جائتني بعض الخواطر بعيد قرائة مقالة لبول روجرز في موقع الديمقراطية المفتوحة عن سياسة أمريكا في أفغانستان وكيف إنتقلت أهميات السياسة من التعامل مع الحقائق على أرض الميدان الى تحقيق الكسب الإنتخابي في إنتخابات الرئآسة المزمعة في نوفمبر تشرين الثاني 2012.
وقد يكون المحذوف أكثر أهمية من المذكور أحيانا، وفي هذه الحالة لم أجد ذكرا للقاعدة البتة وقد أصبحت الطالبان وليست القاعدة شغل الولايات المتحدة الشاغل بعد القضاء على بن لادن بعدما أبعدتهم عن المساهمة في العملية السياسية وهم يشكلون نسبة كبيرة من تمثيل البشتون وهم 40% من الأفغان. أهمية ذلك أن القاعدة وليس الطالبان هي التي خططت ومولت ونفذت هجوم 9\11 وهي السبب المعلن لإحتلال أفغانستان والعراق وتساؤلاتي كانت حول تداعيات هذا التغيير في المنظور الأمريكي على الواقع العراقي.
ومما عزز هذه التساؤلات ما كتب من التعليقات في مدونة ريدار فيسر، حيث أنه يعتقد بأن سبب تكرار الأخطاء في العراق يعود الى عدم كفائة اصحاب القرار من الأمريكان في حين أن غيره قد فقد الإقتناع ببراءة الأمريكان، ورغم أن العديد من العراقيين والمصدقين بنظرية المؤآمرة وحتى المراقبين العارفين بخطط المحافظين الجدد هم جميعا يعتقدوا بأن الإحتلال لم يأتي لإحلال الديمقراطية أصلا بل جاء من أجل تحقيق مصالح أمريكية في المنطقة، لكن من الواضح أن النتائج على الساحة العراقية لم تكن عموما في حسبان أصحاب القرار ولا شئ يفسر الأخطاء المتكررة سوى العمد أو البلاهة.
من أبرز الأخطاء كانت طريقة تعامل الأمريكان مع الصدريين بالإقصاء مما يذكر بمواقفهم تجاه الطالبان، حيث أن كلاهما من مكونات الشعب التي لا يمكن إقصائها لكنهم لم يريدوا التعامل مع الأمريكان وهنا بيت القصيد؛ فيبدو أن الأمريكان أرادوا منح هديتهم من الديمقراطية لمن يتعامل معهم وإستبعدوا من لا يحبهم. قد يكون من تبريرات هذه المواقف كون الولايات المتحدة الدولة العظمى الوحيدة وثورة الأتصالات التي تسمح بإيصال رأي المعارضة أينما كانت لكن إستبعاد مكونات الشعبين الأفغاني والعراقي يأتي بتكلفة عالية ومسؤوليته تقع على عاتق الإحتلال.
تفكر أمريكا الآن بإرجاع الطالبان إلى العملية السياسية في أفغانستان لإنشغالها بالأمور الداخلية من إنتخابات وإقتصاد، لكن العراق بحاجة الى تعداد وإرجاع جميع مكوناته وضمان نزاهة العملية السياسية من أجل الإستقرار، لا مجال للمزيد من التجارب والأخطاء.