لا أدري لماذا تخيلت عند فوز الرئيس الأمريكي الجديد السناتور الأسمر باراك اوباما، أن يوما ما سيأتي رجل من أصول هندية ويحصل على منصب رئاسة الوزراء في بريطانيا!
خاصة وان الهنود الآسيويين في بريطانيا وبجميع أطيافهم الدينية والعرقية يشكلون ثقلا وحضورا شاخصا في معظم مجالات الحياة، فلا يخلو مكان من الإدارات الحكومية والمراكز الصحية والمدارس والمتاجر وغيرها، من هذا الوجود الحيوي الفاعل.
مجرد خيال، سرعان ما استبعدته الصحف البريطانية في اليوم التالي معلله صعوبة تحقيقه في المستقبل القريب! قادني إليه أطفال محلتي وشارعي اللندني الضيق الذي يتسم بالتنوع العرقي والديني كما هو الحال بالنسبة للكثير من أحياء مدينة لندن العريقة، أطفال المحلة هؤلاء تفاعلوا مع خبر فوز اوباما ما دعاهم إلى إطلاق هتافات شبيهة بتلك الهتافات التي تطلقها فئات من أبناء الشعب العراقي في مظاهراتهم ضد الوجود الأمريكي .. نعم ، نعم لأوباما! رددوها أمام باب بيتنا وهم ينادون على صديقهم ولدي الصغير (علي) كي يشاركهم هذه الفرحة! منظر رائع جسده صغار الحي جعلني أتساءل عن سر هذه الفرحة البر يئة؟ مع إن الفوز بذاته قد لم ينل استحسان شرائح واسعة من الكبار في الغرب ممن لا يزالون ينكرون مثل هذا التغيير، والذي انتظره السود من سكان القارة الأمريكية طويلا.
يقال أن السيد اوباما واجهته صعابا كثيرة خلال حملته الانتخابية وبعد الفوز بالرئاسة، وذلك من قبل خصومه الذين يظهرون الديمقراطية ويضمرون الفكر العنصري!، ويبدو أنهم من سيصطاد هفواته وسقطاته في المرحلة المقبلة وكيفية تعامله مع العديد من الملفات الحساسة التي تشغل اهتمام الشارع الأمريكي وفي مقدمتها ملف الوجود الأمريكي في العراق والاتفاقية الأمنية التي أريد لها التوقيع قبل استلام الرئيس الجديد مهامه رئيسا للولايات الأمريكية، والتي طال الحديث عنها وعن أهميتها بالنسبة للعراق ومستقبله حيث قبلها البعض بينما رفضها الآخر، كلاً حسب قناعته، وقد حسمت الحكومة العراقية النزاع بالموا فقة وبالإجماع على الاتفاقية في 16/11/2008م، إذ ترك الأمر ألان لأعضاء مجلس النواب العراقي من أجل التصويت على القبول بها أو الرفض ، والوثيقة المهمة ستلزم قوات الاحتلال الخروج من العراق سنة 2011م أي بعد ثلاث أعوام، كما ستساهم في رفع الحصار الإقليمي والدولي عنه بعد خروجه من (الفصل السابع) وتبعاته المقيتة، وهي كما نظن وبعيدا عن الشعارات والمزايدات الأنسب في المرحلة الحالية.
وليس بعيدا عن العراق والغزو الأمريكي، جميعنا يتذكر المظاهرات والإعتصامات التي خرجت ضد دخول القوات المتعددة الجنسية العراق في تلك الفترة، وقد كنت من ضمن الجموع الكبيرة في آخر مظاهرة مليونية طافت شوارع لندن مع إيماني ومن كل قلبي بضرورة التخلص من النظام القمعي الذي أذاقنا صنوف العذاب، كنت لا أرى في احتلال العراق وإراقة المزيد من الدماء الحل والطريقة المثلى، لكن جرت المقادير أن لا يبقى سبيل للإطاحة بالصنم إلا عن طريق عمليات القوات الأجنبية ، التي ساهمت بجد رغم اعترافنا بأخطائها إلى إزالة نظام دكتاتوري قمعي جثم على صدور العراقيين لسنين طوال.
التحديات الكبيرة الأخرى التي تهم العالم عامة ومنطقة الشرق الأوسط خاصة، من أزمات مالية ضربت عمق الاقتصاد الدولي إلى مشاكل سياسية تهم أمن واستقرار دول عدة في عالمنا المترامي الأطراف، ستكون في انتظار الرئيس الجديد أيضاً، فهل سينجح باراك حسين اوباما في حل كل هذه الملفات الساخنة ؟ وهل سنشهد تغييرا في السياسة الأمريكية الخارجية يوازي تغيير وصول العنصر الأسود إلى كرسي الرئاسة في البيت الأبيض؟.. تغييرات تجعلنا نهتف بما هتف به أطفال حينا صبيحة الفوز بالانتخابات (Yes yes to Obama) نعم، نعم أوباما.
بشرى الخزرجي
Bushra121@yahoo.com