(علمانية) مصطلح سياسي وصفي يطلق علي نوع من أنواع الدول تكون فيه الدولة محايدة حيادا إيجابيا تجاه أديان مواطنيها .
حيث كان في العالم ثلاث أنواع من الدول:
الحادية….. (تكافح الدين) الاتحاد السوفيتي السابق (وقد زالت من العالم)
دينية…… تعتبر دين بعض مواطنيها ديناً رسمياً: في إشارة إلي عدم رسمية أديان مواطنيها الآخرين. وهذه دولة تمييزية
طائفية…….. تدعم طائفة معينة مثل : السعودية (السنة)………. وإيران (الشيعة)، فالشيعي في السعودية……. كالسني في إيران(درجة ثانية)، وهي دولة تمييزية أيضاً
ولقد عرف العالم الدولة الدينية ……والدولة الطائفية ….. كان الذبح سيد الموقف كما كان التنكيل والاضطهاد والنفي مجرد أدوات بسيطة لتلك الدول في التعامل مع مواطنيها . فإذا كان أمير المؤمنين سنيا ….. راح يضطهد المسلمين الشيعة والعكس .وإذا كان أمير المؤمنين سنيا (صوفياً)…. راح يضطهدالسنه( الحنابلة.) وإذا كان أمير المؤمنين حنبلياً راح يضطهد الصوفية. وإذا كان الحاكم مسيحياً (كاثوليكياً )………راح يضطهد البروتستانت. وهكذا.
حتي كان اختراع الدولة الوطنية الجامعة العلمانية المحايدة مخرجاً مهما لعصور من الحرب الدينية والطائفية للمخالفين للدين الرسمي للدولة. او للطائفة فالدولة الوطنية دولة كل مواطنيها بغض النظر عن الدين أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الجنس أو….الخ
أما لفظ (علماني) فيطلق علي الفرد ويكون مقصوداً به غير رجال الدين (الشيوخ أو القساوسة)، (الأطباء مثلاً / النجارين / المعلمين / المهندسين ….الخ)، انهم يدرسون علوم الدنيا …هكذا عرف المصريون قديما مدلول العلمانية
وهناك زعيم سياسي يوصف بأنه متدين وعلماني (النحاس باشا مثلا) في آن معاً، وهو الذي يفرق بين المجالين (الوطني) و (الديني)، ذلك مجال وطني يشارك فيه الجميع، وهذا مجال ديني خاص بالمسيحيين فقط أو بالمسلمين فقط.
وأبرز نموذج لهذا الزعيم كان (مصطفي باشا النحاس في مصر). ولكن هل يصح أن يكون الإنسان مؤمن بأي شريعة كانت ، ولديه مشكلة في التعايش مع الآخرين المخالفين له في الدين . بالطبع لا. أما إذا كان يدين بالإسلام بالذات الذي يفرض عليه أن يؤمن بكل الأديان . ويكون لديه مشكلة في التعايش فذلك شيء غريب تماماً .ولذلك سنجد أول وأكبر بذرة للعلمانية في الإسلام: هي وثيقة المدينة التي كتبها سيدنا محمد عليه (ص) فقد وضع أساس التعايش لمجتمع صغيرأفراده مختلفين دينياً فيهم المسلم و فيهم اليهودي.
يقول الرسول في الوثيقة التي ترفض وزارة التعليم تدريسها كاملة لأبنائنا التلاميذ حتى تاريخه:
(بسم الله الرحمن الرحيم. هذا كتاب من محمد النبي (ص)
(بين المؤمنين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أمة واحدة من دون الناس)
(وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين .
(وأن يهود بني النجار ويهود بني الحرث ويهود بني ساعده ويهود بني جشم ويهود بني الأوس ويهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف).
(وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين)
(وأن بينهم النصر علي من حارب أهل هذه الصحيفة )
أي سيقاتل المؤمن إلي جوار اليهودي من يعتدي علي هذه الجماعة المتحدة الموقعة علي هذه الصحيفة ويستحمل النفقات كليهما.
إن العيش المشترك هو روح و أساس الدين .
وفي التراث الإسلامي بذور عديدة لعلمانية الإسلام لا يتسع المجال لذكرها . مثلاً حديث تأبير النخل (فقد كان الرسول (ص) ماراً بحي من أحياء المدينة فسمع أزيزاً فاستغربه فقال ما هذا ؟ فقالوا النخل (يؤبرونه) أي يلقحونه فقال الرسول (ص) وهو الذي لم تكن له أي خبرة بالزراعة ولم يعمل بها (لو لم يفعلوا لصلح) فأمسكوا عن التلقيح فجاء النخل شيصا (أي لم يثمر) فلما ارتدوا إليه يسألونه قال قولته الشهيرة (أنتم أعلم بشئون دنياكم)
وقد روي هذا الحديث وكان من جمله رواته السيدة عائشة وأنس ابن مالك…(ما أنا بزارع ولا صاحب نخل) (فما حدثتكم عن الله فهو حق ….وما قلت فيه من قبل نفسي فإنما أنا بشر أخطي وأصيب). وكذلك (إذا كان شيئاً من أمر دنياكم فشأنكم وإن كان شيئاً من أمر دينكم فإلي).
ولقد فهم أجدادنا الأوائل الدين فهماً رشيداً بعيداً عن الرغبات الأيديولوجية الحالية التي تريد أن تحكمنا متوسلة بالدين فهموه فهماً نقياً . فكتب الإمام محمد عبده مفتي الديار المصرية برنامج أول حزب سياسي مصري (الحزب الوطني) ( انه حزب يضم جميع المصريين المسلمين منهم والمسيحيين واليهود….)
ووضع رواد الوطنية المصرية الأوائل بذور الدولة الوطنية العلمانية المحايدة الجامعة لكل مواطنيها عندما صاغوا أول دستور للبلاد (اللائحة الوطنية) 1882 فلم يحددوا للدولة الوطنية المصرية ديناً رسمياً .واديان غير رسمية فدين الله واحد وشرائعه شتي قال تعالي (لكل جعلنا شرعة ومنهاجا …صدق الله العظيم)
وبلور زعيم الأمة الازهري سعد باشا زغلول العلمانية في عبارته الشهيرة (الدين لله والوطن للجميع) وقال الدكتور سليم العوا أن سعد أتي بالشعار من آيتين من القرآن
(ألا لله الدين الخالص) سورة الزمر آية 3
(والأرض وضعها للأنام) سورة الرحمن آية 10
لكن لماذا يتخذ الإسلاميون هذا الموقف من العلمانية وبالتالي من التعايش وهو موقف منافي للدين ولماذا شاركهم فيه رئيس حزب الوفد الحالي الدكتور البدوي وهو ابن الحزب الذي وضع أساس العلمانية في مصر واساس التعايش !