Saturday, October 20. 2007
أن لفط القانون عند الشيخ الركابي مأخوذاً بمعناه المطلق . ويطلق على كل حالة يخضع فيها الأفراد . منظوراً إليهم على حدٍ سواء أكان الأمر متعلقاً بمجموع الموجودات أو ببعض الموجودات المنتمية إلى نفس النوع لقاعدة سلوك واحدة محددة,
ويقول . أن القانون يكون معتمداًعلى ضرورة طبيعية عندما يصدر بالضرورة من طبيعة الشئ ذاتها أو من تعريفه ,ويكون معتمداً كذلك على القرار الإنساني ويسمى عندئذ بالأخرى قاعدة تشريعية عندما يفرضه البشر على أنفسهم وعلى الأخرين لجعلوا الحياة أكثر أمناً وأكثر يسراً أو لأسباب أخرى .
والركابي يعتبر القانون آلية غير جامدة ويسبغ عليها صفة العلمية .
أي أنه يمتلك ذاتاً النظام الذي يؤهله أن يقود الجماعة بحيث تكون فقراته قائمة بالتوازن مع الحق الطبيعي الذي لا يضفي عليه الصبغة الشرعية فحسب ,بل ويؤكد على الألتزام ببنوده مما يجعلنا ندرك إنما هو ذاته حق طبيعي لكنه غير مدون هذا من الناحية النظرية فقط . ويقول : أما حينما نجعلة توكيد للحق والزام به إنما نضفي عليه الصبغة التدوينية , التي هي بالأحرى نظام من الضوابط والالتزامات العامة التي لا يكون الإخلال بواحدة إخلال بالإفراد المجتمعة فحسب بل وبالماهية والكمال له ,
وهذا الترجيح كما يراه الشيخ الركابي ليس تأويلاً قابلاً للاحتمالين بل هو كشاف في عين الوقت عن العلل القريبة المنشئة والمكونة للقانون ذاته ويتحصل العلم بها مجرداً عن موضوعاتها الإحتمالية وعللها المباشرة, لكنما هو يحعلها بالذات غرض الأمكان الضروري للعقل البشري بجزئيه .وقد يظهر الإطلاق فيه يأتي مجازاً,
ويقول : أننا لا نقصد من لفظة الإطلاق منه إلامجموعة الأوامر والنواهي التي يحتويها .
ويشكل على أساسها مجموعة النظم الحادة منها والمبيحة لها .
ويعتقد الشيخ الركابي : أن مجرد النظر إلى الهيئة التشكيلية له تبادرنا علاقات أنتصابية واكتسابية وقهرية وهذه فيه لا تأخذ شكل الصدفة في التكرار والألزام إنما تعود إلى صياغة مسبقة لأوجه نشاطات العقل في مقدمات المواضيع الممكن والمحتمل الحكم فيها أو عليها .
يقول: أنها ليست ميكانيكية آلية تستنتج من الطبيعة التقليدية , ولاهي دينامية لا شعورية . بل هي مجموعة نظم لضوابط حددت بأتقان وعلم مما يوحي عن مشاركة فاعلة في صياغتها وبرمجتها , ويقول : هذه لاتعزى إلا للعقل بأعتباره أداة الربط القابل على تحريك الإرادة والفعل ضمن المشيئة والإختيار المناسب للطاعة القائمة بذاتها والموجبة تقريراً بالبرهان في العقل , وعليه فالقاعدة عند الركابي تشمل الطبيعة والأمر بها كذلك تشمل التشريع والأصل فيه , وهذا لا يكون قائم بالتكوين إلا بمفاد تعليق الحكم على الصحة والخطأ وهو ما يقوم به العقل وحده ,
ولكنه هنا يجدر أن ننبه إلى أن الركابي : يقسم القانون إلى قسمين , قانون إنساني وقانون إلهي , ويعني بالقانون الإنساني القاعدة للحياة مهمتها الوحيدة هي المحافظة على سلامة الحياة والدولة وتقديرات القانون الإنساني تشكل الحاجات العرفية والأدبية والأخلاقية في المجتمع ,والذي يثبت الصح فيها من الخطأ ,لا ذات الطبيعة في الحاجة بل العقل من المعنى العام للمفاهيم الأنشائية .
وأما القانون الألهي فيقول عنه : أنه القاعدة التي لاتهدف إلا للخير العام أي إلى المعرفة الحقةوإلى حب الله وهذه تكفي في معرفة ان الهدف هو إنشاء نظم مشتقة من قاعدة كبرى لمفاهيم وأعتقادات ومبادئ منطقية وعقلية تتعلق بالفرد والجماعة والمطلق . وهذا بدوره يشكل قناعة مشتركة أصلها العلاقة التكوينية التي تضفي على مجمل القانون بشقيه العلاجات والنتائج . وهذا ما يؤكده الركابي : ضمن ثوابت صادقة لا تقبل التأويل إذا كان ما في الظهور ما يغني عن أستكشاف الحق المؤدي للمعرفة عبر استنباط الحكم من موضعه العام,
ويستطرد الشيخ الركابي ويقول بالأستنباط يقوم بالدور الكاشف المؤدي إلى المعرفة الحقة.
يقول: لما كان العقل أفضل ما في وجودنا فلاشك إننا إذا أردنا حقيقة البحث عما هو نافع , فعلينا : أولاً . وقبل كل شئ أن نحاول الأرتقاء بعقلنا بقدر الإمكان ,لأن خيرنا العام يتحقق في هذا الأرتقاء ,
وفضلاً عن ذلك فإن معرفتنا كلها وكذلك اليقين الذي يقضي ,بالفعل على كل شك يتوقف على معرفة الله وحدها ,
لأن الشئ لا يمكن أن يوجد أو يتصور بدون الله ,
ولأن في إمكاننا ان نشك في كل شئ طالما لدينا عن الله فكرة واضحة ومتميزة ويتبع عن ذلك أن خيرنا العام وكمالنا يعتمدان على معرفة الله وحدها ,
فضلاً عن ذلك , فلما كان يستحيل وجود شئ أو تصوره بدون الله فمن المؤكد أن كل موجودات تحتوي على فكرة الله وتعبر عنها حسب درجتها في الماهية والكمال . ويقول : أن ذلك يتضح أنه كلما أزدادت معرفتنا بالأشياء في الطبيعة كانت المعرفة التي نحصل عليها بالله اعظم وأكمل .
يقول : أن معرفة المعلول عن طريق العلة ليست إلا معرفة لخاصية معينة للعلة .
وكلما عرفنا أشياء أكثر في الطبيعة كانت معرفتنا لماهية الله ( وهو علة الأشياء جميعها )أكمل , إذ أن الخير العام لاتكون معرفتنا به تامة دون المعرفة بالله ,
أي انها فيه بالكلية وهذا يؤدي إلى كمال الفرد يكون بنسبة طبيعة وكمال الشئ الذي يوده فوق كل شئ ولعل العكس أيضاً صحيح,
( وعلى ذلك يقول سبينوزا: فإن من يفضل المعرفة العقلية لله أي للموجود المطلق الكمال على كل شئ ومن تزيد نشوته بها يكون بالضرورة هو الأكمل ويشارك في السعادة القصوى . ففي هذا أذن أعني المعرفة هي السعادة القصوى حينما تكون مترشحة من الله )
يقول الشيخ الركابي : أن لتحقيق تلك السعادة علاقة منشئة هي ركن السعادة الأول ما يدلي به عليها هو ذلك التصور اللامجهول للحقيقة الطبيعية ,
أي أنه بدونها لايشعر بأنه يمارس الدور الذي يشكل له قاعدة للحياة حالما يكون ذلك الشعور ليس فقط العلاقة المركبة الخاصة لآنه لا يتم للقاعدة حركتها إلا بفعل عموم الإتجاه الشامل للمركب والبسيط , بحيث تبقى قاعدة ليست جامدة .
ومن هنا فهي أيضاً تكتسب شعور المعرفة بالكلي الذي يسبغ عليها الطبيعة الألهية إذ هو معها يستحيل التفكيك بين ما هو إنساني أو ألهي طالما نتيجة الكل بإتجاه الوعي المشترك بالسعادة .التي هي الخير العام المستهدف جدلاً من حركتي العقل الشعورية والإحساسية .
فالنظم المستمدة منه إنما تركز على التوافق الطبيعي الواجد للسعادة في غايتها القصوى أي أن للأخلاق أيضاً عمل من القاعدة لكنه مكتسب بالمعرفة والحب في الشرطين التامين .
ولا اعتقد ان الإجابة عن الحقائق تستمد من موضوعاتها المجردة لأنها لا تشكل الحل بما هو وحسب مقتضى الطبيعة العامة إلا إذا كان له قابلة التدخل الإيجابي المقرر من قبل القوى الفوقية .
وهذه بدورها لا تسن قانوناً وإنما تعطي صلاحية الأمضاء بعد تحققه عقلاً .فهو الذي يستطيع نقله من وحي الفكرة المجردة إلى الحقيقة الموضوعية .
ويتابع الشيخ الركابي : ويقول فهو يكون القناعة والحل لها بما تصبح به يقينية منجزة أي فعلية مقررة,
وهذا له مقدماته الحكمية في القانون والعقل وما يتعلق بهما , ومن هنا يقول : أن لنا كل الحق أذاً بعد ما تبين أن نسمي قاعدة الحياة التي تستهدف هذه الغاية قانوناً اليها . بل أن القانون يتخذ طابع القاعدة لا بوصفها جامدة متى ما تعلقت بالهدف تصبح واحدة مع توفر شرط الوسيلة المستهدفة للقاعدة بحيث تصبح قاعدة متحركة قانونها ذاتي لكنه طبيعي أي أن له شروط التكوين الذاتي المستديم وغيره وما يوصلنا إلى ذلك سوى القدرة العقلية العملية وأحياناً النظرية العلمية .
هذامن ناحية القانون الإنساني .
أما من حيث القانون الألهي يقول : أن العلافة التي يجب أن يصار إليها ليست إلا تمام الخير في سعادة الإنسان على أن لا يكون الهدف من المعرفة الكسب المادي ,ولكن ماذا يعني الشيخ الركابي بالمعرفة , هل لها قانون عقلي يميزها ويصبغ عليها الطابع العلمي ؟ يقول : أن المعرفة هي كمال اليقين ولكنها ليست المعرفة الجامدة أو الأليه بل هي تمام الإدراك مع الإدارة المتولد عنه الحب المطلق الذي يكشف عن الرغبة القائمة على تبادل إنما لأجل الحب وحده ,
لا الخوف من العذاب كما يظهر من مدونات اللاهوتيين , وليس هو الرجاء الذي يوعز للفكرة على أنها تحصيل لذة أو شهرة بمجرد تعلقها بالمعرفة مما يفقدها شرطها الموضوعي . لأن ذلك بدئية ينافي العمل بتحصيل الخير العام ( أو الخير الأقصى كما لدى سبينوزا ) لأن المعرفة بالقانون تستتبع العلم به . والعلم لا يجرد الحق طريقته التقليدية في الكشف والبرهان عن التشريع الذي يثبته العقل كما تقدم ,
ويقول : أن هذا التثبيت ليس علة كبرى في القضية , بل هي الحد الأكبر كما هو مذهب أرسطو ,
وفيها تصبح العملية شعورية نفسانية أجتماعية تولد بطبعها حدود المبادلة الإيجابية التي تحتمها تمام المعرفة فالقول ( ماعبدتك خوفاً من نارك ولا طمعاً في جنتك ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك )
هذا يرتب تمام الممارسة في العبادة لا بحدود البيع والشراء بل الحب المدفوع بقرينة المعرفة القائمة على خاصية الوجود ,
والوجود كما يقول الحكماء : يأتي بعد الوعي أدراكاً أي أنه متأخر رتبة في تقسيم الحقيقة المفهومية , والركابي يرى:
أن هذا ليس هو التصور المجرد الذي قد تنطبق مصاديقه في قضاياه أو لا ,بل مصداق عملي نرتب عليه علة القانون ومعلولاته مع الطرق الممكنة إيجاباً وسلباً في أحقية القانون على الصعيد الفطري تشريعاً ,
أي أنه متى ما أصبح فعلياً فأنه لا يكون كذلك لوحده , بل يجب أن يستمد بالقوة من الحقيقة الموضوعية المطلقة التي تضفي عليه الصيغة التشريعية الواجبة الأتباع ,
لأنها بداهة أقيمت على أساس من النور الألهي والعقل الفعال ,
ويتابع ويقول : على أنها شاملة ومهيأة بحيث تلائم التكوين العام لطبيعة الإنسان وتهدف في ذلك إلى المحافظة عليه من الطرف الأخر ,
بتحريك قواه الفاعله عقله المدرك ,والعقل عند الشيخ الركابي , هنا يكشف عن طاقة الأول سواء في مجال التشريع أو الفعليه لأنه يرتبط بقوة التشريع المطلقة والتي تكون شاملة لأنها تعم الناس جميعاً , وهنا نكون قد أستنبطناه من الطبيعة الإنسانية منظوراً إليها في طابعها الكلي الشامل ,بحيث تكون متطلبة لعدم التصديق بالرواية التأريخية العامة المضمون أو الأعتباطية ,
لأن فرضنا على طبيعة القانون المعروف ضمناً عن طريق تأمل الطبيعة البشرية وحدها ,أي أنها تمتد مع الجنس وفي كل فردٍ وهذايلوح على التأمل التصديقي في الرواية , ويتابع الشيخ الركابي ويقول :
حتى لو أدركنا أن الواحدة من الأحاد حكمها ينقضي بالصحة لأن العقل والعقيدة ترفض الحكم بالأحاد من الروايات , كتثبيت أصل أو الدفاع عن محتوى يظن أنه من بابهم , لأن اليقين كما حقق في محله معروف بذاته مكتسب بطريق العلم بالمعرفة للمطلق , الدافعه بحكم اليقين إلى الحب بعد العلم به ,
وقد جاء في العهد القديم ( لايستطيع الإنسان أن يحب إلا مايعرفه بوضوح وتميز) لأن هذا القانون الطبيعي لا يتمسك بالأشياء التي لا تعني شيئاً في ذاتها ,
أي التي لا تحل إلا بمداخلتها لأحد الأنظمة فتكون معه . الفعل القهري المرفوض , من هذا فهو لا يتطلب أفعالاً يتعدى تبريرها حدود الفهم الأنساني في الحد الممكن والقابل للوضوح والرؤيا ,
ولكن النور الفطري قد يوصلنا إلى أشياء نجهلها بحدود الفهم الإنساني ما دام لا تنافي والمصلحة والخير العام فالجهد قد يكتسب هذه بمجرد وصوله إليها لتحقيق المنفعة والسعادة وذلك يأتي بالنور الفطري حقيقه وفي الواقع ,
أضف إلى ما تقدم فإن ما نحصل عليه هو البلوغ بالمعرفة لكشف الهوية لا الذاتية للقانون الإلهي بل طبيعة صفاته ,
وبهذا يكون عرفني نفسك قدر متعلق بظللت عن ديني وحدود التقابل هذه الدال عليها والمعرف بها هو العقل .
وبذلك يمكن القول بأن العقل هو القانون ولكنه القانون المجرد ويصبح القانون الطبيعي حالما يكتسب المعرفة من القدرة المطلقة ومعرفة الله سبحانه وتعالى !!
|