يعيش العراق وشعبه أزمة خطيرة منذ سقوط النظام البائد بل منذ تشكيل الدولة القطرية الحديثة ، أزمة في العمق من واقعه ومن تاريخه أزمة سياسية وإجتماعية وثقافية وأمنية وتربوية وسلوكية،
كل منها يولد سلسلة من الأزمات المحلية الضاغطة شديدة الوطئة شديدة التعسف على مستقبل وحياة الشعب .
ومن أجل إنصاف الحقيقة للتاريخ نقول : لقد شارك في صنع الأزمة دول مجاورة ومنظمات أرهابية وقوى ساهمت في تشعب هذه الأزمات وزيادة حدتها ، كما لا يفوتنا التذكير بدور بعض القوى الدولية في تأسيس ذلك والبناء عليه ، قوى لا تعرف مداخيل ومخاريخ وطبائع شعبنا العراقي وتكوينه ، تفعل هذا بنوايا ظاهرها حسن ، وتحسب ذلك خدمة في بناء الديمقراطية التي يجب ان يشارك فيها الجميع ، وكنا نقول : في حينه ومن قبله ومن بعده إنه لا يمكن للعراق ان يُبنى على أسس طائفية وعرقية ودينية ، بل إنه فقط وفقط يمكن قيامه الصحيح على أساس النظام الليبرالي الديمقراطي المتعدد الأطراف ، الذي يحمي الجميع ويرعى الجميع من دون تفاوت ومن دون أحقيات أو تزييف .
فالطائفية والشوفينية ليستا من عناصر البناء الديمقراطي الذي يمكن الإعتماد عليه ، كما إن ترسيخ ثقافة و لغة التنافر والتناقض ليست تجذير للحرية والتنوع ، خاصة في ظل واقع مجتمعي لم يخرج بعد من عصر الظلام ، لا في وعيه ولا في ثقافته ولا في تكوينه ، ويبدو ان البعض منا أستحلى أو أستمرء هذا اللون من الحياة ، لأنه في ظل ذلك نمى وكبر وصارت له أسنان وأذرع ، ولكي يبقى مهيمناً رسخ ويرسخ في المجتمع كل عناصر التفسخ من الجهل والمرض والتفاوت الطبقي وزيادة نسبة الهاجس القبلي السلبي ، والأتكاء على هذا في مناكفاته ومحاججاته التي يصطنعها لنفسه في البلدات والقرى العراقية النائية ، يغذي هذا الخرف جوقة من المتخلفين ، الذي وجدوا لهم ملاآذات آمنة بين أسطح وعمارات هذا النظام .
ولكم ان تحسبوا كم من الجرائم مارس هؤلاء ؟ ! وكم من السرقات قام بها هؤلاء ؟! وكم من القتل المنظم العمدي للمخالفين ؟؟ وكم من تشويه للحقايق وطبائعها فعلوه ؟؟ وكم وكم وكم ؟؟ ، كل هذا وغيره الكثير الكثير كان نتائج فعل وعمل واقع حال ظروف إستغفال الشعب والتحايل والكذب عليه ، ومن يريد الفحص العادي يجد ذلك شاخصاً في أزلام الفساد ومنحرفي الأخلاق الذين تطوعوا ليكونوا جنود في نشر الرذيلة والترويج لها ..
وفي ظل ذلك الواقع الفاسد ، وفي ظل مجتمع هدمته قوى البغي ، يستعد الشعب ليقول كلمته في الإنتخابات القادمة ، ومن الآن يجري شراء الذمم !! ومن الآن يجري تخويف الناس في معاشهم وحياتهم !!! ومن الآن يصفق البعض حين تصله هبات السلطان وغنائم الخليفة !!! ومن الآن يعمد ذوي الضمائر الفاسده للتطبيل والتزمير وخلق شخصيات يسبحون بحمدها ويسجدون !!! من الآن يُقام بكل هذا وغيره !!! كل هذا خوفاً من ان تصل قوى الشعب الحقيقية إلى البرلمان ، قوى - الليبرالية الديمقراطية - والمتحالفين معها والمتضامنين ، القوى التي تبشر بيوم جديد وعهد جديد ، عهد يقضي على التخلف والجهل والعوز والفقر والفاقة والحاجة ، عهد يعمل لتأسيس قواعد نظام إقتصادي وحياتي يوفر للجميع حياة حرة كريمة ، ويرفع عن الشعب قوى الأحتكار و التفاوت الرأسمالي والبرجوازي البغيض ضيق الأفق ، عهد يوفر الأمان والضمان الصحي والمعيشي للجميع ، يخرج العراق وشعبه من الفوضى واللانظام والتسيب الموجود بالفعل ، في عصر - الليبرالية الديمقراطية - يأمن المرء على حياته ، وعلى معاشه ، وعلى مستقبل أبناءه ، وفي ظله تزدهر الحياة ، ويشيع التعايش والعدل والحرية والسلام ، وفيه ومن خلاله يمتلك المرء إرادته وكرامته ، وفيه ومن خلاله يُعاد للمرأة دورها الذي خُلقت من أجله في التنمية والبناء والإعمار ، وستكون الجزء الفاعل في حياة الوطن وتقدمه .
إن العراق بعد مضي ست سنوات على سقوط الطاغية ، تأخر عن ركب الحياة وعن الوجود الطبيعي للبشر كثيراً ، في الميادين وفي الصعد كافة ، والناس عبر هذه السنيين قد عرفت علة ذلك التخلف ، وهي جادة بالفعل هذه المرة على تصحيح الخطأ ، وإعادة الحق لمن يكون أهل له ، ولمن يكون قادر بالفعل على إنجاز مشروع التحرر الذي حلم العراقيون به ، وسيكون هذه المرة غير سابقاتها فلا طائفية ولا عنصرية ولا تقسيم للشعب على أساس الدين والمذهب ، فالشعب يؤمن بوحدته ويرفض تكوينه على مبدأ التباين والتناقض والتنافر ، والشعب يحب حياته في البناء وفي التطور ، لأجل هذا ومن أجله ندعوا الشعب للخروج إلى دائرة النور والحياة ، ودفن دائرة الموت والإستغفال التي وضع بها ، حتى يحكم بإرادته لمن يحقق كرامته وعزته ومستقبل أبنائه وتطورهم ..