من الحكمة بمكان ان نقف من غير تردد مع دعوة السيد مسعود البرزاني لمقاطعة الإنتخابات في صيغتها المقترحة هذه ، وهي دعوة أو لنقل هو إجراء إحترازي هدفه حماية العراق أولاً ، من العبث ومن الشطط ومن تسطيح الأمور وإستغفال العامة ،
هذا الإستغفال المراد منه عودة الدكتاتورية بوجه أخر ، ونحن نعلم إن هذه الدعوة هي ليست فعل إنما هي رد فعل مفترض ومطلوب لسلوك سياسي غير منتظم يتحرك وفق دائرة من المعلومات الضيقة ، الغير مأمونه والغير محسوبه يميل إليها البعض خوفاً من المسآئلة وقفزاً على أدراج العملية السياسية كما تشكلت في بداية الأمر .
يبدو إن هناك خطة معدة في أذهان الحالمين بالإنفراد في السلطان والحكم لتهميش دور الأكراد بإعتبارهم الفصيل الذي قال لا ويقول لا ، لكل ماهو مخالف للناموس وللطبيعة العراقية السمحة ، كما إنه هدف لتقليص دور الأكراد في مؤوسسات صنع القرار ، وبالتالي التخفيف من وطئة مشاركتهم في العملية السياسية والتحجير والحجر عليهم ، طبعاً لا يفوتنا التذكير هنا بذهنية البعض ممن يحلمون بعودة الأكراد إلى زمن ماقبل التاسع من نيسان من سنة 2003 ، وهو حلم طائفي بغيض ينميه لدى البعض شرذمة من العنصريين وأصحاب النفوس والعقول الضيقة ، الذين لايؤمنون بالشراكة أو المشاركة سلوكاً وفعلاً وممارسة ، ولايؤمنون بالمساوات والعدل .
إن حجة هؤلاء البعض في تقزيم دور الأكراد في البرلمان تنطلق من حسد ، وضيق أفق ، ووهم عتيق ، ودعاية رخيصة ضد فكرة الفدرالية ، مع إنها حميدة للجميع ولازمة لمجتمعنا العراقي بالذات ، فسنوات مابعد التحرير شاهدة على حجم التنافر والكراهية بين المكونات ، ولو كان حقاً طبقنا نظرية الفدرالية السياسية وحكومات الأقاليم ، لكان حال العراقيين غير هذا الحال ، ولترسخ في كل واحد منا حب للوطن بكل أطيافه وتلاوينه .
ثم ان الكلام في الزيادة السكانية للمناطق والمحافظات كلام لا يستقيم مع الواقع على الأرض ، وإن سلمنا بها فهي زيادة يجب ان تكون شاملة لكل محافظات القطر ، وذلك حسب مقتضى مقررات الهيئة الأممية ونسبة 3 في المية التي تعتمدها في زيادة عدد السكان في العراق ، ولا يستثنى من هذه النسبة قطعاً محافظات كردستان ، الذي ينعم أهله بالأمن والأستقرار والعيش الميسور على خلاف المناطق والبلدات العراقية الأخرى التي تتطاحن بالموت والقتل والإرهاب ، ثم إن كان المطلوب زيادة عدد النواب في المجلس للتباهي أو تماشياً يكون الزيادة المذكورة ، فالقاعدة الممكنة والواجب توافرها هاهنا هو ان تكون هذه الزيادة شاملة للمناطق الكردية إيضاً ، لا التقليل منها كما يريد البعض ، في عملية مقصودة دبرت في ليل ، عملية إن لم يتنبه لها الأكراد فان المستقبل العراقي كل المستقبل العراقي في خطر كبير ، ولا نجافي الحقيقة إذا ما قلنا إن للبعض نوايا وأفعال هدفها إقصاء كل القوى الوطنية والشريفة والنبيلة من العمل السياسي ، ليكون لهم وحدهم خيار رسم سياسة العراق وإقتصاده وثقافتة وبناء مجتمعه حسب مواصفات تراثيه كريهه ، مواصفات إن تمكنت من العراق فستدمر كل شيئ فيه كيانه ووحدته ووجوده وحدوده وأمنه ، وتكلف إجياله أعباء وتبعات ومشكلات من غير الممكن تحملها لا حاضراً ولا في المستقبل .
ونحن هنا نقول من دون ترديد أو شك ، نحن مع إعادة النظر بهذا القانون الإنتخابي المسخ ، وإعادة النظر بكل موقف يخرب ويباعد بين مكونات العراق وشعبه ، ولهذا نحن مع دعوة السيد البرزاني في عدم المشاركة في الإنتخابات ، إن لم يُعاد النظر فيها وفي طبيعتها ، ونحن معه في دعوته لتغليب المصلحة الوطنية على كل نزعة إنفصالية شوفينية ، ونحن معه لتحيكم العقل وؤد الفتنة قبل ان تستفحل ويشتد عودها ، وهذه المرة لن يكون بمقدور أحد القضاء عليها ، فالنظر للمستقبل بعين الرعاية والرغبة في العيش المشترك والمشاركة عناوين لازمة وضرورية للوطن وللمواطن ، وهي لازمة لتجاوز المراحل التالية من حياة الوطن المليئة بكل عقد التاريخ والجغرافيا .
وليعلم الجميع إن العراق ليس ملكاً لطائفة ، أو لجماعة ، أو لقوم ، أو لحزب ، هو ملك لكل عراقي شريف ونزيه ، ومن هذا المنطلق ومن خلاله ومعه ، نقول : إننا مع إعادة كتابة بعض فقرات قانون الإنتخاب من جديد ، ليكون عادلاً أولاً ، وغير متآمر ثانياً ، لا على العراق ولا على شعبه ولا على وحدته ، فالرؤية التي قدمها السيد البرزاني نعتبرها الأقرب إلى الواقع ، والأقرب لملامسة الحلم العراقي وتحقيقه ، بعد كل هذه السنوات من الضياع والألم والخوف والقلق والموت ، وهي الأقرب لمن يريد ان يعيش على قاعدة - إن الوطن للجميع الكل فيه سواء - ..