أي كتاب عربي لرؤية عربية لا يمكن أن يكتب إلا بلغة عربية لا بحروف لاتينية، ولا يمكن أن يقرأ إلا بفهم وتفسير عربي يفهم قواعد النحو العربي لا الغربي، كما لا يمكن قراءته من آخر صفحة ولا من الجهة اليسرى، إلا لأولئك الذين تدفعهم أمركتهم أو أنجلتهم أو فرنستهم للقراءة من الجهة اليسرى بثقافة لاتينية بفكر غربي وبقلب غير عربي.
وأي قرار عربي أو إسلامي من جامعة الدول العربية، أو إسلامي من منظمة المؤتمر الإسلامي، سواء كان موجها إلى منظمات المجتمع الدولي أو تنظيمات المجتمع العربي أو الإسلامي لن يكون قابلا للتأثير والتطبيق العملي ما لم يصدر عن وزن عربي أو إسلامي يشكل ضغطا عربيا بالثواب والعقاب يمكن أن يكون له حساب.
ولا وزن ولا قدرة على التأثير أو الضغط ما لم تصدر المواقف العربية والإسلامية من موقف قوة ومن قدرة على الثواب والعقاب، معاداة لمن يعادينا ومسالمة لمن يسالمنا، ولا قوة بلا وحدة للصف، ولا وحدة للصف بلا وحدة في الهدف، ولا وحدة في الهدف بلا توافق حول رؤية مشتركة، ولا توافق بلا حوار لحل الخلافات حول المبادئ والمصالح، ولا حوار إلا بين مختلفين لا بين متفقين، كما لا حوار يمكن أن يدور عن بعد، ولا بشروط مسبقة، ولا بغير مشاركة أطراف الخلاف الحقيقيين.
ومن بين الملفات العربية الخمسة الساخنة، يفرض الملفان الفلسطيني واللبناني نفسيهما بإلحاح على الاهتمام العربي الشعبي والرسمي، ويتقدمان بطبيعتهما المتفجرة والمنذرة بالخطر، والمؤثرة على مجمل الوضع العربي على غيرهما من الملفات الثلاثة الأخرى، في ظل واقع انقسام وطني فلسطيني ولبناني، تحت تهديد عدو محتل صهيوني يسر العدو ويؤلم الشقيق ويحير الصديق!
والمدخل لحلول الأزمات الوطنية خصوصاً في كلا البلدين الشقيقين ذات الامتدادات العربية والإقليمية والدولية لا يمكن أن تتحقق بغياب التوافقات الوطنية أولا، ولا في أي من هذه الدوائر بأولويات عربية وإقليمية ودولية على الحلول.
لكن المشكلة هي في محيط عربي ينبئ بالخلاف والانقسام السياسي والمذهبي، بفعل شكوك غير مبررة ،ومخاوف قديمة وخلافات عقيمة مصدرة لإحداث شروخ ومحاور ومواجهات مقررة، وفى ظل استجابة غير مفهومة بعلاقات حميمة مع الأعداء، دون استجابة غير مفهومة للتوافق مع الأشقاء والأصدقاء حول القضايا المشتركة، وفى ظل القبول العربي في أنابوليس بطي صفحة «مبادرة السلام العربية»والقبول بالأولوية لـ «خارطة الطريق الأميركية»!!.
والمشكلة أيضا هي في ظل حواجز وهمية بين دول عربية ودول إسلامية سياسية ومذهبية، مع إضرار ذلك البالغ بالأمن القومي العربي والأمن الإقليمي العربي والإسلامي معاً، تماهيا مع الأجندة الأميركية والصهيونية.
وذلك على الرغم من تعرضهم جميعا بمعتدليهم ومتطرفيهم، وبسنتهم وشيعتهم وبعربهم وبفرسهم للخطر الواحد ومن نفس المصدر الواحد، وبالرغم من وقوفهم الجبري في خندق واحد للدفاع عن قيمهم واستقلالهم وأمنهم في مواجهة الحرب الصهيو أميركية المفروضة عليهم وفى كل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، تلك الحرب ،المعلنة على لسان بوش، الطويلة وعلى مراحل «في البلاد العربية والإسلامية»!
في واقع عربي وإسلامي هذه وقائعه المؤسفة وهذه مقدماته ووسائله ونتائجه المفلسة، وتزداد فيه الفجوة تدريجيا بين القول والفعل الرسمي عن الفكر والأمل الشعبي، بفعل ما يبدو من سوء المقدمات وسوء الوسائل وسوء النتائج، وصلنا إلى ما نحن الآن بسبب غياب وحدة الهدف ووحدة الصف الذي أدى إلى الانقسام والضعف القومي والوطني.
لكن الكتاب العربي الموجه إلى الأطراف اللبنانية والفلسطينية بلغة عربية واضحة لا تحتمل التفسير، قرأته بعض الأطراف اللبنانية والفلسطينية والعربية بتفسيرات مختلفة نتيجة لغياب الحوار العربي الحقيقي وبالتالي لغياب الوفاق العربي الحقيقي حول الرؤية الاستراتيجية الصحيحة لضرورات الأمن الوطني والقومي والإقليمي.