Tuesday, April 1. 2008
لله درها من دولة تجعل العالم يقف على قدم واحدة ولا يدري أين يضع قدمه الأخرى إلا بعد اختتام الانتخابات العامة ليرى العالم من سيكون الرئيس: "ديمقراطياً" أم "جمهورياً".
إنها الولايات المتحدة الأميركية التي لم يشهد التاريخ لها مثيلاً على امتداد آلاف السنوات من عمر البشرية. وكأنني أتخيل بعض رؤساء الدول في الغرب والشرق وقد أمسك وردة العشاق بيديه, ولكن لغرض آخر غير الحب, ملغياً الورقة تلو الأخرى... "ديمقراطي"... لأ, "جمهوري". مثل هذه الدولة العظيمة لا يملك الإنسان سوى أن يقف لها احتراماً, سواء اتفق معها أم كان ضدها.
تاريخ الولايات المتحدة الأميركية يقول للعالم بلسان فصيح إنه إذا جاء رئيس "جمهوري" فسيجعل العالم يتحسس مواضع الآلام باستمرار سياسة خارجية خطرة, واستمرار أزمة الرهن العقاري وتأثيراته السيئة على الاقتصاد العالمي, وديمومة ستطول السنوات القادمة باستمرار الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي واحتمال تعرض المنطقة من جديد لحرب إسرائيلية ضد بعض الدول العربية, سوريا ولبنان, وكذلك استمرار التوتر السياسي والعسكري مع إيران الذي قد يتحول إلى حرب, ومن ثم استمرار ارتفاع أسعار البترول, والتضخم في كل المجتمعات. هذا الغول الذي سيلتهم كل زيادة في المرتبات والأجور, بل إن العالم مقبل على مشكلة غذائية خاصة في إنتاج القمح.
أما إذا كان رئيساً "ديمقراطياً" فستنكفئ الولايات المتحدة على نفسها في الداخل لتعديل مسار الاقتصاد الأميركي وبث الروح فيه من جديد, وسيعاني العالم من ضعف في مواجهة الإرهاب العالمي الذي أثبتت التجربة أن الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة مالياً وعسكرياً على توفير استمرارية المواجهة ضده, وسيتباطأ سير الوضع الفلسطيني وأيضاً العربي بتردي العلاقة بين العرب والإسرائيليين، وربما تصبح الدول الخليجية في وضع أسوأ في مواجهة إيران. بل إن الوضع العراقي سيصبح أقل شأناً مما هو عليه الآن, بما يتضمنه ذلك من انعكاسات سلبية على العراق نفسه وعلى دول المنطقة أيضاً, بتعاظم الدور السوري السلبي في المنطقة, بما يرشح استمرار أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان, لأن العرب وحدهم عاجزون عن مواجهة الدور السوري في لبنان.
في هذه المرحلة الانتقالية على مستوى العالم, سيكون العرب كما يقولون، في حيص بيص, أي بمعنى أنهم يودون وصول رئيس أميركي "جمهوري" لضمان مواجهة الإرهاب العالمي, وفي الوقت نفسه يتمنون وصول رئيس أميركي "ديمقراطي" على أمل أن يخف الصداع العالمي الذي تسببه السياسة الخارجية الأميركية. وحين يقف العالم على قدم واحدة يحجل بها من الآن إلى حين اختتام الصراع السياسي الأميركي بين "الديمقراطيين" و"الجمهوريين", فإنه يمكننا القول إن هذا العالم يحتاج إلى وقفة طويلة مع النفس ليقرر ماذا يريد بالضبط. وإذا كانت الأزمة على المستوى الأوروبي ليست خانقة إلى هذه الدرجة لأنها دول مستقرة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً, فإن الدول العربية ستواجه خيارات صعبة ستقف إزاءها عاجزة, وربما ستجد نفسها "لا تطول بلح البصرة, ولا عنب الشام", على افتراض أنها تمتلك الرشد السياسي الكافي الذي يمكنها من اتخاذ القرار المناسب... ولكن هيهات.
|