيما منها «التحالف الوطني» الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء حيدر العبادي.
وتحولت حادثة مقتل الجنابي إلى ورقة للمطالبة بتنفيذ بنود ورقة الاتفاق السياسي، حيث لفتت الدايني إلى أن «الكتل السنية ستتخذ قرارات كبيرة في حال لم تستجب الحكومة للمطالب التي وردت في ورقة الاتفاق السياسي».
وباتت مطالب هذه القوى تتلخص بمطالبة الحكومة بالاختيار بين البقاء كدولة أو كـ «مليشيات»، ملوحة بأنها ستلجأ إلى واشنطن لإرسال قوات برية لحماية «مدنها»، حيث أكدت النائبة عن «ائتلاف الوطنية» جميلة العبيدي أن «مشروع الحرس الوطني الذي كان يمكن أن يحصر السلاح بيد الدولة، لا تزال اطراف شيعية تماطل في تنفيذه»، مشيرة إلى أنه «في حال رفضت الحكومة مطالبنا فسنلجأ الى دراسة خيارات كثيرة مثل الاستعانة بالقوات الاميركية لحماية مدننا وإنزال قوات برية».
وفي هذا الاطار استقبل رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، وفداً أميركياً رفيعاً ضم قائد العمليات الخاصة في الجيش الأميركي جوزيف فوتيل، والسفير الأميركي في العراق ستيوارت جونز، والقنصل الأميركي في أربيل جوزيف بينينجتون، وبحث الجانبان الخطة التي تم وضعها للعملية العسكرية على مدينة الموصل وآلية السيطرة عليها.
وأعرب فوتيل عن «امتنان الولايات المتحدة الكبير للنجاحات التي حققتها قوات البشمركة، والأعباء الملقاة على عاتقها في مكافحة الإرهاب»، مؤكداً أن بلاده «ستستمر في دعم البشمركة في حربها ضد الإرهاب».
وأشار فوتيل إلى استمرار الدعم الأميركي لقوات البشمركة، التي تحارب «داعش» في مدينة عين العرب شمال سوريا، «حتى تحريرها بالكامل».
(«السفير»، رويترز، «الأناضول»)