علي المرهجعنوان يبدو متناقضاً في الوهلة الأولى، ولكنه عند (عبدالكريم سرّوش) لا تناقض فيه ولا استفزاز إلَا لمن هو لا عقل له، أو قاصر الفهم، فالعلمانية عند (سرّوش) "تطابق إدارك الأنبياء مع ما وصل له العقلاء، لأن الأنبياء اكتشفوا التوافق بين مطلوب الله (الشرع) ومطلوب العقل (الحكمة)، وما الأنبياء غير طريق مباشر لمعرفة الله تعالى، فخبر الأنبياء أنهم أعلمونا بأن امكانية أن نسلك طريق الحق يضمنه السير وفق ما أخبرونا به، أو وفق ادراكنا العقلي لهذا الطريق، وهو قول يتوافق أو ينسجم مع فلسفة ابن رشد حيناما قال (الشريعة حق) و(الحكمة حق) والق لا يُضَادَ الحق، بل يوافقه ويشهد له. فطريق التعاليم السماوية بحسب (سروش) هو ذات الطريق الذي يسلكه العُقلاء بعيداً عن مُقتضيات الأهواء والشهوات الفردية.
مقاصد الإيمان لا تتعارض مع مقاصد العقل، "فالمؤمنون لا يتحركون في طريق يختلف عن طريق عُقلاء الناس".
الإنسان العاقل هو الإنسان الفاضل = الإنسان المؤمن هو الإنسان الفاضل، وبهذا فالربط بين المؤمنين والعقلاء هو الفضيلة، والفضيلة منبع الأخلاق وأصلها بعبارة (برغسون)، ولكن هذا لا يعني مرادفة الأخلاق للدين، فكل دين ينبغي أن يكون أخلاقياً، ولكن ليس كل ما هو أخلاقي يلزم أن يكون دينياً، لذا تكون مهمة الدين متماهية مع قول الرسول الأعظم (إنما جئت لأتمم مكارم الأخلاق، بمعنى أن مكارم الأخلاق موجودة قبل الإسلام، ولكن أهل الجزيرة العربية يحتاجون لدفع وحياني لاتمامها.
في ضوء ما سبق، يُمكن لسروش أن يفترض أن علمانية الدين هي من ايجابيات الدفاع عنه لا كما فهم (المتطرفون) أنها مُناقضة له، لأن العقلاء الذين لا يسيرون وفق شهواتهم لا تناقض عندهم مع المؤمنين الذين يسيرون مع الله ولا يتبعون شهواتهم، فكلاهما قريب من طريق الحق