- ترجمة / حازم قاسم التميمي
بدلاً من التكبد في النهاية الكبيرة التي يتوقعها البعض بعد التمديد لشهر واحد، فأن الفترة الأولى من جلسات البرلمان العراقي لعام 2009 قد باءت بالفشل.
في الأمس، أرجأ المجلس الوطني لفترة يومين قبل أن تفترض، ومن المتوقع الآن أن لا تعقد الجلسة حتى التاسع من أيلول على اقل تقدير، ومن المحتمل أن لا تنعقد حتى نهاية شهر رمضان، في التاسع عشر من أيلول.
أن قائمة الأعمال غير المنجزة لا زالت واسعة كما بدأت، غير أن هناك فقرة واحدة عاجلة، على الأقل نظرياً، أن اعتماد آلية انتخابات ستهيمين في الانتخابات البرلمانية في العام المقبل، والتي تم تحديد جدولها في السادس عشر من كانون الثاني 2010. بينما لا زال قانون الانتخابات السابق لعام 2005 مطبق إلى الآن في حال فشل كل شيء، ويبدو أن هناك رغبة جامحة، على الأقل بين الرأي العام العراقي والأحزاب العراقية المعارضة، بغية انجاز شيئاً ما حول النظام الانتخابي كي تكون نتائج الانتخابات ذات انعكاس ايجابي على الرأي العام العراقي. الكثير من الأفكار التي استعملها قانون الانتخابات والمطبق في انتخابات كانون الثاني 2009 (الانتخابات المحلية) كان خطوة صحيحة في الطريق الصحيح، غير أن نسبة هائلة "من الأصوات الضائعة" في تلك الانتخابات (بمعنى، الأصوات التي كانت مخصصة للمرشحين الذي ينالوا أي تمثيل) تعني أن مسائلة إصلاح النظام لا زال في الأجندة.
يجب التشديد على أنه في حال تطبيق تناسبية أفضل، هناك حدود لما سيتغير في أطار الانتخابات نفسها التي يجب أن تنجز في العراق. يمتلك العراق فعلاً نظاماً منذ عام 2005 والذي يعطي القدر الكافي من التناسبية بعدة طرق أكثر من الاختيارات البديلة الأخرى، ويعتبر المقعد المخصص "لأغلبية الباقين" وفق "قانون الاستعارة" أكثر حياداً من الأحكام الأخرى للمقاعد المخصصة، التي تميل إلى تفضيل الأحزاب الكبرى. حقيقة، عودة إلى عام 2005، هناك تحول من الشمولية إلى الدائرة الانتخابية المفردة الطبق في انتخابات كانون الثاني المحلية إلى الدوائر الانتخابية على مستوى المحافظات في انتخابات كانون الأول (وهو النظام السائد حالياً). أن هذا التحول بنفسه يقلل من النسبية بعض الشيء، غير أنه طبق في الوقت الذي كان هناك شعور سائداً بأن الدائرة الانتخابية على مستوى المحافظة ستعزز تعرف المنتخبين على المرشحين والتي تحسن هنا مسؤولية المنتخبين. علاوة على أن التحرك كان متوازناً عن طريق إنشاء مقاعد "التعويض" على المستوى الوطني، ويعني 45 مقعداً من أصل275 مقعد والتي وزعت مسبقاً بين الأحزاب التي فشلت في تحقيق مقعد على المستوى المحلي غير إنها أفلحت على المستوى الوطني.
وبمعنى أخر، يمتلك العراق الآن نظاماً عالي الترجيح للانتخابات والذي يمكن أن يوصف أفضل على انه "التناسبية الفائقة (المفرطة)" من وجهة نظر مقارنة. أن العدد الأكبر من "الأصوات الضائعة" وحقيقة أن معظم المقاعد "التعويضية" قد أعطيت إلى الأحزاب الكبرى كما في انتخابات 2005 (بعد التخصيص الأولي لتلك الأحزاب التي بلغت حد التأهيل في التمثيل على المستوى الوطني ولكن ليس على مستوى المحافظات) التي تعكس بصورة كبيرة مشاكل لدى سلوك المنتخب أكثر من قضايا التي يمكن أن تجد لها حلولا في صندوق العدة الخاص بالعالم السياسي. أي أنه ما لم، بالطبع، يحضر الفرد لتقديم معايير راديكالية أكثر ومنها أمكانية نقل الأصوات، كما حصل في ايرلندا وفق نظام "الصوت الواحد المنتقل" والذي يصنف فيه المصوتين المرشحين وفق الأفضلية. ولا يمكن نكران أن هذا النظام ربما يعمل أفضل من نظام دوائر الانتخابية المصغرة (حيث أن على المصوتون في بغداد أن يصنفوا 50 مرشحاً لغرض تفعيل النظام)، ولكن ربما قد يشعر الفرد بأم عنصر الخذلان بطريقة جعلت UNAMI تهجر المبدأ نفسه ، جادلت مفوضية الأمم المتحدة لمساعدة العراق في تعليق لها خلال عام 2008 حول قانون انتخابات المحافظات قائلة:
"حتى نظام التصويت المفرد الانتقالي يجب أن يستبعد. أن حاجة المصوتين لعدد من المرشحين أمر غير لائق عندما يكون الجزء الأكبر من السكان غير متعلمين. وعلى الرغم من أن اختيار "صندوق الحزب" صالح للاستعمال، إلا أن النظام المعقد يجعل من الأمر أكثر صعوبة بالنسبة إلى المصوتين أو الأحزاب لفهمه، وان هذا ربما يقود إلى شك موجه إلى القائمين بعد الأصوات."هناك بديل جوهري (صعب جداً) والذي سيكون "لتوعية" المصوتين الطريقة الأصعب عن طريق إنشاء مستهل رسمي والذي سيثبط عزيمة المصوتين في مضيعة تصويتهم وإجبار الأحزاب على تحسين مؤسساتهم عبر البلاد (لدى تركيا الحد الأعلى في العالم حيث أن النسبة فيها 10%). إلى الآن، مع ذلك، يبدو غامض فيما إذا كان سلوك الناخب العراقي سيستجيب لهذا النوع المختلف جوهرياً. في انتخابات 2009، مثلاً، كان معروفاً جداً أن الانتخاب (للقائمة المفتوحة) كيانات الشخص الواحد يمكن لها أن تنتج مستوى عالي من هدر الأصوات؛ رغم هذا كان الناخبين في كربلاء متحمسين لدعم المرشح المستقل يوسف الحبوبي والذي انتفع من فوزه الساحق قوائم متعددة بطريقة خرجت عن تأثير ناخبيه.
وبالمقابل لهذه الخلفية، ركز النقاش المحتدم حول قضية قانون الانتخابات في صالة البرلمان العراقي إلى هذه اللحظة على النقاط بالتفصيل. ولكن هناك انتعاش طفيف لمسألة حجم الدائرة الانتخابية، مع القائمة الكردية والعراقية، أن الحزبان يتمتعان بروح الوطنية الجلية (الكردية والعراقية على التوالي) المدافعين عن حق امتلاك الدائرة الانتخابية الواحدة، ويأملان بتلك الوسيلة الحصول على أكبر قدر ممكن من الأصوات – العراقية عبر كل العراق، والكردية محتمل اجتياح ساحق مضمون في كردستان وتسعى إلى توسيع فرصهم في مناطق تتمتع بأقلية كردية. وهناك أيضا مقترح يزيل بعض نوعيات التمثيل التناسبي الخاص "بالمقاعد التعويضية"عن طريق توزيعها كافة وفق مبدأ أكبر الباقين، بغض النظر عن الأحزاب التي فشلت في انجاز التمثيل على مستوى المحافظات أو الانتخابات المحلية (سيضمن لهؤلاء على الأقل مقعد واحد في المستوى الوطني وفق النظام القديم في حال حصولهم على نسب كافية إجمالية). ويترجم هذا في الواقع إلى مكافئة للأحزاب الكبرى. على نحو مناظر، هناك مقترح يقول بتقليل النسبة المئوية للمقاعد التعويضية على المستوى الوطني، من ما يقارب 16% إلى 10%؛ أن التأثير الحقيقي لهذا مع ذلك صعب من ناحية التخمين بسبب أن اغلب المقاعد التعويضية في عام 2005 كانت في الواقع قد منحت إلى أحزاب رحب أصلا مقاعد في الانتخابات المحلية. الاعتراضات الأخرى تتعلق بحكم الترشيح،، وتتضمن عمر المرشح (يتنافس في الحد الأدنى بين 20، 25 و28 سنة) والمتطلبات العلمية (التعليم الثانوي مقابل التعليم الجامعي)، علاوة على جدل العادي القائم حول الأقلية المصغرة (سواءً كانوا مسيحيو بغداد سيحصلون على مقعد أو اثنين أو أن مسيحيو خارج العاصمة يجب أن يحصلوا على تمثيل في البصرة أو دهوك). إلى الآن،لم يعترض احد على المقترح الوارد في مسودة القانون الذي يقر بحضر استغلال الرموز الدينية وتشمل على الصور المرجعية في التنافس الانتخابي.
ركز الجدال الحقيقي الجاد على سؤال فيما لو كان حري بالقوائم أن تكون "مفتوحة" أو "مغلقة"، بمعنى، هل سيكون للناخبين الحق في تقييم مرشح الحزب أم لا. لما قدمت القوائم المفتوحة في انتخابات 2009 المحلية كان ينظر إليها على إنها نفخة على الأحزاب الكبرى والتي كانت راغبة في السيطرة على الأشياء من منظور مركزي. حتى لو شوهت المفوضية العراقية العليا للانتخابات مبدأ الصفقة العادلة بعد أن تعتمد على القوائم الرئيسية للمرشحين التي يعلن عنها في مراكز التصويت بدلاً من طباعة الاسم الكامل لقوائم الحزب (لا يمكن نكران مهمة التخويف أعطت العدد الكبير من المرشحين)؛ بعضاً من الأدلة المتناثرة هنا وهناك، بينت أن الناخبين العراقيين استغلوا بالواقع هذا الاختيار كثيرات في كانون الثاني الماضي. في البصرة، مثلاً، على الأقل خمسة من المرشحين في قائمة المالكي قد رقوا إلى مقاعد في المجلس المحلي نتيجة لتدخل ناخب، بعد أن وضعهم الحزب الحاكم أولاً في مواقع غير رابحة من القائمة. وهناك جدل أخر يخص التمثيل النسوي وفق الضوابط الحصة النسبية – والتي نادت بها مفوضية الأمم المتحدة لمساعدة العراق والمنظمات غير الحكومية الدولية، ولكن بصورة عملياً على الأرجح كأداة للأحزاب العراقية السياسية لنيل رضا الناخبين، ومنا لنيل رضا أصوات النساء. وكأمثلة استثنائية على النساء اللواتي فازن بمقاعدهن في الانتخابات المحلية السابقة عوضاً عن رفعها إليهن كحصة نسبية (أحدها ليلى نور في بغداد في قائمة ائتلاف دولة القانون)؛ وبهذا الخصوص يركز الجدل الراهن على فيما لو كان يجب ترشيح امرأة لكل ثلاث مرشحين أو لكل أربعة. لم يبدو أي من الأحزاب انه تعهد واحدة من تلك القضايا في حين كان هناك مجالاً حقيقياً لتحسينها من عام 2005على إنها عاكسة لرأي الناخب: أن آلية التوزيع للمقاعد الخمس والأربعون تقريباً (تعتمد على التعديلات الجديدة) "التعويضية" أو "الوطنية" التي ستوزع وفقاً لمبدأ المتبقي الأكبر. وعودة إلى عام 2005، كانت تلك المقاعد تمنح ببساطة كحصص الكلية النسبية إلى قادة الأحزاب في الأحزاب المعنية التي قد تستغلها بصورة مناسبة- شيئاً ما ينتج تتابعياً عن رفع الترشيح من المواقع في أسفل القوائم أو من المحافظات حيث الأحزاب موضع النقاش لم تستلم إلا أعداد ضئيلة من الأصوات هناك أو لم تستلم أي صوت. ويمكن فعل الكثير هنا لضمان درجة عالية من العلاقة المتبادلة مع كيفية يضمن المرشحون الأصوات التي يحصلون عليها من الناخبين، مثلاً عبر منح مقاعد إلى المرشحين الكبار غير المنوحين لمقاعد داخل الأحزاب المعنية.
عموماً، أن الانطباع هو أن الكير من الأحزاب الكبرى سعيدة جداً بالنظام القائم وهم مرتاحين ببساطة بغية الوصول إلى المحصلة النهائية والتي ستكون مشابهة تماماً للترتيبات القديمة منذ عام 2005. لقد تم أخذ القرار بصورة واضحة بأن أي تعديلات على النظام يجب أن يأتي على شكل تصحيحات على القانون الموجود وذلك في منتصف تشرين الأول. أن التحدي الحقيقي الوحيد من داخل القضايا التي تشغل البرلمان مثل معاملة كركوك، وهو الشيء الذي ارجع صداه في العملية الانتخابية خلال انتخابات المجالس المحلية الماضية. وبسبب القضايا التي تناقش عملية تسجيل الناخبين الممكنة عن طريق السلطات الكردية المحلية، وقد اقترحت العديد من القوى الوطنية العراقية مرة آليات تقاوم ما أسمته بالتحيز الكردي المحتم فقط في حال التخلص من الإجراءات الاعتيادية. بينما في حين كانت معارضتهم في العام المنصرم على شكل طلباً على اتفاق مؤقتة لمشاركة السلطة وتأجيل الانتخابات على مجلس محافظة كركوك، واليوم ركزت تلك المجاميع على الطلب على أساس حصص طائفية لكركوك (الكرد، العرب، والتركمان، والمسيحيين) بطريقة تعزز الانقسامات الطائفية بدلاً من تخفيفها. وفي الوقت الذي كان فيه الطلب لاتفاقيات خاصة لكركوك تبدو مفهومة بصورة مثالية، جاءت الحلول الخاصة على لسان الوطنيون العراقيون هذه المرة ليتكون بعيدة المنال عن الأجندات التي أعلنوا عنها فضلاً عن عدم المنطقية (فقد استجاب الكرد للمقترح المشابه لقضية ديالى ونينوى؛ ورفضت المحكمة الاتحادية العليا بصورة بحكمة كلا المقترحين على إنهما غير مطابقين للدستور).
يبدو أن أعمق القضايا تتعلق بالانتخابات تقع ما وراء حدود قانون الانتخابات نفسه. وواحداً منها يتعلق بالقانون الخاص بالأحزاب السياسية، التي أجلت على نحو مماثل. بينما من المشكوك فيه أن الشفافية الاقتصاد العراقي هي أن الضوابط المالية للأحزاب قد يكون لها التأثير الأشد، حيث تم التشديد على قانون حزب وبالذات قضية الدعم المالي من الخارج على إنها قضية رمزية مهمة بيد الأحزاب العراقية الوطنية مثل قائمة العراقية والحوار لتبدو وكأنها وسيلة صراعات ذات تأثيرات إقليمية (وهي تشير بصراحة تامة إلى إيران). وعلى نحو مغاير، وفي الوقت الذي تشدد به بعضاً من الأحزاب الشيعية بصورة متساوية بأن هناك "مؤامرات إقليمية" ناشطة (تتورط فيها من وجهة نظرها السعودية والأردن) إلا إنها غير واضحة بشأن تمرير قانون الأحزاب السياسية كقضية ذا أولوية.
أشار أياد السامرائي المتحدث النيابي إلى قضية جوهرية أخرى في أخر أيام الفترة النيابية التشريعية. فقد وعد بأن ه وخلال أول الجلسات الخريفية سيقدم أعضاء البرلمان بتقرير من لجنة مراجعة الدستور بغية تبنيها من قبل البرلمان ومن ثم تقدم فيها مذكرة. في الحقيقة، أن طبيعة هذا التقرير والطريقة التي تعامل البرلمان به تبدو واحدة من أهم المحددات لأجواء الانتخابات النيابية القادمة. في الأصل، أن متطلبات المراجعة الدستورية كان قد قدمت في تشرين الأول عام 2005 ضمن مذكرة دستورية تهدف إلى تهدئة مخاوف العراقيين، كلا من السنة والشيعة والذين يعتقدون أن الدستور خرج بعيداً إلى محطة تقسيم الدولة العراقية بطرحه صفات اتحادية. تم الاتفاق على حزمة من الاصلاحات المعتدلة التي قدمتها لجنة مراجعة الدستور في أيار 2007، غير أن معارضة على وضع كركوك قد منعت تبنيها من قبل البرلمان والأحزاب الكردية قد أزاحت بصورة غير مباشرة من بعض التساهلات التي عرضوها في مستهل الأمر. وهناك مقترح الآن بأن التقرير الذي يسير الآن في طريقه إلى البرلمان العراقي ليصل في جلسات الخريف المقبل بصيغة معومة وفيه قياسات اقل بكثير والتي ستقوي الحكومة العراقية، ولكن من الممكن مع تضمين الصفة الأولى والتي ستبقي الكرد مهتمين في عملية المراجعة: أن التوسيع المحتمل للهيئة الرئاسية الثلاثية، والتي يفترض تنتهي في نهاية عام 2009 أن تسمح لنظام الاغلبية العظمى في الحكومة. (المقترح هو أن الرئاسة يجب أن تستمر حتى تأسيس التشكيلة الجديدة للبرلمان الأمر الذي لم يعلن عنه إلا بصورة أولية في دستور عام 2005). لو كانت هذه الصيغة الظاهرية غير المكتملة من مراجعة الدستور العراقي هي التي ستمرر، فهذا قد يعني أيضا خطوات رجعية واسعة إلى الاجواء السياسية لعام 2005، لمتطلبات الغالبية العظمى والحكومات الكبرى المرافقة التي تنشأ وفق أسس صيغ محاصصة طائفية عرقية.
أخيراً، أن قرارات مثل هذه، فضلاً عن عمليات تتطلع إلى تحالفات جديدة بين الأحزاب العراقية عمومية أكثر، قد تكون خداعة في التأثير على مسار انتخابات البرلمان الجديد أكثر من الجدل الحالي للشروط الحقيقية للتمثيل النسبي في العراق.