في مصر تقاتل القوى الراديكالية والأحزاب الدينية المتطرفة من أجل تطبيق الشريعة كنظام للحكم وللحياة ، وهذه القضية على خطورتها وبشاعة الداعين إليها هي القضية التي ستأتي على مصر من أطرافها فتجعلها هباءاً منثورا، فالمطالبة بالشريعة هكذا في الحكم يتطلب تعريفاً وتوضيحاً لها والمطلوب من تطبيقها الحدود أم الأحكام أم كليهما !!
!! ثم ماهي الشريعة وما طبيعتها ومالمراد منها ؟ وشريعة من هذه التي يُراد تطبيقها ؟هل هي شريعة الفقهاء أم شريعة الأحزاب ؟ شريعة الماضي أم شريعة الحاضر ؟ شريعة الأحناف أم شريعة الشوافع أم شريعة الحنابلة ؟ شريعة السلفيين أم أتباع القاعدة ؟ خبرونا أية شريعة تريدون تطبيقها في مصر ، أيها الداعون إليها أنتم ياأبناء الجيل الذي أفقده الضياع والعوز ، فخلطتم بين الأشياء بين حاجات المعيشة الضنكا وبين إرادة أهل السوء من رجال المؤوسسات والأحزاب الدينية ، مخاطر الشريعة تكمن فيها ومن داخلها ، وليس كما يقال لكم إن الغرب و إعلام الليبرالية يهول ويخوف منها ، وكما تعلمون فالليبرالية كما هي مشروع للحياة لاتخشى من يطالبون بتطبيق العدالة والحرية ، و لا تخشى القانون الذي يراعي الحريات ويحفظ الحقوق ويساوي بين الفئات والطبقات .
لكنها تخشى شريعة الظالم المستبد ، شريعة الحاكم الأموي والعباسي والعثماني الذي سخر البلاد والعباد من الإماء والجواري ، تلك الشريعة الشوهاء العرجاء التي لطخت أيديها بدماء الأبرياء وخاضت في أعراضهم وقسمتهم مللاً ونحلاً وإمارات ، ولازالت تقسم فيهم وتطعن بكل مخالف وتكفر على الظن ، وشعارهم هو شعار القرضاوي والذي يردده دائماً والقائل - الحق هو ما عليه أنا وأصحابي - فرقة واحدة ناجية وباقي الناس في النار !!.
هذه الشريعة بهذا النحو وبهذا المفهوم لا تصلح هذا على نحو العموم وأما على نحو التفاصيل فهي لن ولن تكون قادرة على تلبية حاجات الناس في معاشهم وحياتهم ، ومن يرد تطبيقها من دون علم بها فهذه هي لغة الضعيف والمهزوم والشاك في نفسه وفي غيره ، الشريعة في تاريخ المسلمين لم تشبع جائع ولم تكس عريان ، والليبرالية لا تصارع في الشريعة ولا في أحكامها وحدودها ، ولاتقف بوجه كل من يريد الحياة ويحقق للناس السعادة ، وإذا كان هدف الشريعة هو العدل والحرية والسلام للجميع فنحن معها من غير تردد ، لكن هذا الهدف يتطلب إثبات وبرهان وصدق وصحة وكما يقول النص - هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين - ، فالقضية ليست كلاماً ومزاعم وإدعاءات إنما هي براهين ودلائل وحجج ثابتة ومقنعة ، في الحياة المعاصرة تعني الحرية الشيء الكثير بالنسبة للإنسان ، والإنسان هنا الذكر والأنثى ، الحرية في المأكل والمشرب والملبس ، الحرية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والسياسية والفكرية ضمن القانون الذي يجب أن يحمي الجميع ، القانون الذي يجب ان لايميز في إحكامه بين الذكور والأناث ولا بين الحاكم والمحكوم ، لكن في شريعة الذكور يجب على المرأة لباس محدد ، يزداد صرامه كلما كانت البيئة صارمة وكلما زاد جهل الرجال ، والذكر حر في ذلك يلبس مايشاء وله أن يطول لحيته إن رغب قبضة ومازاد ،
الحجاب والنقاب مسميات لا تنسجم مع مفهوم اللباس ومفهوم الحرية الذي فرضه الله للمرأة كما ورد ذلك في الكتاب المجيد ، هي مسميات من إبتكار رجال الشريعة وكهنة المذاهب ، لهذا يخاف الناس ونحن منهم من الشريعة لإنها في معناها هذا وفي شكلها هذا ستؤدي حتماً ، إلى إنقسام داخلي بين فئات الشعب الراغبين والحالمين بالدولة المدنية وبالقانون ، ودعوني أصارحكم إن هذا الإندفاع من الشباب المسلم على الشريعة وحدودها وأحكامها لم يكن عن قناعة وايمان وعلم بالفقه وبالتاريخ بل مرده إلى العاطفة وهوج الإعلام وصياح الأغراب ، والشباب في ذلك لا يميزون بين ماهو ممكن وصالح وبين ماهو غير ممكن وغير صالح ، لهذا كنت مرتاب على الثورة المصرية والخائفين منها و على مستقبلها والذي نشاهده ونسمعه من إعلانات وفتاوى يؤكد ذلك ، إن تفتيت الدولة المصرية أصبح أمراً قائماً طالما تبقى المنادات الغير منضبطة والشعارات الغير ملتزمة ، ومنذ اندلاع الثورة والشعب ومستقبله يتعرض لهجمات استباقية من جماعة الدين السياسي ، يخوفون ا لناس من الليبرالية ومن الدولة المدنية