لندن ـ 'القدس العربي': انتخب العراقيون كتلهم في الربيع (7 اذار (مارس) الماضي وانتظروا الفصل كله لتشكيل حكومة وانتخاب الفائزين رئيس وزراء من بينهم ثم رحل الربيع وجاء الصيف، ولم يحضر 'المخلص' لان الكتل البرلمانية ظلت تتناقش فيما بينهما حول من له الاحق دستوريا ام شعبيا في تشكيل الحكومة، كل هذا والعراقيون يتظاهرون طالبين زيادة في ساعات ضخ الطاقة الكهربائية وتوفير الاعمال.
فيما تزايدت اعمال العنف والتفجيرات التي تحصد في مرة عشرات من القتلى والجرحى، رحل الصيف وجاء الخريف والفائزون والخاسرون من الكتل البرلمانية لا زالوا يتناقشون ويتفاوضون حول من له مهمة 'تخليص' العراق من الامة، وها هو الشتاء على الابواب والحكومة لم تحضر بعد لكن الشيء الغائب عن كل هذه الهموم هم النواب الذين وعدوا مناطقهم الانتخابية 'بالمن والسلوى' فقد ابتعدوا كليا عن البلاد وحسب صحيفة 'نيويورك تايمز' قضى عطلات من 200 يوم مدفوعة الاجر كاملة في نزه وفسح في الخارج اضافة للمميزات الاخرى التي يحصل عليها النائب او النائبة البرلمانية. ولم يجتمع البرلمان الا مرة واحدة ولم يستغرق الاجتماع سوى 19 دقيقة وظل المجلس المنتخب مثل الدولة بلا رئيس ولا ناطق باسم النواب.
وقالت الصحيفة انه في المرحلة الانتقالية هذه التي لم يتم فيها تحديد من يشكل الحكومة فقد اختار الكثيرون مناطق وبلدانا لا مشاكل فيها وغنية ولا تسمع فيها اصوات التفجيرات اضافة الى ان البيوت والشاليهات الفارهة التي نزلوا فيها متوفرة فيها حمامات سباحة تنبعث منها رائحة الكلورين المنعشة، في كل من الاردن وسورية وايران ودبي.
ومن بين الكم الكبير من الذين خاطر العراقيون بحياتهم من اجل انتخابهم بقيت مجموعة صغيرة في العراق وتحملت حر الشمس الحارقة مع بقية العراقيين. اما الذين لم يتصيفوا في الاماكن الجميلة فقد قاموا برحلات لزيارة العائلات التي تقيم في الخارج والتي وفرت لهم مواعيد مع متخصصين واطباء بارزين في مراكزهم الخاصة من اجل اجراء فحوص طبية وهناك من انتهز الفرصة وخرج من العراق تحت ذريعة المشاركة في عزاء بعزيز رحل 'بعيدا عن الوطن' او المشاركة بفرح واعراس. وفي لقاءات اجرتها مع عدد من النواب اعترفوا انهم كانوا يتابعون الاخبار والتطورات السياسية عبر التلفاز او من خلال الصحف وقالوا ان الاخبار كثيرة عن الحكومة لكن التقدم بطيء.
وتنقل عن نواب شعورهم بالاحباط والغضب والحرج من انهم لا يعملون شيئا فيما وصل الوضع ببعضهم لنقطة الغليان نتيجة للضغوط والمطالب التي يتعرضون لها من الناخبين الذين صوتوا لصالحهم.
ويتحدث اخرون عن فراغ نفسي نتيجة لصدمة عدم انعقاد البرلمان، حيث احبطوا بعدما كانت لديهم احلام وامال في التغيير. لكن ما يعوض عن هذا الاحباط الراتب الشهري الذي لم ينقطع (11050 دولارا امريكيا) وبدل بيت وثلاث سيارات مصفحة جديدة مع 30 حارسا، وجواز سفر دبلوماسي جديد 'يلمع' يسهل رحلاتهم في المطارات الدولية، وتسهيلات اخرى حيث تم انشاء فرع لبنك داخل البرلمان حتى يتمكن النواب من سحب الاموال اللازمة بدون تعب او 'نصب'. كل هذا ونسبة كبيرة من العراقيين تعيش تحت طائلة الفقر، والبطالة ونقص المواد الاساسية ويشربون المياه غير الصحية و'يتقلون' تحت الشمس الحارقة. وكل ما يشعر به النواب هو الحرج والخوف من اللوم لانهم لا يفعلون شيئا لتحسين حياة من انتخبوهم.
وتنقل عن نائبة من التحالف الكردي تقول انها حاولت العمل والمشاركة بدون اي تقدم وانها وهي غير متزوجة تقضي وقتها مع امها تطبخ وتنظف وتقرأ الكتب، وشاركت في دورات عن الديمقراطية في لبنان وامريكا. وهناك من النواب من استغل وقت الفسحة البرلمانية بالعمل على انهاء رسالة دكتوراة وقضى رمضان في سورية هربا من الحر واستمرار قطوعات الكهرباء. ومن يحضر من النواب العجزة للبرلمان لا يجد احدا، احيانا صحافيين واحيانا اصدقاء غير نواب يقضي بعض الوقت للحديث معهم. وفي الوقت الحالي لا احد يعرف المسؤول عن الوضع هم ام قادتهم؟