هذه الموضوعة جدلية بإمتياز وفيها وعليها ، ثمة أقوال وأراء متناقضة ، كما أن هناك إسقاطات معرفية جرى فيها خلط بين المعنى المعجمي والمعنى الدلالي للفظة ، من غير فرز ولا تحقيق بينهما مما جُعل من المعنى الدلالي هو ذاته المعنى المعجمي ، وجرى هذا الخلط في لغة أهل التراث وإستخداماتهم و في كتبهم ومنتجاتهم ، وعُمم هذا المعنى في الأدب الفقهي تحت بند وحدة المعنى المُدعاة .
لكن اللفظ في الكتاب المجيد دلالته ومعناه بعيدين عن المعنى المعجمي ، فالله حينما يقول : - [ ما ننسخ من آية أو نُنسها نأت بخير منها أو مثلها ] - البقرة 106 - ، نرآه يتحدث في حدود سياق الإمكانية والقدرة المطلقة له تعالى ، ( أي إن الله قادر بالفعل وبالقوة على ذلك ) ، ولكنه لا يريد القول إنه سيفعل ذلك في الكتاب المجيد في نصوصه وأحكامه ، أي إن الحديث عن القدرة والإمكانية المجردة أو الخالصة ، بمعنى أدق : - إن الله في الكتاب يصف نفسه بالقدير والقادر على تغيير آيات الخلق والكون - ، وهذه الصفة مرتبطة بطبيعته كخالق ومكون لهذا الكون وآياته ، وليس بمعنى : - إن الله بعد ما نزل الكتاب المجيد قام بعملية نسخ وتبديل في الأحكام - ، وهذا الكلام يشبه قوله تعالى : - ( يمحوالله ما يشاء ويثبت ) - الرعد 39 - ، أي إن الكلام هنا يتمحور حول جهة الإمكانية والقدرة على نحو مطلق ، ولا يتعلق الأمر بما ورد في الكتاب المجيد من نصوص وأحكام ، ذلك ان هذا الكلام إن أُرُيد به نصوص الكتاب وأحكامه ، يكون كلاماً غير مقبول من الناحية الموضوعية .
تتمة موضوع "النســــــــــــخ و التناســــــــــــــــــخ ـــــــــــ آية اللة الشيخ إياد الركابي "