إنه لمن الغريب أن يصل الحال بنا أن ندعو ربنا أن لا يسلط رجال الدين على رقابنا ولا يمكنهم من أنفسنا وأموالنا وأولادنا وأزواجنا اللهم آمين !! ولكن أليس من الغريب أن يدعوا المواطن الشيعي بهذا الدعاء وخاصة وأنه أي المواطن تربى منذ نعومة أظفاره تحت منابر هؤلاء المشايخ ، بل استمر بإكمال جزء من حياته معهم في حوزاتهم من أجل طلب العلم فسلك مسلكهم ظنا منه بأن هذا الطريق نهايته الجنة والخير للمجتمع ،
ولكن اكتشف المفارقة أن الولوج في هذا الطريق كمن يسلك خطا مملوء بالنار والشوك ، فليس من السهولة على المرء أن يجد الناس تخضع لإرادته وتقبل جبينه وتتسارع لتعديل حداءه وتتشرف بإعطائه رزقها ومالها وجهدها وما شاء له أن يفعل، ليس من السهولة أن يجد الناس تأتمر بأمره وتعتقد يقينا أنه من يدخلها الجنة ويبعدها عن النار ، ولكني أقول ليس كل العلماء يستطيعون أن يتخطوا هذه الحالة لأن المسألة تحتاج إلى تهذيب نفسي خاص وقاسي جدا، أغلب رجال الدين لا يهتمون له بل الأغلب يستفيد من خضوع الناس ليستفيد منها في أهواه وأعماله الشخصية وينسى ويتناسى أن الغرض من هذا الطريق ليس استغلال البسطاء من الناس وخداع الناس والتلاعب بأرزاق الناس لأهداف ذاتية أو وهم يتلاعبون به على الناس ، والنتيجة أنه كل يوم نجد من الناس بعدا عن المساجد والدين بسبب تصرفات البعض من طلبة العلم الذين لا يراعون الله لأنهم يعتقدون أن الله تعالى سوف لن يحاسبهم فهم الواسطة بين العبد والخالق ، هذا الوهم الكبير الذي يعيشه رجال الدين لا بد أن يتغير مفهومه في يوم من الأيام وأن الناس لن تسمح أبدا لرجال الدين أن تتلاعب بأعز شي عندها وهو دين الله وتحت أي وسيلة كانت، أليس بلعم بن باعورة رجل قديس عند بني إسرائيل ؟ هل نعتقد حقا أن الله تعالى ذكر قصة بلعم بن باعورة في القران عبثا؟ فالله تعالى يعلم أن هناك الكثير من رجال الدين والعلماء من سينتهجون منهج بلعم بن باعورة ، فمن هو بلعم بن باعورة ؟ هو من قال الله تعالى في حقه " واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغاوين" إذا كان هذا ما بلغه عالم بني إسرائيل بأن أعطاه الله الاسم الأعظم وفي النهاية بلغ به الغرور والعجب أن يدعوا على نبي الله موسى فسلبه الله خير الدنيا والآخرة فما بالنا ونحن نرى بأم أعيننا كيف يعيش بعض العلماء المترفين وهم مقتنعون حقا بأنهم قدوة العلماء كيف يقبل هذا العالم أو ذاك أن يسكن في القصور بينما سيرة النبي (ص) ومن هم على منهج النبي(ص) يسكنون البيوت البسيطة والفقيرة ، بينما يعتقد من يسكنون القصور ويستبطرون بالنعم أنهم على حق وعلى خير ؟ لعمري إن هذا قمة الاستهتار بالدين والقران وسيرة الأنبياء العظام والمصيبة اكبر حينما يعتقد الناس بأن منهج بعض علماء الدنيا هذا هو منهج الأنبياء الذين يفترشون الأرض! أنا أسأل لماذا لقب الإمام علي ابن أبي طالب بأبي تراب ؟ أليس لأنه يفترش التراب وينام على التراب، هل كان علي ابن أبي طالب يقوم بذلك زهوا أو مناظرة وهو الخليفة على بيت مال المسلمين؟ أليس النبي محمد (ص) كان يضع الحجر على بطنه من شدة الجوع؟ هل يعني هذا أن النبي (ص) لم يكن يملك شيئا ؟إنه زعيم المسلمين وقائد المسلمين لو أراد لملك الدنيا ولكنها السيرة الصحيحة للعلماء، أليس العلماء ورثة الأنبياء؟ إذا لم يكن العالم يملك الزهد والتقوى وحب الفقراء والمساكين فما هي القيمة الحقيقية له؟ أليس الإمام الرضا يعشق الأكل مع الفقراء ؟ وما أكثر القصص لو أردنا أن نرويها عن سيرة هؤلا العظماء بينما نحن في مجتمعاتنا اليوم لا نجد القدوات الصالحات التي ترشدنا إلى طريق الصلاح والخير والهداية ومساعدة الناس وتقبل روح النقد ، إلى متى يتصور هؤلاء المشايخ أن الناس ستسكت عنهم؟ هل يريدون من الناس أن تصل إلى درجة الكفر والعياذ بالله؟ هل يريدون المجتمع أن يصل إلى درجة أن لا يؤمن بأن هناك علماء وطلبة علم؟ يريدون أن يبنوا مجتمعا طبيعيا ومسالما ألا يفكر هؤلاء السادة والعلماء بالناس ولو قليلا، كفوا عن التفكير في ذواتكم ولو قليلا وابحثوا عن وسيلة لصلاح هذا المجتمع الذي سببتم له كل تلك النكسات الاجتماعية والألم والفقر والجوع والحرمان ، ونحن لا نريد منكم سوى أن تبنوا وتعمروا القلوب بالطهر والحب والتسامح ، وأن تعينوا الناس على حل قضاياهم وهمومهم لا أن تكونوا سبب تلك الهموم والقضايا ، أليس الناس تسمع أن المشايخ يكنزون الأموال الكثيرة أو يرسلونها إلى الخارج؟ أليس من حق الناس أن تسأل عن الأخماس ؟ ثم أنتم تتعاملون مع الناس وكأنهم غنم لا يحق لهم أن يسألوا العالم والمرجع أين تذهب الأموال ؟ كلنا يعلم أن أغلب المراجع يجيزون لوكلائهم أن يصرفوا أموال الخمس في مجتمعهم فلماذا ترسلونها إلى الخارج ؟ هل لأنكم تبحثون عن الوجاهة؟ فالوجاهة عند الله أولى من الوجاهة عند الناس ، نحن لا نرى منكم إلا الهم والنكد والبلاء والتعاسة ، إن الناس أغلب الناس يخشون من الكلام معكم بسبب قذارة ألسنت البعض منكم وقسوة قلوب البعض الآخر منكم ،وعدم مبالاة الكثير منكم وكأن الناس لا قيمة لها ، أي وصاية قبيحة هذه؟ ألا يوجد فيكم حكيم يبالي يا علماء القطيف ، لقد ملأتم قلب رسول الله (ص) قيحا ، وويلكم من محاسبة إمام الزمان لكم، لقد ضيعتم حقوق الناس باسم الدين والحكم الشرعي حتى أصبحنا لا نثق بأحكامكم الشرعية وإذا لم تتداركوا الأمر فصدقوني فإن الناس لن يؤمنوا بكم أبدا ، أين فائدة وثمرة من العلم الذي تدرسونه، نحن لا نجد فائدة من علمكم ، هل هذا الشيخ أو ذاك يظن أن الناس بحاجة إلى بعض المسائل الشرعية فقط ؟ إن الناس تحتاج إلى قلوب رحيمة تعالج همومها ومشاكلها وليس إلى بضع مسائل في الفقه والعرفان والتفسير وغير ذلك، إن أهمية الأنبياء ليس فيما يلقونه من علوم ومعارف فقط ، إن أهمية الأنبياء في وجودهم المبارك بين الناس ، وجودهم الذي يبعث الأمل والسعادة ويبعث على الطمأنينة التي فقدها مجتمعنا منكم ، الأهمية من وجود الأنبياء في وجود القدوة الصالحة والحية ، أما أن يوجد حفنة ممن يدعون أنهم طلبة علم بينما هم لا يربون إلا وحوشا تنهش فيمن يخالف العلماء فهذا ليس منهج الأنبياء ، هذا منهج الشياطين، منهج الأنبياء هو منهج الرحمة وتقبل الآخر والحوار معه، أما منهج الهجوم والتعدي على الناس فهو منهج الشياطين ، أنتم أجبرتمونا على عدم احترامكم بسبب سوء تصرفاتكم وخلودكم على الأرض والدنيا وتهالككم على المال والدنيا، أما سمعتم خطبة الإمام علي عليه السلام يستنكر فيها من يخضم مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع ؟ يقول علي ابن أبي طالب وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع إلى أن انتكث فتله ، إلى متى هذا الصمت من قبل الناس تجاه هذا الاستهتار من قبل رجال الدين بشؤون الناس ؟ إن من لا يستطيع تحمل المسؤولية عليه أن يلقي العمامة من رأسه حتى لا يحاسبه الله محاسبة العلماء وهو في الدنيا من الجهلة .