يمرّ الشعب العراقي في هذه الآونة بحوادث سياسية وجرائم تجعلنا نُعيد التذكير بماقلناه سابقاً وتجعلنا نزداد ثقة بان الذي يجري في العراق هو من صُنع أيدينا ومن جهلنا ومن تنافسنا الغير شريف وبحثنا عن المقام والسلطة تحت أي لون وأي نوع ،
، والمؤسف في هذا الصراع إنه يجر الويلات على شعب منكوب لم يتعافى بعد ولم تضمد جراحه ، وكلما خرج من بين هذا الشعب من يحاول ان يمسح عنه الغبار والحزن يكون جزاءه القتل والإغتيال وهذا ماحدث قبل يومين للصحفي الرائع علي الزعلان وزميله ، طبعاً هنا أقول وبتجرد خالص إني لا أرتبط بقناة الرشيد برابطة تعارف لكني أحببتها وهي تحاول خلق نوع من الثقافة التي تنزع منا الأغلال والحقد والكراهية وتنمي فينا ما تستطيع إلى ذلك سبيلا السعادة والفرح والمحبة .
نعم أنا وغيري يعلم إن فينا من لا يرغب بالتعايش والإنفتاح وإحترام الآخر وإختلافه ، نعم إن فينا من يعمل ليل نهار لنظل أسيري منطق القيل والقال والنزول والإنحدار ، ولهذا نفتعل الإرهاب ونفتعل كل قبيح وكل منكر ، لكن هذا الفعل وأمثاله حتماً لن يزيد الشعب إلاّ إصراراً على معرفة أعداءه والتعرف أكثر على نوعهم وعلى طبيعتهم وهو تعرف يقترب يوماً بعد يوم لتحديد ما يجب فعله تجاههم ، صحيح إن مجابهة هذه الجرائم يلزمه التمسك بخيار الديمقراطية والحرية والإصرار على النهج الذي تتبعه قناة الرشيد وفي إعلامها المتزن الرصين وكذا في حرصها على السلامة الوطنية و الإبتعاد عن التنابز الطائفي والقبلي الذي يثيره في العادة قليلي المرؤة من أمثال هؤلاء القتلة شذاذ الآفاق .
إن مجابهة الإرهاب يتطلب حرصاً وطنياً سليماً وحرصاً على مستقبله من الضياع ، وهذا لن يكون ممكناً من غير إلتزام صارم بأهداف العراق الليبرالي الديمقراطي العراق المنفتح على الجميع من غير أحقيات أو تلبيس ، ولقد كنت ولاأزال من متابعي قناة الرشيد في برامجها المتنوعة ، وكنت أتابع هذا الشاب الشهيد علي الزعلان وهو يهاجر شرقاً وغرباً ليزرع الإبتسامة بين شفاه العراقيين في المنافي والمهاجر وبين أحضان الوطن المنكوب ، رأيته يعمل للخير يعمل ليكون إنسان العراق إنساناً يعيش الحياة ويستمتع باللحظة رأيته يعمل لكي ينشط في العراقي حب الوطن وحب الحياة والمستقبل ، وأنا في موقفي هذا أبعث بتعزيتي الخالصة لذويه ومحبيه
ومن كان يستمع إليه فيستمتع ، وأقول رحمه الله وتقبله وتقبل عمله وإننا بفقده لمحزونون ..
أقول وقبل ذلك حدث ان قتل الإرهاب في غرب العراق مجموعة من الزائرين القادمين من سوريا ذبحوهم بدم بارد ، وكأن مسلسل الموت والدمار له من يغذيه وكأن من يريد ان يكون مع السياسة في العراق يجب عليه ان يكون قاتلاً وسفاحاً ، ولقد كتبت في مقال سابق عن لوازم الأمن والإستقرار وقلت حينها ذلك مرتبط بالثقة بالوطن والشعور بالمسؤولية والتجرد عن الأسماء والصفات وهذا لازمه نكران للذات ، ويبدو إن ذلك غير ممكن لدى ساسة العراق فكل واحد منهم يظن في نفسه هو الأحق بالعراق وحده من غير منازع ، وأقول لقد آمنت إن ليس فيهم من يؤمن بالشراكة إلاّ من جهة الخوف ، ولو تسنى لواحد منهم الأستحواذ على كل شيء لما قصر هذا بوجه عام، وأما فيما يخص موقفنا من الحكومة فلقد قلتها كثيراً وكثيراً جداً إن الحكومة لن تستطيع ان تعمل ، لأنها مكبلة فكل واحد فيها يعمل على هوآه وكل واحد يجر لجهته مما زاد من الفساد وأستشرى ، وقلت لكي نكون فاعلين وغير ثرثارين علينا أن نساعد رئيس الحكومة لكي يمسك بما هو واجب عليه فعله وعمله ، وقلت إن الأمن لايكون من غير عمل كل الأطراف وأحساسهم بان الوطن هو لهم جميعاً وليس هو مغنم ، وقلت من يفكر على هذا النوع سيساهم بشكل مباشر وغير مباشر في تمزيق الوطن ويُكثر من مجاميع الإرهاب والقتل .
إن الموقف الذي يجب أن نتخذه أزاء كل هذا هو في إعادة توكيدنا على ثوابت الوطن وما يمكنه الإسهام في بناءه وتقدمه وهذا يتطلب إيمان بمعنى الشراكة وإيمان بمعنى الوطن ونبذ كل ألوان الطائفية والقبلية والتوجه للعمل الوطني والشعور بذلك ، والتقليل من حدة التفاوت الطبقي والعيش ومحاربة التخلف في العمل السياسي وتطوير معنى الثقافة الوطنية ومعنى الديمقراطية ، وعدم وضع العراقيل بوجه الحكومة وإعطاءها الفرصة كي تقدر على تطبيق ماوعدت به من خطط وبرامج هذه هي الحقيقة الوحيدة الممكنة فيما لو أردنا ان نستبدل التخريب بالبناء والعمل بدل التشكي والتذمر وتفقيس الخمول ونشر التقاعس ، إني على يقين إن لم نتجاوز هذه السنة بشيء من الأمل والطموح فإن مستقبل العراق كوطن واحد مهدد بالضياع وكل ذلك متوقف على مدى صلاحية وصحة عمل المريدين ومن في قلبه حب من غير طمع ، وأنا أقول كفانا هذا التدمير والبؤوس وكفانا هذا التناحر من غير نتيجة لأن من يفعل الشر تهون عليه القيم وتهون في عينه الكرامة ويظل مدى الدهر يعاني النقص النفسي والأخلاقي ، ويظل يعيش الرعب والذعر ومن ينتظر مستقبله على أيدي هؤلاء فهو حتماً الخاسر في حياته وفي مماته ..
وفي الختام لقناة الرشيد الفضائية التحية ولشهداءها السلام