على مدار العام الماضي، رأينا أن العراقيين ملتزمون بتأكيد سيادتهم. فالجيش والشرطة العراقيان يبادران بتوفير الأمن في أغلب أنحاء العراق.
والعراق يقيم علاقاته مع دول أخرى في الشرق الأوسط. والشعب العراقي يريد أن يحق احتياجاته ويقرر مصيره. ويرغم أن تكون علاقته مع الولايات المتحدة أكثر طبيعية.
ولقد قامت قواتنا ودبلوماسيونا بتضحيات غير معلنة للمساعدة في وضع العراق على الطريق الى الاكتفاء الذاتي. وسوف تتكشف الشهور القادمة عن مرحلة حاسمة في هذا الصدد، حينما يبدأ سفيرنا في بغداد ريان كروكر التفاوض حول اطار عمل أساسي يهدف الى علاقات طبيعية مع الحكومة العراقية ويتضمن ما يعرف باتفاقية »وضع القوات«. ونحن نشجع الكونجرس والرأي العالم على تأييد جهود كبار دبلوماسيينا وضباطنا العسكريين في صياغة هذه المحادثات التي نعتقد أنها ستكون أساسية في تحقيق النجاح في العراق ومن ثم تحقيق المصالح الحيوية للولايات المتحدة وأمنها.
اليكم في البداية هذه الخلفية. في كل مرة توجد فيها القوات الأمريكية بصورة مؤقتة على أرض أجنبية، يثور عدد من الأسئلة المشروعة، بداية من النطاق الاجمالي لمهمتها وحتى دقائق الحياة اليومية لهذه القوات، بداية من السلطة المخولة للقتال وحتى قواعد استلام البريد. لقد قمنا في أكثر من مائة وخمس عشرة دولة بوضع اتفاقيات لوضع القوات. وهذه الاتفاقيات مصممة بحيث تراعي الظروف في كل دولة مضيفة، وكذلك المطالب الخاصة والمهمات الموكولة الى قواتنا لديها.
في العراق، تم التفويض بوجود الولايات المتحدة وحلفائها ودورهم بموجب قرارات صادرة عن الأمم المتحدة، والتفويض الحالي الصادر عن الأمم المتحدة ينتهي بنهاية هذا العام، وقد أشار العراق الى أنه لن يطلب تمديده. بل انه سوف يجري ترتيبات أكثر اتساقا مع ما يحكم العلاقات بين بلدين مستقلين.
ثمة جدل هنا حول مستقبل وجود قوات الولايات المتحدة في العراق وتكوينها ومهمتها. غير أنه من الواضح أن قوات الولايات المتحدة سوف تحتاج الى العمل في العراق بعد نهاية العام من أجل استمرار التقدم في احلال الاستقرار بالعراق.
في هذه المفاوضات، نسعى الى وضع المحددات الأساسية للوجود الأمريكي في العراق، بما فيها السلطات المناسبة، والتشريعات اللازمة للعمل بفعالية وتنفيذ المهمات الأساسية مثل مساعدة الحكومة العراقية في محاربة القاعدة، وتطوير قواتها الأمنية، وووقف تدفق الأسلحة الفتاكة والتدريب من ايران. بالاضافة الى ذلك، نسعى الى تأسيس اطار عمل أساسي لعلاقة قوية مع العراق، تعكس مصالحنا المشتركة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية.
لن تتضمن المفاوضات ما يفوض باستمرارنا في العمليات القتالية. لن تتضمن ما يرفع مستوى القوات. لن تتضمن ما يلزم الولايات المتحدة بالاشتراك مع العراق في حرب ضد بلد آخر أو توفر التزامات أمنية مماثلة. ولن تتضمن ما يفوض بوجود قواعد دائمة في العراق (وهو شيء نحن والعراقيون لا نريده). وفيما يتسق مع الممارسة المستقرة فيما يتعلق بهذه الاتفاقيات، فلن تقتضي هذه الاتفاقية تصديقا من مجلس الشيوخ الأمريكي عليها، برغم أننا سونف نعمل عن قرب مع اللجان المختصة في الكونجرس حرصا على أن يبقى المشرعون مطلعين على ما يحدث وتوفيرا للشفافية الكاملة. وقد بدأت بالفعل جلسات افادة سرية، ونحن نتطلع الى رأي الكونجرس.
اختصارا، لن يتم التفاوض خلال الشهور القادمة على أي شيء يقيد من يد رئيس الأركان القادم، مهما يكن شخصه أو شخصها. بل على العكس، ستعطي المفاوضات للرئيس السلطة الشرعية لحماية مصالحنا الوطنية والمدى اللازم لرسم مسار ادارته القادمة.
ان ثمة ادراكا بين الكثيرين على أن هناك احتياجا الى مثل هذه العلاقة الطبيعية الثنائية. وهي تحظى بدعم القوى السياسية المعتدلة في جميع الطوائف العراقية: السنة والشيعة والأكراد.
كما أن ثمة مجموعة من النواب الأمريكيين من كلا الحزبين قد دعت الى هذه الاتفاقية من بينهم كارل ليفن وجون وورنر وريتشارد لوجار. كما كان من بين الدافعين الى هذه الاتفاقية هيئات تنتمي الى كلا الحزبين مثل اللجنة المستقلة لقوات الأمن في العراق، والتي يرأسها الجنرال المتقاعد من البحرية الأمريكية جيمس ل جونس.
وبالمثل، ناصرت لجنة تقرير بيكر/هاملتن سلسلة من المهمات بعيدة المدى التي تقتضي اتفاقية من هذا النوع.
لا شك أن 2008 سوف يكون عام تحول حساس في العراق مع استمرار مستويات قواتنا في التناقص، وتغير طبيعة كهمتنا، واستمرار العراقيين في تأكيد سيادتهم.
غير أن العراقيين طلبوا من أجل الاستمرار في النجاح الذي نشهده عبر الشهور الأخيرة أن يتم تطبيع العلاقات معنا، وسوف تكون هذه العلاقات أساسا للنجاح في العراق، أساسا يمكن أن تبني عليه الادارة الأمريكية القادمة.
كوندليزا رايس وروبرت جيتس
وزيرة الخارجية ووزير الدفاع الأمريكيان