لا يطيق اغلب ضباط ومسؤولي مؤسساتنا الامنية سماع مفردة حقوق الانسان وهم لاجل ذلك يتسببون في انتهاكات واسعة لهذه الحقوق ...الارقام التي تضمنها تقرير منظمة العفو الدولية ...والانتهاكات التي اوردها امور تثير الدهشة .. حتى وان كان التقرير مبالغاً في ارقامه كما افاد مسؤولون فهو مقارب لواقع ملتهب ودام كالواقع العراقي.
اسباب متنوعة تدفع مسؤولي السجون ومراكز الاحتجاز لمعاملة السجناء والموقوفين معاملة سيئة فبعضهم مازال يحتفظ بثقافة العنف التي كان يمارسها في ظل النظام السابق ...والبعض الاخر لا يستسيغ فكرة المعاملة الحسنة لمعتقل متهم بقتل مئات العراقيين، وانطلاقا من مشاعره الوطنية الجياشة فهو يحل نفسه محل الدولة ويمارس عملية الانتقام من هذا المتهم بيده او بوسائل التعذيب المختلفة في محاولة للثأر للابرياء الذين يتهم المعتقل بقتهلم ...هذا النموذج يتعامل مع الامور بسطحية ...وهو لا يدرك ولا يفهم ان الدولة شخص معنوي وليس شخصاً طبيعياً وبالتالي فهي لا تغضب ولا تنفعل ولا تمارس عملية ثأر اوانتقام ضد اي من مواطنيها وان كان مجرما كبيرا، واذا كان هناك ما يدعو الى محاسبة ومعاقبة شخص فيجب ان يتم ذلك عبر مؤسسات دستورية واجراءات قانونية شفافة تجمع بين حق المتهم في الدفاع وحق المجتمع والضحية في القصاص ...لان فلسفة العقوبة تنحصر في معاقبة الجاني وردعه وردع غيره عن ارتكاب الجريمة وليس في هذه الفلسفة ما يبرر الثأر اوالانتقام بطريقة انفعالية ...ومعاملة السجناء والمعتقلين بهذه الطريقة تخلق لديهم ولدى عوائلهم واصدقائهم مشاعر استياء وتذمر تجاه الدولة وهم في النهاية لا يدركون ان المسؤول عن تعذيب السجين هو موظف يرتكب جريمة وانما يعتقدون ان الدولة برجالاتها ومؤسساتها تمارس عملية العنف والتعذيب ما يزيد من الهوة الفاصلة بين المواطن والدولة ويعيد للذاكرة المشاهد المؤلمة التي كانت تؤذي المشاعر العراقية في داخل السجون التابعة للنظام السابق. من اهم حقوق من يقبع في السجون والمعتقلات ان يتم حسم ملفه في اقصر وقت لان هناك ظرفاً اقتصادياً صعباً وهناك اشخاصاً يعيلهم السجين يعيشون بسبب تأخر حسم القضية اوضاعاً تثير الشفقة ...فكيف سيكون حالهم حين تستمر عملية التوقيف سنين وفي الجلسة الختامية ربما تصدر المحكمة قرارا بالبراءة او الافراج لعدم كفاية الادلة ...وهذه القرارات تفتح ابواب التساؤل عن عدد الابرياء والمسؤول عن تغييبهم في السجون والمسؤول عن عدم تعويضهم نتيجة للاضرار التي اصابتهم جراء سنين من اعتقال ظهر في النهاية انه لم يكن مبنياً على دليل او سند قانوني
لا مسؤول يعي ثقافة الحقوق الانسانية ولا مؤسسات تعاقب من ينتهك ويتجاوز على هذه الحقوق والساحة مباحة لجميع اشكال الانتهاكات ما يجعل التقارير الدولية المتعلقة بالعراق تحمل ارقاماً وتفاصيل يصعب تصديقها تدفع الرأي العام العراقي للاستياء نتيجة الصورة التي كان وما زال يخرج فيها البلد امام المجتمع الدولي والتي يظهر فيها انه من اكثر البلدان انتهاكا لحقوق مواطنيه.
*قانوني وكاتب عراقي