لو لم أكن مسلماً ماذا عساي أقول في "فتح الاسلام "، التنظيم الذي أعاد إغراق لبنان في الدم والدمار؟. والذي هزّ أركان الأمن والاستقرار في بلد يتعطش الى الهدوء والسلام، وأساء الى القضية الفلسطينية. لو لم أكن مسلماً ماذا عساي أقول في هذا التنظيم الذي انتهك حرمة الاسلام واسمه وشوّه صورته المشوّهة أصلاً بفضل أعمال قامت وتقوم بها تنظيمات من مثله؟..
لو لم أكن مسلماً ماذا عساي أقول في "جيش الاسلام"، التنظيم الذي اختطف في غزة الصحافي البريطاني مراسل محطة "بي.بي.سي" ألن جونز منذ أشهر والذي أساء اختطافه الى القضية الفلسطينية والى الاسلام في الاعلام العالمي كما لم يسئ اليها أي تنظيم آخر؟. لو لم أكن مسلماً، ماذا عساي أقول في الاسلام اذا كانت كل هذه الموبقات ترتكب باسمه؟. من جريمة أيلول 2001 في نيويورك وواشنطن الى جريمة بالي في أندونيسيا وجريمة قطار الأنفاق في لندن وقبل ذلك في مدريد، وبعد ذلك في شوارع مدن المغرب والسعودية والجزائر ومصر والأردن.. لو لم أكن مسلماً كيف أرسم خطاً فاصلاً بين الاسلام وهذه الأعمال الاجرامية التي ترتكب باسمه؟. لو لم أكن مسلماً، من أين لي المعرفة وحتى حسن النية حتى أقوم بمثل هذه المهمة الشاقة؟. لو لم أكن مسلماً كيف أنظر الى هذه الأعمال والى مرتكبيها؟.. لو لم أكن مسلماً كيف أتعامل مع أصوات الشجب المخنوقة أو الخجولة أو المترددة التي تصدر عن هذه الجهة الاسلامية أو تلك؟. يمكن أن نفهم قيام تنظيمات تعكس رد فعل على الظلم الشديد الذي يلحق بالشعب الفلسطيني أو بالشعب العراقي.. او بالشعب الأفغاني.. أو بأي شعب عربي أو اسلامي مظلوم ومنكوب. ويمكن تبرير قيام مثل هذه التنظيمات على أنها تعبير عن تقصير الدول العربية والاسلامية، وحتى عن تقصير المنظمات الاساسية التي ترفع شعارات مقاومة الاحتلال ومناهضة انتهاك الحقوق الوطنية والانسانية للشعوب المغلوبة على أمرها. ولكن ما لا يمكن فهمه أو تبريره هو استخدام الاسلام يافطة لارتكابات تمعن في الاسلام تشويهاً وتضليلاً وافتراء. وتحاول ان تجعل منه عباءة تخفي تحتها سلوكاً اجرامياً وأهدافاً تخريبية لا تمتّ الى الدين الاسلامي بصلة.. ولا يمكن ان تفيد اي قضية وطنية او انسانية عادلة.. لقد استبيح الاسلام إسماً ورمزاً وشعاراً من خصومه ومن مدّعي الدفاع عنه على حدّ سواء. واذا كان استغلال الخصوم له أمثال الحركة المسيحانية الصهيونية في الولايات المتحدة، او الحركة الصهيونية اليهودية العالمية وامتداداتها في أجهزة المال والاعلام والسينما والتلفزيون.. الخ هو أمر متوقع ومحسوب، فان استباحة الاسلام من قبل شرذمة من المحسوبين عليه أمر غير متوقع وغير محسوب.. انه يلحق بالاسلام ظلماً أشدّ على النفس المؤمنة من أي ظلم آخر. من هنا السؤال: الى متى تستمر استباحة الاسلام في أعمال ارهابية؟ والى متى يستمر سكوت العالم الاسلامي بكل مرجعياته المسؤولة عن هذه الاستباحة؟. والى متى يستمر توظيف هذه الاستباحة في حملات التشويه المبرمجة التي يتعرّض لها الاسلام في مشارق الأرض ومغاربها؟. الا تشكل هذه الارتكابات الوجه الآخر لحملة التجني هذه؟. أليست أحد المصادر الأساس لتغذيتها بالمادة اللازمة للمضي قدماً في الطعن والتجريح والاساءة؟ وبالتالي، ألا تعطّل كل مسعى يعتمد الفكر والمنطق والحجة لتقديم الاسلام على حقيقته الى العالم دين محبة وسماحة وسلام؟ ان المؤسسات المالية والتجارية تقيم الدنيا ولا تقعدها عندما يساء استغلال اسمها التجاري. وقد وضعت تشريعات وطنية ودولية لصيانة حقوق الملكية الشخصية والعامة وفي مقدمتها "الاسم التجاري". ولكن الاسلام الذي هو دين سماوي ورسالة الله الى العالمين يُستباح اسماً، ويُشوّه معنى، ويُستغلّ عقيدة حتى في ارتكاب جرائم ضد الانسانية وجرائم ضد قيمه ومبادئه وتعاليمه، من دون اي إجراء فعّال يكون في مستوى القدرة على كبح جماح هذه الاساءات. من هنا السؤال: كيف يمكن فك الارتباط بين العصابات الاجرامية والاسلام؟. ومن هي الجهة المؤهلة للقيام بهذا الواجب الديني والاخلاقي والوطني؟. ان عملية من هذا النوع ليست ضرورية فقط حفاظاً على صورة ورسالة الدين الاسلامي، انما صيانة لمبدأ النضال الشريف ضد الاحتلال ايضاً. فقد تداخل النضال الوطني بالاجرام الأعمى. كما تداخل الارهاب بالاسلام. ومن السذاجة الاعتقاد بأن ذلك يحدث صدفة وعن غير سابق تصور وتصميم.