تاريخ الإنسان هو تاريخ التحرر من قيود الطبيعة أو من الأوهام والخرافات أو من قيود النظم الاجتماعية والسياسية السائدة. فعندما ظهر الإنسان الأول، كان شأنه شأن كافة الكائنات الأخرى في خضوعه المطلق للبيئة المحيطة به. فهو يأكل بما تجود به الطبيعة عليه ويسكن الكهوف والمغارات، ولا تكاد تكون له قوة ولا حول. وبالتدريج استطاع الإنسان أن يتلاءم مع هذه البيئة وأن يطورها، حتى اكتشف الزراعة وبدأ الاستقرار وظهرت الحضارات الكبرى. وجاء ت الثورة الصناعية تتويجاً لسيطرة الإنسان على البيئة المحيطة. وها هو يزداد تحرراً يوماً بعد يوم من أعباء البيئة، فلم يعد يحول بينه وبين العيش في أي مكان برد قارص أو حر قارظ، وهو يجوب اليابسة بمركباته كما يمخر البحر بسفنه ويحلق في السماء بطائراته. فسيطرة الإنسان على الطبيعة تزداد يوماً بعد يوم، ومن ثم يزداد حرية وانطلاقا.
تتمة موضوع "الحريات السياسية وضوابطها ــــــــــ د. حازم الببلاوى"