من اللائق أن نتناول بشيء من الصراحة حدود مايجب فهمه من الجميع حول معنى الوطن وحدوده ، وأنا أشعر إن البعض يزدري منها عن قصد أو بدونه ونحن نعلم إن وحدة الوطن شيء مقدس يعلو فوق القومية والإنتماء الطائفي والحزبي ، وجميعنا يعلم إن وحدة الوطن تتعرض منذ فترة إلى تآمر من خارج الحدود ، ولتركيا وإيران دور باز في هذا التآمر ،
وكنا نأمل من السادة السياسيين التفرغ إلى هذا الأمر الحيوي لكنهم كعادتهم منشغلين أو هكذا يصور إلينا بموضوعات وهوامش إنانية وإمتيازات شخصية ، إن موقفنا من هذا واضح لا لبس فيه وهو معروف لدى الجميع ونحن ما فتئنا نتحدث عنه ونبشر به ونحث كل العراقيين للإلتزام به
نعم أقول إن في الديمقراطية قوة تحمي الوحدة الوطنية وتحمي الوطن ، ولكن هذا يلزمه تصحيح في الوعي والطبيعة لما تعنيه الديمقراطية وكيف يجب ان تمارس ، فحسب ما اعلم إن ممارسي السياسة في العراق لم يخرجوا بعد من الأرث الصدامي وطبيعته الدكتاتورية ، التي لاتنظر إلى مصالح الوطن بقدر نظرتها إلى ماتكسب وتحصل عليه ، ولهذا لايظنن أحد بإن جلاء القوات الأمريكية ستحل المشكلة أو إننا سنشعر بالإستقلال أو إننا سنفهم معنى الوطن ، وكيف يجب أو تجب حمايته من كل خارج وطارئ ؟ أقول وأنا على يقين بإن الوحدة الوطنية هي سبيلنا فعلاً للعدالة وللحرية وللسلام .
كما يجب أن أقول لاينبغي جعل الخلافات الحزبية مدخلاً لتفتيت الوحدة الوطنية ، فالواجب الوطني والأخلاقي يقتضي بوقوف وإنتهاء كل خلاف حزبي طالما تتعرض سيادة الوطن ووحدته إلى التهديد ، قد يقول قائل إن الخلاف بين الأحزاب إنما هو خلاف على معنى الوحدة ومعنى الوطن وحدودهما ، والحقيقة المرة إننا مختلفين في كل شيء وإننا نزيد في معنى الخلاف وننميه ونساهم من حيث ندري أو لا ندري بتفييت الوطن وتمزيقه ، إن الإبقاء على معنى الثقافة القديمة في التعايش مع الغير لا تصلح لبناء وطن موحد ، كما إن المطالب التي لا تأتي في حينها تُعد إخلال وإرباك والعراق لم يتعافى من كل مرض ، وقد قلت في مقال مضى إن لم نكن بقدر حجم الوطن وسعته فلنستعد لتشكيل الأقاليم التي ربما يكون فيها الحل وربما تُهدأ النفوس القلقة ، وحين أتحدث أنا اليوم عن الوحدة فإني أبداً لم أنسى الأكثرية االمسحوقة والتي تفتقد للعيش الكريم وتفتقد للمقومات التي تشعرنا بمعنى التغيير كما تشعرنا بمعنى الحرص على هذا الإنسان المعذب ، إن الأغلبية الساحقة من شعبنا ومن أمتنا العراقية ترفض هذا التسويف الذي يفرضه عليهم التجار وأرباب السوابق .
الوحدة الوطنية حين نقول إنها فوق الجميع فإننا نعني بذلك ما نقول فالوحدة في معناها اللغوي هي الجمع المؤتلف وهي في الإصطلاح لا تعني الجمع القهري أو الجبري أو الإكراهي بل تعني التوافق والإيمان بمجموعة قيم تحدد ملامح الوطن وكينونته ، هذا التوافق منهجي وقيمي وهو لا ياتي عبر الشعارات والرسوم أو عبر تبويس اللحى كما هو مظهر السياسة في العراق ، التي تفتقد للحزم في موضوعات لا تقبل التجزئه أو القسمة على أثنيين ، هذا يعني إلزام الكل بمحاربة الإرهاب والفكر الذي يُفعله الذي يأتي إستجابه لمنطق ونوايا دول مجاورة لا تريد للعراق الخير ولا السلامة .
وفي هذه المناسبة أود التعبير عن رأي الليبراليين في العراق جميعاً الذين يعتبرون الوحدة الوطنية هي الغاية وهي المفهوم لمعنى الوطن ، وهي القاعدة التي تؤسس عليها مجموعة المفاهيم والأسس ، وكما إننا لا نؤدلج الوحدة لكن تصورنا عنها يعني وحدة الصف في مواجهة المشكلات التي تواجه المجتمع ، وهذا التصور أصله واضح من خلال المعايشه وأراء الناس فيما يرغبون وفيما يحلمون وبما يطمحون ، فلدى الناس إن التحرر من الدكتاتورية والهيمنة الطائفية يمر عبر الوحدة في شكل الوطن الجديد ، وعلى هذا وجب علينا ونحن منهم أن نختار الوحدة للوطن كونها التي بها ومن خلالها تحقيق التحرر الفكري والثقافي والسلوكي في الداخل وقوة تجاه دول الجوار التي تحاول الكيد والوقيعة بيننا .
وعلى هذا الأساس فإن قوتنا في وحدتنا إذا ما أردنا التخلص من كل تبعات الماضي والمحرضات عليه أو إليه .