أن الليبرالية الديمقراطية هي واقع بديهي تفرض نفسها دون الحاجة إلى نقاش لأنها تبني المجتمع المدني الذي يتألف من الطوائف والقوميات الموجودة في العراق والشرق الوسط وهذه الطوائف والقوميات هي التي تمزق الجسد الواحد . وإلى جانب ذلك . المشاكل الخارجية الموجودة وتناقض المصالح الداخلي بمختلف أشكاله القومية والطائفية والأقتصادية . فجأت الليبرالية الديمقراطية لتكون هي الحل لتأسيس المجتمع المدني والدولة الفاضلة. التي طرحها الفارابي ونادى بها أفلاطون من قبل .
ولقد قدم فلاسفة النهضة الأوربية رؤية جامعة لتأسيس مجتمع مدني يكون فيه الأنسان هو الغاية وهو المنطلق ومن أجله تؤسس القوانين . ومن هنا بدأت فكرة الفصل بين الدين والسياسة الذي بمقتضى هذا الفصل تم التأسيس الطبيعي للقانون المدني بدل القانون الديني . الذي يتحكم بسيرورة المجتمعات الأوروبية وعلى ضوء ذلك يمكن القول بأن الليبرالية الديمقراطية نشأت بفعل هذا التراكم وهذا التدافع بين قوى الخير والحرية والسلام . وبين قوى الراديكالية والنظم الدكتاتورية والتي تحارب الحرية بمفهومها العام . حتى أن الليبرالية الديمقراطية كما هي في فلسفتها ترفض ما ذهب إليه هوبز في نظرية الحق المطلق .ذلك لأن الليبرالية الديمقراطية تعتقد بالشراكة الأجتماعية والشراكة الأقتصادية والشراكة السياسية التي تهدف في كل هذا إلى تحقيق مبدأ المساواة الذي هو جزء من بنية الليبرالية وأجهزتها المفاهيمية . لقد منحت الطبيعة لكل أنسان ما ان يفعل ما يساعده في تقدم الحياة وتطورها حيث أن المدنية تنموا عن طريق العمل . ومن ثم عن طريق نظم الملكية بوصفها نتاج العمل . ومن الناحية النظرية ليس الإنسان أن يمتلك أكثر مما يستطيع استخدامة .
أن الشعب في حل من الطاعة إذا أمكن . ثمة محاولات غير مشروعة الأعتداء على حرياته وممتلكاته . لأن هدف الليبرالية هو الصالح العام للبشر . وأيهما أفضل لبني اإنسان . تعرض الناس دائماً للرغبة الجامحة للطغيان . أو أن يتعرض الحكام احياناً للمقاومة أذا أسرفوا في أستخدام سلطتهم وأستغلالها في القضاء على ممتلكات الشعب لا في المحافضة عليها .لأن الحقوق الطبيعية مشكوك بها .
والحق الطبيعي الوحيد في مجتمع لا يوجد به قانون هو القوة المتفوقة . وأذا كان هذا المجتمع بالأساس الفعلي الواقعي يتألف على صعيد الدين من مجموعات . وعلى صعيد العمل والمهنة والدخل والوضع الأجتماعي . فيجب أن يكون هناك قاسم مشترك يجمع هذه المجموعات ويوحدها في مجموعة واحدة . هذا القاسم المشترك هو الليبرالية الديمقراطية هذا القاسم الذي يربط أفراد كل المجموعات بعضهم ببعض , يظهر مفهوم المساواة بين أفراد كل المجموعات ويندمج الجميع في مجموعة واحدة هي مجموعة الليبرالية الديمقراطية .التي تمثل مفهوم الشعب وتتجسد فيها العلاقة الجدلية بين (أنا) الفرد وبين (نحن)المجموعة . هذا الرابط المشترك الموحد يجب ان يكون معروفاً ومعرّفاً .فالمساوات بين أفراد المجتمع في الحقوق والواجبات توجب وجود قانون مدني يتساوى فية وامامة الجميع بدون أستثناءات .ويخضعون للمسألة . كما يجب وجود معايير أخلاقية ومثٌل عليا يخضع لها . وبما أن المعايير الأخلاقية التي تنادي بها المدينة الفاضلة كما أسس لها أفكارها أفلاطون وما جاء بعده من حقبة الفلاسفة المثاليين انما أرادوا تحصين الإنسان وحمايته ووضع قوانيين . التي تحد من نشاط سلطة الدولة وسلطة الأقتصاد وسلطة الدين . والهدف من ذلك كله هو تأسيس قواعد لمجتمع يتطور من داخله . يعني تحفيز أدوات التقدم الذاتي لديه . وهذه الرؤية كما نعتقد تؤسس لها الليبرالية الديمقراطية الجديدة في صيغتها القانونية والأجتماعية . أنما تساهم في عملية بناء المجتمع المدني المتطور الذي يبنى على العدل وعلى الحرية وعلى السلام . ولهذا لا يمكن الفصل بين مستقبل الإنسان وتطوره وبين الليبرالية الديمقراطية ومنظومتها القيمية . وبدون منظومة القيم الليبرالية يتحول المجتمع إلى دكتاتورية . والليبرالية الديمقراطية أنما تقدم في جملة المباني التي تعتقد أنها هي أنسانية عامة أوهي نظام أنساني عام .وبفقدان المجتمع لليبرالية وبفقدان الدولة لليبرالية يتحول المجتمع إلى غابة وتتحول الدولة إلى وحش مرعب . لأن هذه المعايير تعتبر المثُل العليا والوصايا الأخلاقية . ولا تستطيع المجتمعات بكل تراتيبها وبكل وحداتها للبقاء من دون الأعتماد على الليبرالية في تأسيس قواعدها وبناها المجتمعي. والليبرالية الديمقراطية بمفهومها العام هي إنسانية عامة وهي الناظم للعمل الصالح تجده مقبول ومتفق علية عند أهل الأرض قاطبة بغض النظر عن الدين والمذهب والعرق واللسان . وعلى هذا الأساس تكون الليبرالية الديمقراطية كممارسة حاضنة ثقافية عامة لخصوصيات جميع مكونات المجتمع المدني . وتكفل لها المساواة وتكافؤ الفرص وحماية الحقوق المدنية والأنسانية . ولهذا تكون الليبرالية الديمقراطية النموذج الحداثي المتطور في الفكر والثقافة السياسية . وهي الصيغة والشكل الأمثل لعملية بناء المجتمع المدني الديمقراطي . وهي تكون عامل تكريس لحقوق الأقليات الثقافية والدينية . التي دائماً تكون ضحية تهميش وأقصاء أو قمع ومصادرة الأنظمة مزدوجة . دينية - سياسية . أو التي تتخذ من الدين أداة لفرض سلطتها وهيمنتها . والليبرالية تكون الضامن الفاعل لحرية ممارسة الدين ,كطقوس وشعائر ما دامت لا تتعارض مع حقوق وحريات باقي مكونات المجتمع . والليبرالية الديمقراطية لم تكن ترفاً تنظيرياً . وأنما جأت كحاجة فرضتها معانات الشعوب من التسلط والأضطهاد . الذي يمارسه رجل الدين بغطرسة . ووقوفه بوجه كل ما هو جديد على فهمه التلقيني المغلق على قدسية النص وحرفيته !!!