لنضع امامنا هذا اليوم:24 تشرين الثاني 2014!!
هل يتحول الاميركيون ام هل يتحول الايرانيون؟ ريتشارد هاس خاطب باراك اوباما بالقول «إياك ان تخرج حافيا من البيت الابيض»، واياً تكن نتائج الانتخابات النصفية في 4 تشرين الثاني(جميع مقاعد مجلس النواب وثلث مقاعد مجلس الشيوخ وثلث حكام الولايات...)
باحثون وخبراء في الولايات المتحدة يعتبرون انه بات على الادارة ان تعيد النظر بالكثير من سياساتها حيال الشرق الاوسط، وحيث «الحلفاء الذين يعتقدون ان عقارب الساعة توقفت منذ الف عام باتوا يشكلون عبئاً استراتيجيا علينا»، كما يقول الباحث سيرجي ماركيدونوف الذي يرى انه آن الاوان للتفاهم مع ايران لان مثل هذا التفاهم «لا بد ان يساعدنا على ادارة العلاقات، والمصالح، بصورة اقل مأسوية بكثير».
يقول « منذ عام 2001 ونحن نبحث عن الارهابيين داخل الكهوف، ولكن لنفاجأ بعد عقد من ذلك، كما لو انهم يخرجون من ثقوب في الارض، وهم يعتقدون انهم يهبطون من ثقوب في السماء (هل اصيبت قدم السماء بالتشقق ايضا؟). والنتيجة «اننا ندور عبثياً حول انفسنا».
حتى ان بول كروغمان، الحائز نوبل في الاقتصاد، يلاحظ ان الهشاشة الاقتصادية الناجمة عن اختلالات داخلية، ناهيك عن ظهور امبراطوريات صناعية في آسيا، يفترض ألا «تجعلنا رهائن في ايدي اولئك الذين مازالوا يقبعون داخل مفاهيمهم الهرمة كما داخل ازمنتهم الهرمة»، داعيا الى ثورة في الاستراتيجية الاميركية لان الاجترار الراهن لا بد ان يفضي الى الكارثة..
الكل يتحدث عن ايران كدولة محورية. البعض يصف السناتور جون ماكين بـ «ذلك الداعشي في تلة الكابيتول». وثمة مسؤولون في البنتاغون كما في وزارة الخارجية، وايضا في وكالة الاستخبارات المركزية حصلوا على ضوء اخضر من الرئيس اوباما للتواصل، بطريقة او بأخرى، مع اصحاب القرار في ايران التي تدرك جيدا، او يفترض ان تدرك، ان كراهية بنيامين نتنياهو للرئيس الاميركي ناتجة عن رفض هذا الاخير لاي مغامرة عسكرية ضدها..
بوب ودورد هو الذي المح الى ان واشنطن ابلغت تل ابيب اكثر من مرة بأن الحرب على ايران هي «كارثة علينا وعليكم».
الصحافي الاميركي البارز اعتبر ان مثل هذه الحرب هي حماقة استراتيجية بكل المقاييس. وبغض النظر عن التداعيات المباشرة لذلك في ارجاء المنطقة، فإنها تشق الطريق امام رجب طيب اردوغان لوضع يده على الشرق الاوسط، وهو الذي يعتقد ان التاريخ يقف الى جانبه، كما ان الايديولوجيا تقف الى جانبه، وقد قال امام الملأ «انا حامي السنّة» في المنطقة دون اي اعتبار لما تعنيه المملكة العربية السعودية، ولا لمكانة مصر في هذا المجال بالذات.
الثابت ان هناك اتجاها مؤثرا داخل الادارة من اجل ان يكون 24 تشرين الثاني يوما تاريخيا على مستوى العلاقات بين واشنطن وطهران. في الاروقة الديبلوماسية تحدث اشياء مثيرة. البعض يستشهد بما يحدث في اليمن، وحيث الحوثيون دخلوا الى صنعاء، ومن صنعاء الى الحديدة، ثم الى معقل القاعدة في إب دون ان تصدر عن الولايات المتحدة سوى بعض الاعتراضات الشكلية، كما لو ان الاميركيين يريدون القول ان الاجهاز على القاعدة ومشتقاتها لا يمكن ان يتم الا بالتعاون مع ايران...
الثابت ايضا ان تل ابيب، ومعها عواصم عربية، تضغط في الاتجاه المعاكس وبعدما تناهت اليها تلك المعلومات التي تؤكد ان الاميركيين والايرانيين اقتربوا من توقيع اتفاق مبدئي، على ان يترك الاتفاق النهائي الى ظروف اخرى كونه يشمل ازالة العقوبات بالكامل، والتوافق على بعض المسائل الاستراتيجية الحساسة في المنطقة.
على الاقل لكي لا يخرج اوباما حافيا من البيت الابيض، فالدخول الى التاريخ هو هاجس اي رئيس اميركي. كيف اذا كان هذا الرئيس زنجيا ويريد ان يثبت ان الآتين من اوروبا لا يتفوقون بالذكاء ولا بالاداء على الآتين من افريقيا...
اوباما يتطلع الى ابعد من ذلك، وان كان يأمل الا يخسر الديمقراطيون في مجلس الشيوخ بعدما اعلن اللوبي اليهودي التعبئة لتحويل الايام المتبقية من ولايته الثانية الى ايام ميتة. هو يريد ارساء تلك الحالة في الشرق الاوسط التي تنشأ فيها توازنات جديدة لا تعود معها الولايات المتحدة، بكل عظمتها، رهينة سياسات قبلية او كما دعاها بن برادلي عندما كان رئيس تحرير الـ «واشنطن بوست» بـ «السياسات الفرويدية التي تحكم الشرق الاوسط».
ماذا اذا حيل دون الاتفاق المبدئي، وبالتالي دون تمديد المفاوضات؟ الفوضى الهائلة على امتداد المنطقة التي اثبتت فعلا انها على خط الزلازل مثلما هي على خط الحرائق. ولكن ألا يبدو جليا ان الفوضى اياها لا يمكن ان تتوقف لا امام الابواب العالية ولا امام الاسوار العالية المعززة بالاساطيل..
قد تكون هذه الفرصة الاخيرة، لا ما قبل الاخيرة، امام العرب والايرانيين ليجلسوا معا ويفكروا معا في خلاص المنطقة لا في انزلاقها اكثر فأكثر في تلك الحرب العدمية التي قد تتجاوز بأهوالها بعض النصوص التراجيدية في الكتب المقدسة.
امامنا ذلك اليوم. ليكن يوم الجميع، اذا صدقت اميركا واذا صدق الاميركيون!
عن الديار