إذا كان لدى الولايات المتحدة معلومات استخبارية جيدة ولها مصداقية يمكن الاعتماد عليها ضد زعماء تنظيم القاعدة في المناطق القبلية في باكستان، فينبغي عليها بكل تأكيد أن تتصرف بناء على هذه المعلومات بالتنسيق مع القيادة الباكستانية.
وفي الواقع لقد رأينا بالفعل أنه قد تم تنفيذ هجومين موجهين ضد مخابئ الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري في باجاور، أحدهما في يناير عام ،2006 والآخر في أكتوبر 2006 أيضا. ويوضح هذان الهجومان أنه عندما تكون هناك معلومات استخبارية يمكن العمل على أساسها فسيتم اتخاذ الإجراء المناسب على الفور.
وبينما اتفق على أن القضاء على معاقل الإرهابيين في المناطق الحدودية الباسكتانية، ينبغي أن يشكل الهدف الأول لجهود الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب في عام ،2008 إلا أنني أختلف حول أفضل الوسائل لتحقيق هذا الهدف. إن قيام الولايات المتحدة بتنفيذ عمل عسكري متعجل في الأراضي الباكستانية يمكن أن يكون له الكثير من ردود الأفعال العكسية، كما أنه يمكن أن يؤدي إلى زيادة التهديدات الإرهابية العالمية القادمة من جنوب آسيا.
علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي تصرف كهذا إلى حدوث تمرد داخل الجيش الباكستاني، وبالتالي زعزعة استقرار الحكومة الباكستانية، وتحويل دفة الميزان لصالح المتطرفين الإسلاميين.
وبناء عليه فإن هذا العمل يمكن أن يكون بمثابة تلك الحادثة المزعزعة للاستقرار التي يريدها تنظيم القاعدة لكي يحاول السيطرة على باكستان وعلى ترسانتها النووية.
يتجاهل مرشح الرئاسة الأمريكية السيناتور باراك أوباما حقيقة أن الباكستانيين يتعاونون بالفعل مع الولايات المتحدة ضد أهداف القاعدة، وقد قامت باكستان باعتقال عدد كبير من كبار قادة تنظيم القاعدة وتسليمهم إلى الولايات المتحدة بمن فيهم مخطط ومدبر أحداث الحادي عشر من سبتمبر خالد شيخ محمد.
كما لم يشأ أوباما أن يتحدث عن التنسيق الوثيق بين القوات الأمريكية والقوات الباكستانية في المناطق الحدودية بين باكستان وأفغانستان.
وعلى الرغم من أنه ربما لا توجد قوات أمريكية متمركزة على الأراضي الباكستانية، إلا أنها تعمل على الحدود في أفغانستان ويتواصلون بانتظام مع نظرائهم الباكستانيين.
تجدر الإشارة أيضا إلى أن باكستان لديها حوالي 100000 جندي متمركزين على الحدود مع أفغانستان.
ثمة مشكلة واحدة في التصريحات التي أدلى بها أوباما وهي أنها تبدو وكأنها تهديد مباشر للشعب الباكستاني، وتوجد شعورا بعدم الأمن تجاه دور الولايات المتحدة في المنطقة.
وبدلا من الإدلاء بتصريحات تنطوي على تهديدات، ينبغي علينا أن نركز على إقناع الباكستانيين أن هؤلاء الإرهابيين يشكلون تهديدا مباشرا لأمنهم القومي ومصالحهم، وينبغي أيضا أن نركز على تطوير نهج استراتيجي مشترك لمعالجة تلك القضية.
كان مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مايكل هايدن قد أدلى بهذه النقطة مؤخرا عندما قال إن القلاقل التي تشهدها باكستان على مدى الأسابيع الماضية قد ساعدت في تعميق التعاون الأمريكي الباكستاني وألقت الضوء أكثر على المصالح المشتركة بين البلدين.
بالإضافة إلى اقناع باكستان على المشاركة في استراتيجية تعمل على الاستفادة من المعلومات الاستخبارية الأمريكية واستخدام الموارد العسكرية الأمريكية للتعامل مع الوضع في المناطق القبلية، ينبغي على واشنطن إقناع باكستان أيضا بضرورة العمل على تقويض الإيديولوجية الطالبانية القاعدية والتخلص تماما من التشدد الإسلامي.
إن وجود قدر من التعاطف والعلاقات بين بعض العناصر في المؤسسة الأمنية الباكستانية والجماعات الإسلامية المتشددة التي كانت تحارب في كشمير في السابق، أو مع طالبان في أفغانستان، يحد من قدرة باكستان على أن يكون لها اليد الطولى في مواجهة تهديدات المتطرفين.
لقد كان الهجوم على المسجد الأحمر في يوليو الماضي بمثابة نقطة تحول في صراع باكستان مع التطرف. إن معظم التفجيرات الانتحارية التي وقعت خلال الأشهر الستة الماضية، والتي كانت تستهدف قوات الأمن الباكتسانية، جاءت كعمليات انتقامية ضد العملية العسكرية في المسجد. لا شك ان الوضع في باكستان مائع ودقيق وبحاجة إلى دبلوماسية استراتيجية وليس إلى تصريحات استفزازية.
أنا أختلف مع الفكرة القائلة بأن ربط المساعدة الأمريكية «بالأداء والنتائج» سوف يخدم أهداف الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب.
إنها هذه الفكرة لن تؤدي إلا إلى تغذية المفهوم القائل بأن الولايات المتحدة تستخدم باكستان لتحقيق اهدافها الخاصة، وليس إظهار أن الولايات المتحدة وباكستان شريكان في المعركة ضد التطرف.
ليزا كيرتس
كبيرة الباحثين في مركز الدراسات الأسيوية بمؤسسة هيرتيج.
لوس أنجلوس تايمز