سأكون مضطراً للحديث هنا في هذه المسألة التي كنت أئنف عن الكلام فيها أو ذكرها حتى ، ولكن وبعد ما تفاقمت أزمة - داعش - وبعدما كثُر الكلام عنها من ذوي الشأن ومن غيرهم ، كان واجباً علينا التنبيه والتركيز على - الدور السني -
لأهميته ولحاجته في محاربة داعش وفي طردها وفي تعريتها ، وهو دور حصري لهم ولا ينبغي أن ننافس فيه أو ننازعهم عليه مع إختلاط وتشويه مقصود ، وهذا ما فهمته من كلام لبعض الأصدقاء أمريكيين وغيرهم عن ضرورة تجنيد شبان مسلمين سنة ليحاربوا ظاهرة التطرف والإرهاب في العراق وسوريا - وأن تهيء لهم ساحات للتدريب وللتعبئة - ، وهنا أشير ولا أحدد إذ لا يجب ان تخلط الأمور لأن الكلام هنا في الديني والمذهبي من الأشياء وهذا له خصوصيته عند كل طرف .
كما إن نظرة السُنة للشيعة هي نظرة فيها الكثير من الريب والتشويه وعدم الدقة ، ولهذا فهم غير مؤهلين بنظرهم لإدارة الصراع مع داعش نيابة عنهم ، هذا الكلام سمعته من رجال دين ومن مثقفين ومن أعزاء وأصدقاء وهو كلام فيه الكثير من الوجاهة والدقة خاصة في ظل الإحتراب التاريخي وعنعنات الحق المسلوب ، والحق إن الإبتعاد عن مخاطر الصراع المذهبي يقلل من حدة الصراع المحلي والمناطقي ويقلل كذلك من الوقت والزمن المصروف ، ونحن أحوج لكل هذا خاصة ولنا إستحقاقات تفرضها مطالب الدولة وحاجات المواطن ، وعن هذا الصدد جرى كلام في الصميم عن أمكانية إعداد جيش من المتطوعين السنة لمحاربة وطرد داعش وزمرتها من أرض العراق ، ووجدنا لذلك تقبل وقبول من أطراف متنوعة ، لكن الكلام راوح بين قضايا فنية وإجراءات حكومية ، خاصةً و العراق مُقدم على تشكيل وزاري جديد ، وهذا الإجراء بما فيه سيستغرق فترة من الزمن يكون فيها الإنشغال في جميع الملحوظات .
لهذا يجب التركيز على - الدور السني - بما نعنيه من هذه اللفظة ونأمل أن تدعم ذلك القوى الدولية ، طبعاً هذا الدور لا يعني أبداً تركيز القوة وحصرها بيدهم ، بل يعني توجيه القوة ضد الطرف الذي دمر السيادة وأناخ بالإستقلال ، و هذه المفردة يجب النظر إليها بإعتبارها بمثابة الجهد المطلوب للتقليل من مخاطر الصراع الأهلي سيما وأن المتصيدين كثر ، والذين يريدون تشويه الصورة وإستغلالها في المتاجرة والترويج الفاسد ضد الدولة وطبيعة الحكم ، وهنا أشير من غير لُبس إلى عدم التداخل في الوظائف ، أعني ليكن للشيعة دور في البناء والإعمار في المناطق التي هم فيها وتحصين مناطقهم من مخاطر التشظي والفساد ، وليكونوا دوماً جاهزين للمساعدة والدعم لمن يحتاج إلى ذلك ويطلب ، هذه الوظائفية سوف لا تجعل من الحرب مقدسة في ذهن المتطرفين ، كما ولا تدع لهم مجالاً واسعاً في المناورة والدعاية وكسب المؤيدين .
وفي هذا المجال أتمنى على المرجعية الكريمة ان تعيد النظر ببعض طروحاتها ، وتتوجه إلى معالجة هذه النقطة مع علمي بحرصها حين دعت في لحظة ما إلى الإصطفاف الشعبي تحت بند - الجهاد الكفائي - ، واليوم هي مدعوة لتصحيح الرؤية كي لا ينطبع في ذهن البعض ويكأن الصراع بين السنة و الشيعة هو جهاد مقدس ، وأدعوها لتكريس الجهد للخروج من هذه الدائرة المغلقة ، وإعطاء فسحة أمل ومجال لمن يرغب من المعنيين بدرجة أكبر للتصدي بإعتبار الخطر قريب منهم أكثر ، خاصةً في ظل هذا الإنفكاك والتباعد المجتمعي ، ولنضف إلى ذلك رغبة البعض من سييء النية لجر الشيعة إلى صراع هم في غنى عنه ولا حاجة له والوقت لازال مبكراً جداً ، وكي لا تستنزف الطاقات في غير محلها .
الدور السني مطلوب ومريود في هذه المرحلة وفي المراحل المقبلة في المناطق التي يتكاثر فيها الدواعش ، الذين يعيشون على الضرب على وتر الطائفية والمذهبية مستغلين جهل البعض وعواطف البعض ، ولهذا نسمع الكثير من الكلام النشاز عن الأحقيات التاريخية والنفسية ، وعن الحقوق المهدورة والمضيعة ، في هذه المرحلة الدور السني في محاربة داعش هو القاعدة وهو الركيزة التي يجب على رئيس الوزراء الجديد الأعتماد عليها في ستراتيجيته الحربية للمرحلة المقبلة .