بغداد - خلود العامري
الحياة
لم يجد الشباب العراقيون منفذاً افضل من»«فايسبوك» والمنتديات الإلكترونية للتعبير عن آرائهم ومناصرة حملة دعم الحريات المدنية التي انطلقت في العاصمة العراقية بغداد مطلع كانون الأول (ديسمبر) الجاري بعد قرار مجلس محافظة بغداد إغلاق محال المشروبات الكحولية والنوادي الليلية.
واستثمر الشباب العراقيون من الجنسين هذه المواقع للتعبير عن مساندتهم للحملة التي اعتبرت الإجراءات الأخيرة تعدياً كبيراً على الحريات العامة في البلاد وبداية خطيرة لمصادرة الحريات الفردية وفرض نمط معين من العيش عليهم، لاسيما بعد صدور قرار مماثل من وزارة التربية بغلق قسمي الموسيقى والمسرح في معاهد الفنون الجميلة. ودون الكثيرون من الشباب عبارات ومقارنات حول الوعود التي قدمها السياسيون عن صيانة الحريات العامة في البلاد قبل الانتخابات لكنهم عادوا ليسيروا في دائرة التضييق على تلك الحريات على رغم اعتراضهم على السياسات السابقة لتضييقها على الحريات العامة في العراق.
ووصف اسعد (27 سنة) قرار إغلاق النوادي الليلية ومحال بيع المشروبات في بغداد بأنه تعد صريح وواضح على الحريات الشخصية في البلاد. وقال إن الكثيرين من زملائه وجدوا في القرار مصادرة صريحة للحقوق العامة، كما انه يحمل بين طياته نتائج سلبية ستظهر لاحقاً، فإغلاق هذه الأماكن سيؤول إلى انتقال هذه الممارسات إلى المنازل، فضلاً عن كونه سيسهم في ظهور بيوت ممارسة الدعارة والبغاء بشكل كبير في أماكن سرية.
اسعد الذي شارك في تدوين آرائه على المواقع الإلكترونية والمنتديات الشبابية يرى أن هذا الكبت سيتسبب بمخاطر اجتماعية مستقبلاً.
ويقول إن «العراق من البلدان المتنوعة الميول فهناك متدينون وآخرون علمانيون وفئة ثالثة من الملحدين، وهناك أديان أخرى من الصعب إهمال وجودها وتطبيق دكتاتورية فئة معينة».
وعلى رغم إعلان مجلس المحافظة أن القرار صدر بتصويت غالبية أعضاء المجلس من الأديان المختلفة، لكن ذلك لم يخفف من التذمر الجماعي الذي شهدته أوساط الشباب في العاصمة وبعض المدن الأخرى.
وامتدت موجة الاستياء من قرارات مجلس المحافظة ووزارة التربية إلى مجموعة من الكليات التي اظهر طلابها تأييداً لطلاب معهد الفنون الجميلة وخطوا عبارات على بعض الجدران معارضة قرار إغلاق قسمي الموسيقى والمسرح في المعاهد، لكن تلك الشعارات علقت على الجدران وخط بعضها في وقت غير معلوم بسبب المخاوف من أن يتم استهداف المتبنين لها في الجامعات. ولجأ الكثير من الشباب إلى توزيع الشعارات المعارضة للقرار واعتباره مساساً مباشراً بالحرية الفردية ومحاولة للقضاء على المواهب الشابة في البلاد التي اختارت دراسة التمثيل والموسيقى. بل إن الطريقة ذاتها التي جوبه بها القرار دفعت وزارة التربية إلى إعلان تأخير إغلاق القسمين في الوقت الحالي بعدما خرجت مجموعة من الطلاب في برامج تلفازية وهم ينتقدون القرار ويطالبون بحلول رئيسة للموضوع.
ولم تقتصر حملة معارضة كبت الحريات على الشباب الذكور فالفتيات كان لهن دور مماثل في المشاركة.
وتقول تقى وهي واحدة من الفتيات اللواتي يعارضن قرار مجلس المحافظة إن غالبية الفتيات يخشين من امتداد القضية لتطاول أموراً أخرى اكثر مساساً بحرية الفرد. وتؤكد أن مثل هذه القرارات ستؤول إلى تضييق لاحق على الحريات الشخصية الأخرى مثل الملابس وغيرها. وتضيف: «نحن الفتيات نشعر انه وبعد هذا القرار ستصدر قرارات أخرى تقيد حريتنا كما كانت قبل عامين أو اكثر حينما تدخلت الميليشيات والأحزاب الدينية في تحديد طبيعة ملابس الفتيات ومنعت الكثير من مظاهر الموضة الحديثة تماشياً مع ايديولوجيتها».
ويرى كثيرون من الشباب أن أي صمت من قبلهم على القرارات التي تمس الحريات العامة سيؤول بالنهاية إلى التطاول على حريتهم الشخصية لاحقاً.